كشف المستشار المالي للحكومة، مظهر محمد صالح، عن أبرز معالم الرؤية الاقتصادية للحكومة خلال 2024، فيما أشار الى أبرز التحديات الاقتصادية في 2025.
وقال صالح في حوار خاص مع «الزوراء»: إن «الرؤية الاقتصادية لحكومة السيد السوداني تجسدت لأول مرة بتجسيد الفلسفة الاقتصادية للنظام الاقتصادي في العراق، وهذه الفلسفة تقوم على الشراكة بين الدولة والسوق أو ما يسمى بالدولة والقطاع الخاص، وأخذت أبعاداً جديدةً لأول مرة».
وأوضح ان «البعد الاول هو اطلاق مبادرات وتأسيس مبادرات تمويلية بالحقيقة، يعني أن البلد ريعي والاموال تأتي له متدفقة، فأحسن شراكة هي الشراكة التمويلية فحتى تتحول الى اقتصاد السوق الاجتماعي تتشارك تمويليا واخذت في الحقيقة 3 مستويات، المستوى الاول هو ما يسمى بإصدار الكفالات السيادية للقطاع الصناعي الاستراتيجي، وهذه خطوة كبيرة اتخذتها الدولة بأن تكفل للقطاع الخاص بالحصول على تمويلات من خارج البلاد لتوريث خطوط انتاج فعلية وحقيقية لتشغيل الصناعات الوطنية في 5 مستويات»، مبينا ان «المستوى الاول هو الصناعات المرتبطة بالبنية التحتية وطريق التنمية مستقبلا والمستوى الثاني الادوية والمستوى الثالث هو صناعات البتروكيمياوية والتكرير وبقية الاشياء التي تحتاجها الصناعة».
وأضاف ان «المبادرة الثانية هي التي أطلقها رئيس الوزراء، ونفسها هي مبادرة تمويل التي اقرضت آلاف الشباب قروضا صغيرة ومتوسطة لتحريك سوق العمل، وهذه مهمة لتأسيس الوسط المهني الذي اختفى للأسف الشديد، وخلق للمهن الصغيرة والمتوسطة مع الكبيرة، وهذه تمتص 60% من قوة العمل بالعراق».
مؤكدا «لذلك نحن لدينا بطالة مستدامة ولا تحل هذه البطالة إلا بهذه المبادرات وهذه القوة بإعادة تأسيس الوسط المهني للعراق وهذا الاتجاه الامن، والاتجاه الثالث اليوم ان البنك المركزي اتجه الى تأسيس مصرف ولأول مرة السياسة النقدية تدخل بتأسيس مصرف اسمه مصرف ريادة هذا المصرف سيوجه قروضه الى الشباب أيضا، يعني تقديم القروض الصغيرة والمتوسطة، وربما الكبيرة الى حد ما للقوة الشابة بالعراق، وكما هو معروف فإن العراق عام 2037 سيكون من الامم الشابة تماما او ما يسمى بالهبة الديموغرافية، ومعناها ان 60% من الشعب هم في سن القوى العاملة في سن الشباب، وهذه هبة عظيمة وانتاجية عظيمة للبلد تحتاج أيضا الى تشغيل ولا تبقى معطلة لا سيما في الوقت الحاضر، ويدخل اقل من نصف مليون انسان تقريبا الى سوق العمل سنويا، أي في سن العمل وقادر عليه وراغب فيه وهذه التوجهات الثلاثة في الحقيقة هي من شكلت السمة الاساسية للدولة».
