تباينت الآراء حول الدوافع وراء تصعيد الرئيس الأميركي المنتخب تهديداته بفتح «أبواب الجحيم» في الشرق الأوسط، حال عدم قيام حركة حماس بالإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين.
ورأى البعض أن هذه التهديدات تأتي في إطار «شو إعلامي»، في حين عدّ آخرون أنها وسيلة للضغط على الأطراف المعنية، بهدف إتمام صفقة تبادل الرهائن قبل دخوله البيت الأبيض.
ويشير الخبراء إلى أن تكرار ترامب هذه التحذيرات قد يكون محاولة لإظهار قدرته على حل الأزمة في وقت سريع، وهو ما يعجز الرئيس الديمقراطي المنتخب جو بايدن عن تحقيقه. وفي الوقت ذاته، يرى البعض أن ترامب يهدف إلى الضغط على لتنفيذ صفقة التبادل قبل توليه منصبه، بما يحقق وعده للإسرائيليين.
في هذا السياق، وجَّه الرئيس الأمريكي المنتخب تحذيرًا جديدًا، حدَّد فيه مهلة قصيرة للتوصل إلى اتفاق يقضي بإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة.
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، الدكتور أيمن الرقب، إن تهديدات ترامب المتكررة بشأن الإفراج عن المحتجزين تهدف إلى تحقيق «شو إعلامي». ولفت إلى أن هذا التحذير هو الثالث في أقل من 40 يومًا؛ ما يعكس استراتيجية ترامب في استخدام التصريحات الحادة لتسليط الضوء على الأزمة.
وأوضح «الرقب» أن ترامب قد يتوقع إتمام صفقة التبادل قريبًا، وبالتالي يطلق هذه التهديدات كي يظهر وكأنّ ضغوطه كانت السبب في التوصل إلى الاتفاق، وهو ما عجز بايدن عن تحقيقه خلال أكثر من 15 شهرًا.
وأكد أن مبعوثي ترامب يتحركون بين عدة أطراف في محاولة لدفع إتمام الاتفاق قبل بداية ولايته أو مع تنصيبه رسميًّا، لكنه يرى أن هذه التهديدات لن تؤدي إلى أي تأثير كبير، خصوصًا أن غزة قد شهدت دمارًا واسعًا يجعل أي تهديدات جديدة غير ذات فاعلية.
كما أضاف «الرقب» أن تصريحات ترامب بشأن إنهاء الحروب لا تتعلق بالنزاعات في الشرق الأوسط، وإنما تركز على الحرب الروسية-الأوكرانية، التي تؤثر في الميزانية الأمريكية. ورأى أن موقف ترامب تجاه النزاعات في الشرق الأوسط يتسم بتوسيع رقعة إسرائيل على حساب الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وسوريا ولبنان.
في المقابل، اعتبر الباحث في العلاقات الدولية، أحمد ياسين، أن تهديدات ترامب تأتي من باب الضغط على الأطراف المعنية لإتمام صفقة تبادل الرهائن في أسرع وقت.
وأكد أن ترامب ليس رجل سياسة دبلوماسيًّا، بل يسعى من خلال التهديدات إلى تسريع التوصل إلى الاتفاق قبل تنصيبه. وأضاف أن ترامب كان دائمًا يكرر حديثه عن تحويل الشرق الأوسط إلى «جحيم» في إطار مسؤوليته عن الدفاع عن إسرائيل، ورغبته في الوفاء بوعوده لمنظمات اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة والإسرائيليين.
وأشار «ياسين» إلى أن الإفراج عن الرهائن سيكون بمثابة دفعة قوية لترامب في بداية ولايته، مستغلًّا سمعته في تنفيذ تهديداته.
في الوقت ذاته، أكد أن ترامب سيحرص على تجنب التدخل العسكري الأمريكي في غزة أو مع حركة حماس، وأنه إذا فشل في إتمام الصفقة قبل تنصيبه، فإنه سيدعم عملية عسكرية إسرائيلية ضد حماس؛ ما سيدفع الأطراف المعنية إلى الضغط على الحركة للإفراج عن المحتجزين.
إذًا، تظل التساؤلات مفتوحة حول مدى تأثير تهديدات ترامب في تسريع تنفيذ صفقة التبادل بين حماس وإسرائيل، وما إذا كانت هذه التحركات جزءًا من استراتيجية أكبر لتحقيق أهداف سياسية في المنطقة.
هذا وكشفت مصادر فلسطينية مطلعة تفاصيل تتعلق بالمرحلة الأولى من صفقة تبادل الرهائن والأسرى المرتقبة بين اسرائيل وحركة حماس .
