أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في مقابلة بُثّت الأحد أنّه سيفكّر «قطعا» في الانسحاب من حلف شمال الأطلسي «الناتو» إذا لم «يسدّد الحلفاء فواتيرهم» وفق تعبيره.
 وقال ترامب لبرنامج «ميت ذي برس» على شبكة «إن بي سي»، «يجب أن يدفعوا فواتيرهم»، مضيفا أنّه «قطعا» سيفكّر في إخراج الولايات المتحدة من الحلف «ما لم يعاملنا» الأعضاء «بشكل عادل»، بحسب قوله.
وكان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب التقى قبل أسبوعين في بالم بيتش في ولاية فلوريدا، أمين عام حلف شمال الأطلسي مارك روته، حيث «ناقشا كل القضايا الأمنية العالمية التي تواجه حلف شمال الاطلسي» وفق المتحدثة باسم الحلف.
وبتصريح لا يتجاوز 25 ثانية لدونالد ترامب هز أركان الناتو، وأثار غضب البيت الأبيض وقلق أعضاء الحلف الجانحين كما وصفهم.. فماذا فعلت يا ترامب؟؟
بتصريحك شغلت العالم بينما عكف دبلوماسيون على تحليله باعتباره «الأكثر إثارة للجدل بشأن الناتو» من رئيس أميركي سابق، لطالما وجه انتقادات للحلف خلال ولايته.
حديث ترامب، الذي جاء خلال تجمع انتخابي في ولاية ساوث كارولينا، تضمن قوله لأحد أعضاء حلف الناتو، حينما كان رئيسا للولايات المتحدة، إنه «لن يدافع عن الدول التي لا تخصص حصة كافية من ميزانيتها إلى الشق الدفاعي»، بل وتمادى بالقول إنه سوف «يشجع روسيا» على مهاجمة تلك الدول».
تشير استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة إلى أن ترامب يتصدر بفارق كبير عن منافسته الوحيدة، نيكي هايلي، في سباق الحصول على تذكرة الترشح عن الحزب الجمهوري.
من جانبه، قال كبير مستشاري ترامب، جيسون ميلر، إن الرئيس السابق «دفع الحلفاء في الناتو إلى زيادة إنفاقهم الدفاعي من خلال مطالبته لهم بذلك، لكن جو بايدن سمح لهم مجددا باستغلال أموال دافعي الضرائب الأمريكيين».
صحيفة الواشنطن بوست قالت في تقرير لها إن بعض الساسة الأوروبيين اعتبروا أن ما جاء على لسان ترامب يمثل «تهديدا أمنيا» للقارة.
وحذر الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، في بيان، من أن «أية إشارة إلى أن الحلفاء لن يدافعوا عن بعضهم البعض تقوّض أمننا برمته «
فيما قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إن الحلف لا يمكن أن يكون تحالفا عسكريا «انتقائيا» يسير وفق أهواء الرئيس الأميركي..
ردود الفعل لم تقتصر على المستوى الدبلوماسي، بل أيضاً على المستوى السياسي في دول الناتو..
فقد نقلت الصحيفة الأميركية عن أحد كبار المشرعين الألمان نوربرت روتغن، الذي عمل مساعدا للمستشارة السابقة أنغيلا ميركل، إن أوروبا «بحاجة إلى الاستعداد لتكون قادرة على الوقوف بمفردها».
وأضاف: «يجب على الجميع مشاهدة هذا المقطع لترامب، وأن يدركوا أن أوروبا ربما لن يكون أمامها خيار سوى الدفاع عن نفسها.»
وعلى وجه الخصوص، مثّلت تعليقات ترامب قلقا أكبر لدول خط المواجهة في الناتو، مثل بولندا وليتوانيا ولاتفيا وإستونيا، التي كانت إما تحت سيطرة موسكو أو تم دمجها بالكامل في الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة.. وترتفع المخاوف هناك نظراً للحرب الروسية على أوكرانيا التي قد تمتد لوقت أطول بكثير مما كان متوقعا..
اللافت أن السياسيين الروس لم يوفروا فرصة التعليق على ما فعله تصريح ترامب بأعضاء حلف الناتو، فقالوا مازحين إنهم يتوقعون من روسيا أن تقوم بدور «محصلي ديون» الحلف.
فيما اعتبرت صحيفة «الغارديان» البريطانية، أن الرئيس الأمريكي المُنتخب  يُهيمن على أجندة واشنطن قبل نحو 40 يومًا من أدائه اليمين الدستورية.
وأشارت إلى حضور ترامب في افتتاح كاتدرائية نوتردام في العاصمة الفرنسية  يوم السبت ضمن نحو 50 رئيس دولة وحكومة، مبينة أن الرئيس الأمريكي المُنتهية ولايته  لم يكن هناك.
 وأضافت أن ذلك يرمز إلى عكس الأدوار بوضوح في كيفية استنزاف السلطة من رجل إلى آخر، موضحة أنه يبدو أن بايدن، الذي أصبح في حالة انحدار جسديًا وسياسيًا، حيث يتلاشى من المسرح الوطني الأمريكي ويلطخ إرثه بالعفو عن ابنه هانتر بايدن «الضال»، على حد وصفها.
وذكرت أن ترامب لفت الانتباه باختياراته الوزارية وتصريحاته السياسية، حيثُ بدأ في إظهار عضلاته مع زعماء العالم، موضحة أنه بالنسبة للعديد من الأمريكيين، يبدو الأمر وكأنه رئيس للمرة أخرى بالفعل.
ونقلت الصحيفة عن تشارلي سايكس، مؤلف ومذيع محافظ، قوله: «إن رئاسة بايدن تنتهي بسلسلة من الشكوى والأنين بدلاً من الاندفاع بقوة»، مضيفة: «إذا كنت زعيمًا أجنبيًا، فقد تتحدث إلى بايدن من باب الأدب ولكنك ستستمع إلى ترامب من باب المصلحة الذاتية العارية».
قالت إنه أنشأ فعليًا رئاسة ظل في مار إيه لاغو، وهو ناديه في فلوريدا، الذي أطلق عليه منذ فترة طويلة «البيت الأبيض الشتوي».
وذكرت الصحيفة أن ترامب بدأ بالفعل في التواصل مع زعماء أجانب، كما دفع تهديده بفرض تعريفات جمركية بنسبة 25% على الواردات الأجنبية رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إلى التسرع في التوجه إلى منتجع مارالاغو مع وعد بزيادة تدابير الأمن الحدودي.
كما قال ترامب إن المكسيك وافقت على إغلاق حدودها، وهو ادعاء تناقضه الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم.
ولفتت الصحيفة إلى أنه كما حدث خلال ولايته الأولى، يستطيع ترامب تشكيل الشؤون وتحريك الأسواق من خلال منشور واحد على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد تسبب في هبوط أسهم شركة «يو إس ستيل» عندما كتب على موقع «تروث سوشال» أنه سيمنع استحواذ شركة «نيبون ستيل» اليابانية عليها.
ونوهت الصحيفة بأن ترامب يستغل قوة سوق الأوراق المالية، ويزعم أنها انتصار لسياساته، وينسب الفضل لنفسه في عكس مسار مبادرات التنوع والمساواة والإدماج في شركات مثل «وول مارت».