تُعتبر الدواجن وبيض المائدة من أهم مصادر الغذاء الأساسية التي تعتمد عليها ملايين الأسر حول العالم، لما توفره من بروتين حيواني عالي الجودة بأسعار في متناول الجميع. ومع تزايد الطلب اليومي على هذه المنتجات الغذائية، يتعاظم دور صناعة الدواجن في تلبية احتياجات المستهلكين وتعزيز الأمن الغذائي.
ولكي نسلط الضوء على هذا النوع من الصناعة في العراق، لابد أن نبدأ بمعرفة الجهود التي تبذلها الجهات الرئيسية ذات العلاقة بهذا الموضوع، وأولها وزارة الزراعة الجهة المعنية بقيادة هذا العمل والسير به نحو الاستقرار.
الزوراء زارت وزارة الزراعة وأجرت الحوار التالي مع المتحدث الرسمي للوزارة محمد رضا الخزاعي.
وتحدث لـ”الزوراء” حول إحصائية كمية العرض والطلب في مجالي الدواجن والبيض قائلا: أن الإحصائية لدينا تؤكد أن إنتاجنا الحالي تجاوز سبعة مليارات وستمائة مليون ومائتي ألف بيضة سنويًا، بينما يحتاج الفرد سنويًا، صيفًا وشتاءً.
واضاف: ففي الصيف يقل استهلاك البيض إلى درجة كبيرة بسبب حرارة الصيف، وفي الشتاء بسبب كثرة الإقبال والحاجة إلى البيض، فتحدث شحة معينة في الشتاء. أما في الصيف فإننا نقترب من الاكتفاء. وفي وجود المشاريع الاستثمارية، فلدينا مشاريع عديدة وكثيرة، ومنها شركة سما كربلاء التي وصل إنتاجها اليوم إلى نسبة 25% من حاجة البلد. وبالتالي يصبح هذا إضافة إلى المشاريع الأخرى. ولهذا نرى أن مستوى إنتاجنا بشكل مشرق.
المشاريع الانتاجية
وحول مشاريع الوزارة اوضح انه كانت لدينا مشاريع إنتاجية تعود إلى الوزارة، ولكن وبسبب قرار اتخذه مجلس النواب بإلغاء المشاريع التابعة للوزارة وإبعادها عن المشاركة في الإنتاج. وبرأينا، لو أن دور الوزارة وإشراكها في عملية إنتاج البيض لعاد هذا العمل بالفائدة الكبيرة على الوزارة ودعمها ماديًا، إضافة إلى أن تكون جهة حكومية رديفة للقطاع الخاص. ولكن الوزارة الآن أصبحت فقط إرشادية توجيهية.
وتابع: لدينا مشاريع عديدة في بغداد والمحافظات، منها دوائر البستنة ودوائر البحوث ومشاريع الثروة الحيوانية. لكن هذا القرار حدَّ من صلاحيات الوزارة. ولو أعيدت لها هذه الصلاحية، لاستطاعت أن تنمي إيراداتها المالية، وهذا عنصر مهم جدًا. ونحن الآن نعاني في ظل تخصيصاتها المالية. وبالمناسبة، كانت تخصيصاتنا المالية في الموازنة التشغيلية 550 مليار دينار لسنة 2024، ولم يُطلق من هذه الأموال سوى 250 مليار دينار، علمًا أن الموازنة الاستثمارية صفر، رغم أنها محددة ضمن موازنة الدولة. وبالتالي تعاني الوزارة، فلو أعيدت هذه الصفة إلى الوزارة، من الممكن أن تنمي إيراداتها المالية وتسد جزءًا من نفقاتها.
خطط دعم المنتجين
وبشأن خطة لدعم المنتجين والمستثمرين والمزارعين اشار الى ان وزارة الزراعة في تشريعاتها وقوانينها قريبة من المواطن، وما تقدمه من دعم وفق إمكاناتها المادية للقطاعين النباتي والحيواني، ومن ضمنها سعي الوزارة إلى حفظ حقوق المزارع والمنتج المحلي. وبالمناسبة، مبينا: لدينا برنامج اسمه الروزنامة الزراعية، وهو برنامج مهم جدًا للمحافظة على استقرار السلع والمواد، إن كانت لحومًا حمراء، وبيضًا، ودجاجًا، ومحاصيل زراعية مختلفة. ولدينا فرق متنقلة تراقب منافذ البيع بالجملة في بغداد والمحافظات تراقب الأسعار صعودًا ونزولاً”.
ومضى بالقول: وبالتالي ترفع تقارير يومية إلى وزارة الزراعة. وعلى ضوئها يتم اتخاذ القرار، ويُعد كتوصية تُرفع إلى المجلس الوزاري كل أسبوع. وفي حالة الشعور بوجود خسارة للمنتج، يتم رفع توصيات إلى مجلس الوزراء، ومن ثم تُغلق الحدود بوجه الاستيراد ليستفيد المنتج العراقي. وبعكسها يتم فتح الحدود للاستيراد لسد حاجة السوق.