واكد ان « السمة الاخرى هي فك القيد من الاقتصاد الريعي، والدولة دخلت بنشاطات مهمة في البنية التحتية في تشغيل المصانع المتوقفة وتحريك الاقتصاد بالعمران وبالبنية التحتية، بدليل ان الناتج المحلي الاجمالي غير النفطي ارتفع الى 6% لأول مرة بعد اكثر من عشرين سنة، وهي مهمة رافقتها قدرة على الايرادات غير النفطية، وكما هو معروف ان الايرادات غير النفطية تنقبض بالنمو الاقتصادي لا سيما في القطاع غير النفطي، وهذا معناه ان الايرادات العالية للوقت الحاضر ناجمة عن ارتفاع ونشاط ايرادات نمو القطاع غير النفطي والنمو في الناتج المحلي الاجمالي غير النفطي وهي مهمة جدا، فكلما نما الناتج المحلي الاجمالي غير النفطي فالإيرادات غير النفطية أيضا تنمو وهذا تطور مهم، والبرنامج الحكومي كان يؤكد على ارتفاع الايرادات غير النفطية من 10% الى 20% وهي تقترب من الـ20%، ونتوقع ان تكون احسن بسبب الاصلاح الضريبي الذي بدأ، والإصلاح هنا ليس معناه زيادة في الضرائب وانما اصلاح السوق والتعرف على السوق بشكلها الصحيح، وبلوغ الاوعية التي لم تكن تمسها الضريبة من قبل ما يسمى بالأوعية الهاربة، وأشياء كثيرة بالحقيقة انا اعتقد انها مهمة في زيادة حصيلة الدولة المالية عدا النفط».
وأضاف «أنا اعتقد انها نجاحات كبيرة، وهناك ثورة اليوم في الاسكان والبنى التحتية لم يشهدها العراق من قبل لكن بهدوء من غير ضجة، وهي تأسيس لحركة لن ترجع الى الوراء وعقارب الساعة لن ترجع الى الوراء، وانما تتقدم لا سيما في مسائل البنى التحتية والطرق والجسور والمدارس، واليوم نحن على مفترق طرق مثلما يقولون في مسائل العمران والبناء والتشييد».
ولفت الى انه «عالميا الثروة الرأسمالية المادية المنتجة ثلثها عبارة عن الابنية والتشييد، أي كل العالم عندما تقيسه بالثروة الوطنية تقيسه بالبناء والتشييد، وهذه دلالة على التقدم الاقتصادي الذي يحصل بالعراق، وإن شاء الله الامور من أحسن الى احسن».
وفيما يتعلق بالإصلاح المصرفي، بيّن صالح ان «دولة رئيس الوزراء كان يرعى الموضوع، ورأى ان المصارف الحكومية هي مهيمنة بنسبة 88% على اصول وحركات وتداولات الجهاز المصرفي بالعراق، فقال إذا بدأت بإصلاح مصرفي فالبداية بالمصارف الحكومية وبعد المناقشات التي حدثت رأى ان العمليات المصرفية المصارف الحكومية معظمها للمؤسسات الحكومية، يعني وزارة المالية، فاليوم هناك اتجاه وهو الاصلاح المصرفي الحكومي، وفي الوقت نفسه المصارف الحكومية ليس لديها انسجام مع بقية المصارف الاهلية، فالسوق المصرفية مشتتة، وحتى نخلق سوقا مصرفية منسجمة حكومية واهلية، سوقا واحدة فنبدأ باتجاهين، وسنخرج بنتائج ان شاء الله قريبا».
واكد ان «هناك مصارف حكومية تجارية تتعامل مع السوق مئة بالمئة سواء في تمويل التجارة الخارجية او التعامل داخل الاقتصاد حالها حال اي مصرف اهلي، وهناك مصارف حكومية للعمليات الحكومية ما يسمى بالوكلاء الماليين للحكومة، وهذا يشجع على ما يسمى بحساب الخزينة الموحد والتدفقات المالية الصحيحة للحكومة وبشكل واضح، وبالتالي تفصل التداخل بين مالية الحكومة وتدفقاتها عن عمليات السوق والنشاط الأهلي، وهذا مهم جدا في الإصلاح».
ولفت الى ان «مشاكل المصارف الاهلية التي عددها كبير وتعرض القسم منها الى الحرمان من الدولار او المعاقبة سواء كان بحق او باطل، لكن ايضا هناك شركة دراسة لوضع المصارف الاهلية في محاولة لدمجها مع ايجاد شركاء استراتيجيين مع دمجها في الاقتصاد بالتكامل المالي العالمي، وإبعادها عن مشاكل الامتثال وما تعرضت له وارجاعها بشكل طبيعي للسوق المالية العالمية».