وبينت المصادر أن المفاوضات التي يديرها وسطاء التهدئة بين طرفي القتال في غزة بمراحلها النهائية.
وقال الصدر إن «المرحلة الأولى من الصفقة ستشمل الإفراج عن 48 أسيرًا من الذين أفرج عنهم خلال صفقة التبادل الأولى عام 2011 وجرى إعادة اعتقالهم مرة أخرى».
وأجرت حماس وإسرائيل صفقة تبادل عام 2011 تضمنت الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي كانت تحتجزه الحركة، مقابل الإفراج عن 1050 أسيرًا فلسطينيًا، أعادت إسرائيل اعتقال العشرات منهم.
وأوضح المصدر أن «أسرى صفقة شاليط سيعودون إلى منازلهم ولن يتم إبعاد أي منهم خارج الضفة الغربية»، لافتًا إلى أنه سيتم الإفراج أيضًا عن 1200 أسير خلال المرحلة الأولى، 200 منهم من أصحاب المحكوميات العالية.
وأضاف: «هناك توجه كبير لإبعاد الأسرى من المؤبدات والمحكوميات العالية خارج الضفة الغربية وقطاع غزة»، مشيرًا إلى أن 1000 أسير سيكونون من فئة النساء والأطفال والمرضى وكبار السن، وهي الفئة الإنسانية.
ووفق المصادر، فإن «حماس رفعت خلال المفاوضات عدد الرهائن الذين سيُجرى الإفراج عنهم من غزة، وهو الأمر الذي من المتوقع أن يقابل من جانب إسرائيل برفع أعداد الأسرى الفلسطينيين المتوقع الإفراج عنهم».
ورفضت المصادر الحديث عن أسماء الأسرى أو انتماءاتهم السياسية، علاوة على رفضها تأكيد أو نفي وجود أي من القيادات الفلسطينية بين الأسرى المتوقع الإفراج عنهم بالمرحلة الأولى من الاتفاق، مرجحة أن يعلن قريبًا عن الصفقة.
وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إرسال رئيسي جهازي الشاباك والموساد الإسرائيلي، والممثل السياسي لنتنياهو، وممثل عن الجيش، إلى الدوحة لاستكمال المفاوضات.
وقال مصدر فلسطيني آخر إن «إسرائيل وافقت على الانسحاب من قلب مدن قطاع غزة، خلال المرحلة الأولى من الاتفاق».
وأشار إلى أن ذلك يشمل مدينة رفح ومخيم جباليا ومحور «نتساريم» الذي يفصل مدينة غزة وشمال القطاع عن وسط وجنوب القطاع.
وأوضح أن «إسرائيل طلبت أن يكون تفكيك محور نتساريم خلال المراحل اللاحقة من تطبيق الاتفاق، لكن حماس تصر على أن يكون خلال المرحلة الأولى حتى يتمكن النازحون في وسط وجنوب قطاع غزة من العودة لمناطق سكناهم في مدينة غزة وشمال القطاع».
وتابع: «إسرائيل طلبت البقاء في بعض أجزاء محور فيلادلفيا بين قطاع غزة ومصر، على أن تخفف من وجودها هناك بناء على التقدم في تطبيق الاتفاق، وبناء على تولي مسؤولية القطاع من قبل جهة غير حركة حماس».
وأشار المصدر إلى أن إسرائيل طلبت بقاء قواتها أيضًا في مناطق على الشريط الحدودي بعمق كيلومتر على الأقل، وكيلومتر ونصف في بعض المناطق، لافتًا إلى أن هذه من القضايا الخلافية التي تنتظر حلولاً من الوسطاء.
وبحسب المصادر، فإن «عودة النازحين ستكون خلال المرحلة الأولى من تطبيق الاتفاق، في الوقت الذي ينتظر الوسطاء خلال جولة المفاوضات الجارية حاليًا في الدوحة حسم الفئات التي سيسمح لها بالعودة».
وتطالب حماس بأن يتم السماح للنازحين بالعودة دون شروط، في حين تطالب إسرائيل بأن يكون النساء والأطفال ضمن المرحلة الأولى من عودة النازحين، على أن يتم لاحقًا عودة النازحين من الرجال ممن هم فوق 20 عامًا.
وحسب تقارير إعلامية، فإن تقدمًا غير مسبوق جرى على مفاوضات التهدئة بين حماس وإسرائيل برعاية الوسطاء الإقليميين والدوليين، وسط ترجيحات بأن يتم التوصل لاتفاق ودخوله حيز التنفيذ قبل تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.