وحول اجراءات الوزارة للسيطرة على الاسعار بين ان الوزارة تقدم الدعم الكبير إلى المستثمرين والمزارعين بدعم للأسمدة يصل إلى 50% تتحمله وزارة الزراعة. هذا كان السنة الماضية، وقد توقف هذا العام على أساس أن الدعم تم تحويله إلى المرشات.
دعم منتجي البذور
وتابع: أما دعم الوزارة للبذور فقد وصل الدعم إلى 70%. وأعني أن الوزارة تشتري البذور من منتجي البذور، وهم أيضًا مزارعون بل ومن كبار المزارعين، فالوزارة تشتري البذور المصدقة بمليون ومائة ألف دينار، وتبيعها إلى الفلاح والمزارع والمربي بـ360 ألف دينار. وهنا يظهر الفرق الكبير بين سعر الشراء وسعر البيع للطن الواحد.
وحول الكميات التي تشتريها الوزارة وتبيعها إلى المربين والمزارعين اوضح الخزاعي ان ما يقارب مائتين وخمسة وعشرين مليار دينار عراقي. أما بالنسبة إلى دعم الوزارة إلى المرشات، فالوزارة تتحمل ما يقارب 30-40% من سعر المرشة. أما باقي المبلغ الذي يصل إلى 60% فإنه يُقسط على مدى عشر سنوات مع وجود سنة سماح. وللعلم، فإن عدد المرشات أكثر من اثنا عشر ألف مرشة. وهنا يصبح المبلغ كبيرًا جدًا، إضافة إلى أن الوزارة تقوم بتسهيل الضمانات للمزارع. والسبب أننا نعيش تغيرات مائية وظروفًا صعبة تتطلب من الوزارة الاهتمام والمشاركة لمساعدة المربين والمزارعين.
وبشان توفير البرامج العلمية الحديثة وكيفية مساعدة المزارعين والمستثمرين في استخدام البرامج العلمية لزيادة الإنتاج وجودة المحصول ذكر: لدينا دوائر عديدة، منها دائرة الإرشاد الزراعي تقوم في مجال التوعية، وهذه الدوائر منتشرة في عموم المحافظات. والوزارة تقيم الورش والندوات وزيارة الفلاحين في أماكن تواجدهم، وحملات المكافحة المجانية، وتقدم لهم مختلف المبيدات. وفي السنة الماضية خُصص أكثر من 24 مليار لشراء أدوية ومبيدات مختلفة، وهذا الموضوع لم يحدث منذ العام 2017. وبهذا نستطيع القول إن الوزارة والحكومة أولت اهتمامًا كبيرًا بالمزارعين والمستثمرين لتوفير مادتي الدجاج والبيض وجميع المواد الزراعية الأخرى.
من جانبه ذكر رئيس فرع بغداد للاتحاد الزراعي التعاوني محمد خضر شهاب الدليمي ، في حديث لـ”الزوراء” انه فيما يخص تعاوننا مع الوزارة، فإن الاتحاد يُسخر كل إمكاناته لمساندة الوزارة وتوعية الفلاحين، فالاتحاد لديه فرق عديدة يقوم من خلالها بزيارة مواقع الفلاحين والمزارعين وتقديم المشورة لهم في كل ما يحتاجون.
وحول الدور الحقيقي الذي يقوم به الاتحاد في مجال توعية المستثمرين والمزارعين لإنتاج مادتي الدجاج وبيض المائدة قال: كلنا يعرف جيدًا أهمية الزراعة، فهي النفط الثاني للبلاد. وقد قام الاتحاد التعاوني للجمعيات الفلاحية في العراق بأدوار كبيرة لمساعدة المستثمرين والفلاحين ومنتجي الدجاج والبيض بخطوات عديدة.
واضاف انه سنحاول في هذا اللقاء أن نستعرض هذه الخطوات بشكل واضح. وبالنسبة إلينا كاتحاد نمثل الجماهير الفلاحية في بغداد، كوننا اليوم نمثل الجمعيات الفلاحية في الاتحاد العام التعاوني فرع بغداد. ونقول في بغداد لدينا ثمانية أقضية هي التاجي، التاجية، التارمية، المحمودية، المدائن، والراشدية. هذه الاتحادات تعمل على كل ما يحتاجه المستثمر والمزارع والمربي، وليس فقط في المجالات الزراعية الأخرى، فنحن وباستمرار تقوم فرقنا التوعوية بزيارة مواقع الفلاحين والمزارعين في أماكنهم. ونقدم الكثير من البرامج التوعوية من خلال فرقنا ومن خلال الإعلام العراقي الواسع.
وتابع: وبالتأكيد، فإنكم تلاحظون أن الدولة وعلى رأسها رئيس الوزراء تقدم الدعم الكبير للمزارعين والمستثمرين في مجالات المحاصيل الزراعية كالحنطة والشعير. لهذا وصل إنتاج الحبوب والمحاصيل الزراعية إلى 6 ملايين طن من المحاصيل الزراعية، وخاصة الحبوب. وفعلاً وصلنا إلى الاكتفاء الذاتي في مجال الحبوب. أما الحديث عن الثروة الحيوانية، فأقول إن هذه الحالة مرت بأمور كثيرة نتيجة لظروف البلاد وظروف الدولار. فتعرضت الثروة الحيوانية إلى بعض الإخفاقات في الأسعار.