وأشار الى ان «الاشهر الاولى من عام 2025 ستشهد نتائج الاصلاح المصرفي بشكل واضح، وسيعلن عنه اعلانا كبيرا». مؤكدا ان تطور المدفوعات الرقمية الدفع الرقمي الذي دخل للعراق بشكل جدا متسارع لم نكن نتوقع هذه السرعة في استخدام بطاقات الدفع الالكتروني لا سيما بالجباية الحكومية هي الاهم وبعض المؤسسات وتوطين الرواتب للقطاع الخاص، اضافة الى القطاع الحكومي العام والمسافرين واستخدام البطاقات بدل العملة الاجنبية النقدية إلا بحدود محدودة».
وأضاف ان «الناس تعودت على استخدام المدفوعات الرقمية الدفع بالبطاقة، وهذا فيه مزايا كبيرة في الحفاظ على سيولة الاقتصاد ومعرفة كيفية التصرفات المالية بدون ريب ومشاكل يثيرها غموض المدفوعات النقدية ويثيرها المجتمع المالي الدولي ضد بلدنا احيانا مثلما كان يحصل في السابق، لذلك نحن اليوم في وضع جدا حسن من حيث التقييم المتبادل مع العالم، ومن حيث المخاطر والامتثال للعراق مستقر وجيد «.
وفيما يتعلق بالموازنة، أوضح المستشار ان «2024 لا توجد فيها مشكلة وحدثت اقتراضات وهي في تقديري لا تشكل حوالي 4-5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا بالنسبة ببلد مثل العراق تعد معقول جدا والقياس العالمي 3%، ونحن ندور حول المعيار العالمي وهناك احتياجات للتمويل لسبب واحد، وهو ان الحكومة العراقية حركت كل المشاريع المتلكئة مرة واحدة، وهذا بالحقيقة طلب تمويلات وطلب اصدار سندات انجاز لتحريك المشاريع من مشاريع التنمية وتحريك سوق العمل وهي قضية تنموية، ومع الاسف البعض ينظر لها بغموض وديون، ولا يرى حجم التنمية وتحريك الاقتصاد «.
وفيما يتعلق بالواقع المعاشي والرعاية الاجتماعية، بيّن صالح ان «اليوم هناك اكثر من 12 مليون انسان يمسه دخل من الرعاية الاجتماعية، وهناك مليونان ومئتين الف اسرة تتلقى الرعاية، ومعدل الاسرة عادة اربعة اشخاص الى خمسة، وهذا يؤكد تلقي 12 مليون انسان المساعدة، يتلقى بطاقة تموينية ضعف وبطاقة صحية، بالإضافة الى دخل شهري اعانة من الحكومة، وبالتالي مستويات الفقر انخفضت الى مستوى اتصور كانت الى مستوى يمكن في 16% ، وهي كانت 23% ، فالوضع جيد، ومع ذلك هناك حوالي مليون اسرة تطلب اعانة هي في ضوء الدراسة، كما اعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وبالتالي نحن بلد يشتغل بذراعين برنامج الحكومة لديه ذراعان، ذراع هو الانفاق الاجتماعي وعلى رأسها قمع الفقر قدر الإمكان، وذراع تنموي هو الاستمرار في تنفيذ المشاريع التنموية وعدم التلكؤ».
وعن معالجة ملف البطالة، أكد «بالحقيقة اليوم عالجت الحكومة هذا الملف كما ذكرت بالفقرة الاولى بمشاريع ريادة فكل مشروع ممكن ان يشغل خمسة الى ستة من الشباب، انت تقرض واحدا وهو بالوقت نفسه يشغل خمسة الى ستة، والبنك المركزي أسس مصرفا سيعلن عنه قريبا ان شاء الله، وهو مصرف ريادة وهو مصرف مختلط لقروض الشباب بشكل واسع النطاق، وبالتالي البطالة ستلغى تلقائيا وننزل الى المستوى الطبيعي للبطالة، يعني بدل أن تكون 14% في الوقت الحاضر ستصبح 4% وهذا هو هدفنا».
