تشهد دونيتسك تصعيدًا عسكريًا حاسمًا، تسعى من خلاله إلى السيطرة الكاملة على الإقليم، مع اشتعال القتال في محاور عدة أبرزها بكروفسك، كوراخوفا وفليكا نوفسلكا.
ويعتبر خبراء في الشؤون الروسية محور بكروفسك نقطة محورية في المعارك الدائرة؛ فهي بوابة رئيسية لمناطق وسط دونيتسك، حيث تُساهم في إضعاف الدفاعات الأوكرانية في المحور الجنوبي، وقطع خطوط الإمداد الرئيسية عن جبهات تشاسيف يار، كوستانتنفكا، وتروسك.
وخلال الساعات الماضية، واصل الجيش الروسي زحفه نحو كوراخوفا، التي تشهد تصعيدًا كبيرًا، وتمكن حتى الآن من السيطرة على عشرات البلدات الواقعة في الجنوب؛ ما يضعه على أعتاب السيطرة الكاملة على الطريق الاستراتيجي الرابط بين كوراخوفا وفليكا نوفسلكا.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية عن تحرير 5 بلدات بـ”جمهورية دونيتسك”، وبلدة بمقاطعة زابوروجيا، والقضاء على 13160 عسكريًا أوكرانيا، وتدمير مئات الدبابات والمدرعات والأسلحة الغربية لقوات كييف في أسبوع.
وأشارت الوزارة الروسية، في بيان، إلى أن قواتها نجحت، في الفترة ما بين 31 نوفمبر حتى 6 ديسمبر، في توجيه ضربات للقوات الأوكرانية وتجمعات جنودها ومواقع الطاقة والبنية التحتية الحيوية التي تدعم تشغيل مؤسسات الدفاع الأوكرانية، ومراكز تجميع المسيرات، ودمرت مواقع استخبارية ومخازن للذخيرة والوقود والأسلحة الغربية.
ومع هذا التقدم الروسي غير المسبوق نحو دونيتسك، أكد الخبراء عدم وجود أي آفاق لحلول سياسية خلال الفترة الحالية، ولحين تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد .
وأضاف الخبراء أن طرفي النزاع يسعيان إلى تحقيق مكاسب عسكرية على أرض الواقع لتعزيز موقفهما أثناء المفاوضات المحتملة خلال حقبة ترامب الرئاسية.
وكشفوا عن خريطة الصراع المحتملة خلال الأيام المقبلة، حيث قال رئيس المركز الأوكراني للتواصل والحوار، الدكتور عماد أبو الرب، إن القوات الروسية تتقدم بشكل واضح في جبهات المنطقة الشرقية، وتحديدًا في دونيتسك، وإن كان تقدمها بطيئًا.
وأضاف أبو الرب، لـ”إرم نيوز”، أنه في نفس الوقت يتم إشغال كييف باستهداف أراضيها بالمسيرات الروسية يوميًا، وإن قل عددها هذا الأسبوع، لكن الهجمات مستمرة وصافرات الإنذار تدوي دائمًا.
وأكد أن التصعيد بين موسكو وكييف هو سيد الموقف الآن، رغبة من كل طرف في أن يكون صاحب موقف قوي وبارز في المفاوضات المتوقعة خلال الفترة المقبلة، بحيث يستطيع الأقوى فرض شروطه ليخرج منتصرًا من المعركة بعد نحو 3 أعوام من القتال.
وتوقع أبو الرب أن تشهد الحرب الروسية الأوكرانية تغيرات جذرية مع بداية ربيع العام المقبل، سواء في الداخل الأوكراني، كالتوافق على إجراء انتخابات، أو على الجبهة من حيث إيجاد نوع من التهدئة، وربما إيقاف الحرب، والبدء في مفاوضات مباشرة عبر وجود وسطاء متعددين، لافتًا إلى أن حل هذا الصراع سيكون عنوان العام 2025.
واختتم أبو الرب حديثة قائلًا:”الكل سيجلس على مائدة المفاوضات، ولكن قبل الجلوس، سيحاول كل طرف أن يحتل موضع قدم أكبر، بحيث يكون أكثر تأثيرًا في المفاوضات”.
من جانبه، قال الأستاذ المساعد في جامعة لوباتشيفسكي الحكومية الروسية، الدكتور عمرو الديب، إن الوضع الميداني بين دونيتسك وكييف معقد، ولا يمكن توقعه.
وأضاف الديب، لـ”إرم نيوز”، أنه مع انتظار روسيا و وصول ترامب إلى البيت الأبيض، سيكون على طرفي الصراع الحصول على أكبر مساحة جغرافية ممكنة، وأكبر مكاسب عسكرية.
وأكد أن القوات الروسية ستواصل الضغط والتحرك العسكري القوي داخل “جمهورية دونيتسك” للسيطرة على المزيد من المدن، وحتى الآن نجحت في قطع خطوط الإمدادات العسكرية عن القوات الأوكرانية المتواجدة في المحاور المختلفة، وتحديدًا داخل كوراخوفا، التي تعتبر البوابة نحو الجمهورية الشعبية.
وأوضح الديب أن الحلول السياسية لا يمكنها الانتظار، فالأمور تتأزم وتزداد سخونة بين طرفي النزاع، وتتجه إلى التصعيد، ما يعرقل أي آلية للتوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف، ولو حتى شبه كامل.
وخلص الديب إلى أن الطرف الروسي يسير بقوة نحو القتال، فيما يحاول الطرف الأوكراني مواكبة الأحداث ووقف الزحف الروسي، للحيلولة دون خسارة المزيد من الأراضي، قبل تنفيذ وعود ترامب بشأن حل الصراع.