فمثلاً اللحوم نتيجة للاستيراد والنقل والمبيدات وأمور أخرى نتيجة استيرادها من الخارج تتطلب نقلًا وتكاليف. لهذا وصل سعر اللحوم إلى أسعار عالية جدًا، مما جعلنا نحاول جاهدين حث الفلاحين والمزارعين لتوفيرها بما يستطيعون من مساعدة المواطن العراقي.
وبين انه ولا أنسى أن الثروة السمكية في العراق تعرضت إلى مشاكل عديدة. فمثلاً تم هدم أكثر من 500 من الأحواض السمكية، وهذا طبعًا يسبب هدرًا في الأموال ويؤثر على المستثمر ومستوى الإنتاج بشكل كبير جدًا.
وتابع: لهذا ترى أن أسعار الثروة السمكية مرت باختلافات عديدة، صعودًا وهبوطًا. ولهذا قام الاتحاد بعرض الكثير من المناشدات للحكومة وعلى رأسها رئيس الوزراء لمساعدتنا في ما نستعرضه من خطوات للخلاص من مشكلة زيادة الأسعار وتضاربها.
واشار الى ان هذه الحالات سببها بعض ضعاف النفوس من المستوردين للثروة الحيوانية. فالاستيراد مكلف من جوانب عديدة، وخاصة النقل وما يتعرض له المستورد من ضغوط من جهات عديدة. فالنقل يتطلب صرف مبالغ كثيرة، والمحافظة على الثروة الحيوانية اعتبارًا من مجيئها حتى وصولها إلى المستهلك تتطلب صرف مبالغ كثيرة. مثلما قلنا منها أجور النقل والأعلاف واللقاحات، إضافة إلى تضارب العملة الأجنبية العالية وعدم المحافظة على سقفها المالي وربما الأمراض التي تسبب هلاكات المئات وربما الآلاف من الدواجن وغيرها. كلها تنعكس على المستثمر مما يتعرض إلى ضغوط مالية تجعله يلجأ إلى رفع الأسعار.
وتابع: وقد ناشدنا وزارة التجارة لتوفير الأعلاف للمزارعين، ولكن الفلاح وباستمرار يحتاج إلى كميات أكبر وأفضل. ومشكورة حاولت الحكومة شراء الأعلاف من المطاحن بسعر 350 ألف للطن الواحد، وتبيع للمزارع والمستثمر بأسعار مدعومة تصل إلى أقل من 300 ألف دينار للطن الواحد. ونتيجة لقلة العرض وتزايد الطلب، صار سعر الطن الواحد أكثر من 500 ألف دينار للطن الواحد، مما اضطر المنتج لزيادة أسعار الأعلاف.
واوضح ان أهم المعوقات والضغوط التي يتعرض لها مربو الدواجن هي اللقاحات والمبيدات العلاجية التي يحتاجها المربي للحفاظ على ما لديه من دواجن ولدعمها لزيادة وتحسين إنتاجها.
لذا فقد ناشد الاتحاد دوائر البيطرة لتوفير اللقاحات بجودة وأسعار رخيصة لتخليص الفلاح من اللجوء إلى السوق السوداء. وعند لجوء المربي إلى دوائر البيطرة يتم الاعتذار بعدم وجود اللقاحات الكافية.
وفيما يتعلق بمشكلة الكهرباء اشار الى انه لا تتوفر لديه كهرباء وطنية ويفرض عليه السعر التجاري، وهذا هو ثقل على المربين. ولكي يستطيع الفلاح إقامة مشروع زراعي أو لتربية الدواجن عليه أن يذهب إلى المصرف الزراعي، لكن المصرف يضع عليه شروطًا تعجيزية، منها يجب أن يكون موظفًا ولديه راتب محدد، والروتين القاتل بالمراجعات.
وتابع: ونحن في الاتحاد دائمًا نوصل صوت الفلاح إلى دوائر الدولة ولكن دون استجابة. لهذا، فإن الاتحاد يوصي بتنشيط المصرف الزراعي. أما مقابلاتنا مع السيد المحافظ، فهذا يتطلب الاستعانة بشخص وعند الالتقاء بالمحافظ لا نحصل سوى على الوعود.
ولهذا نوصي كاتحاد بتسهيل عملنا والتفاهم مع الدوائر الرسمية المعنية عند الاجتماعات الدورية. ويحضرها ممثل زراعة بغداد وممثلو المحافظات، وأن تكون الاجتماعات دورية كل شهر لكي نوصل أفكارنا وما يحتاجه الفلاح والمزارع. وبالنسبة إلى وزارة النفط يجب أن تجهز الفلاح والمستثمر بوقود مدعوم. كل هذه معوقات تعيق عملية الإنتاج وتخلق السوق السوداء .