وعن واقع الاستثمار، أكد «كان الاستثمار جدا مزدهرا في تقديري، مزدهر في قطاع الاعمار والتشييد والبنية التحتية، وجدا واضح اعادة تشغيل عجلات الصناعة من حيث التعليمات المسهلة للمصانع ومنح القروض، وتسهيل ضمانات القروض الصناعية كانت جدا واضحة وصدرت عن مجلس الوزراء سلسلة من الضمانات المبسطة التي تضمن حق الدولة في منح حق القروض، لكن بالوقت نفسه تسهل عمل المشاريع الصناعية».
وبشأن ديون العراق الداخلية والخارجية، أجاب المستشار «فيما يتعلق بالخارجية، فهناك مبالغات بصراحة من بعض الاخوة وأنا دائما اقول ان الديون الخارجية الواجبة الدفع الى 2028 خلال سنوات الخطة لا تتعدى تسعة مليارات قد تكون هي أكثر من هذا المبلغ بعد 2028 لان هذا حق لا أحد يستطيع انكاره، لكنها غير واجبة الدفع ولا هي قيد على العراق، ولدينا فترة راحة وتقدم ونمو اقتصادي، ومن الآن الى 2028 لا تتعدى تسعة الى عشرة مليار دولار ولها تخصيصات في الموازنة».
وتابع «أما الديون الداخلية فهي حوالي اقل من 8 تريليون دينار ومعظمها لدى الجهاز المصرفي الحكومي والبنك المركزي العراقي وهناك خطة للإطفاء تدرس داخليا وبشكل هادئ وغير مؤثر، وهي ليس لها تأثير لأنها داخل الجهاز الحكومي وتسوى داخل الجهاز الحكومي».
وعن معالجة الحكومة لأزمة سعر الصرف، بيّن صالح «صحيح هناك سعران ونعترف به، والمشكلة ان العراق تحت تأثير الامتثال العالمي بشكل كبير في تصرفاته وفي التحويلات الخارجية، لذلك أنشئت منصة، كما انها اليوم انتهت وصيّر الامر الى تعزيزات مالية للمصارف العراقية الاهلية لدى مراسليهم الأجانب، بمعنى كم يحتاجون من العملة الاجنبية نضع لهم بالخارج مقابل ان نمتص دينارا عراقيا حتى نسيطر على الدينار العراقي من جهة ونمول التجارة الخارجية من جهة أخرى، والمصارف الخارجية هي المصرف العراقي الذي يمول التجارة لتاجر ما وسيقوم بالتدقيق الى أين ستذهب الأموال، وبالتالي يتحقق الامتثال ويتحقق من مخاطر التسرب بالعملات، والذي يحدث ان 95% من الحاجة للعملة الاجنبية تتم عبر المصارف، و 5% تتم عن طريق السوق الموازي او السوق الثانوي، وليس له تأثير بدليل ان التضخم منخفض بالعراق ولا يتجاوز 4% واحيانا يقال 6% ، وباعتقادي 4-5% وهذا بتاريخ العراق يعد معقولا، وليس تلدينا مشكلات تضخم كبير تصل الى 60-70% كما كان يحدث في ايام الحصار لان تمويل التجارة معظمه يتم بسعر 1320 دينارا للدولار لذلك السوق الموازي لا تعني شيئا، والطلب على اموالها لغرض التجارة الحدودية مكلفة، لذلك بدأت تتقلص ولا قيمة لها».
وعن أبرز التحديات الاقتصادية امام الحكومة، كشف المستشار «إن أبرز التحديات هي تنويع الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل القومي بالاقتصاد او الناتج المحلي الإجمالي، أي يجب ان ترتفع مساهمات الصناعة والزراعة والخدمات في الناتج المحلي الاجمالي عدا النفط، وهي بدأت ترتفع شيئا فشيئا، وبالوقت نفسه ترتفع مساهمة الايرادات غير النفطية في الموازنة، وهذان التحديان تعمل عليهما الدولة بشكل صحيح، وتعدهما أهدافاً استراتيجية لتطور الاقتصاد في التنمية المستدامة والاستقرار «.