على امتداد التاريخ، كانت الطرق أكثر من مجرد مسارات تربط المدن والقرى؛ فهي شرايين الحياة التي تنبض بالحركة، والتجارة، والثقافة، والأحلام. وبين بغداد، التي تنبض بألق الماضي والحاضر، والموصل، التي تحتضن عبق التاريخ وألق الفن، ينبسط طريق ليس كأي طريق.. إنه طريق بغداد-الموصل، ذلك الشريان الذي يحمل ذاكرة العراقيين من حكايات القوافل القديمة إلى تحديات العصر الحديث .
اليوم، يقف هذا الطريق على أعتاب مرحلة جديدة، حيث تسعى جهود كبيرة كان قد اعلن عنها المهندس محمد شياع السوداني رئيس الوزراء , خطوات طموحة لتطويره وتطوير بقية مداخل بغداد الحبيبة ، ليس فقط ليكون معبراً آمناً وفاعلاً، بل ليعيد بث الروح في التواصل الاقتصادي والاجتماعي بين شمال العراق وجنوبه .
فما هو الواقع الحالي لهذا المشروع؟ وكيف تنعكس آثاره على حياة العراقيين؟ وهل يتمكن هذا الطريق من أن يكون حلقة وصل تعيد بناء الثقة بين مناطق الوطن المختلفة؟ في هذا التحقيق الصحفي، نسلط الضوء على تفاصيل المشروع، أصوات القائمين عليه، تطلعات الأهالي، ومستقرئ التحديات التي تقف في طريق هذا الحلم الوطني. استمر الجهود منذ مدة وجيزة وتصاعد العمل بهمة العراقيين الغيارى ليصل اليوم الى مراحل متقدمة وربما نهائية اذ أعلن محافظ بغداد، عبد المطلب العلوي، عن قرب افتتاح المقطع الأول من مشروع مدخل بغداد ـ الموصل، مشيرا إلى أن الأعمال مستمرة لإزالة التشوهات.
وقال محافظ بغداد: «إننا الان بمراحل متقدمة جدا من أعمال إنجاز مشروع طريق (بغداد-الموصل)، حيث سيتم افتتاح المقطع الأول من الطريق خلال هذا الشهر».
وأكد العلوي أن «الأعمال مستمرة إذ يتم تنفيذ حملة واسعة لإزالة المشوهات على جانبي الطريق»، لافتاً الى «مشاركة عديد من الجهات، منها أمانة بغداد والهندسة العسكرية وبلديات بغداد وطرق وجسور بغداد التابعة الى محافظة بغداد ،فضلاً عن مشاركة الشركة المنفذة للمشروع بإزالة مقطع من هذه المشوهات .
الزوراء تابعت ميدانيا خطوات العمل بهذا المشروع الحيوي الكبير وحققت لقاء مع عبد الله محسن مدير مديرية طرق وجسور محافظة بغداد فاكد أن «المرحلة الأولى المقرر افتتاحها تبلغ (14 كم ) تتضمن أعمال جسور مشاة على طول المسار الكلي حيث أنجز منها (15) جسر مشاة وأعمال الجسور الفوقية مستمرة وبوتيرة إنجاز متصاعد . وأشار الى ان المحافظة شهدت عقد اجتماع موسع مع القوات الأمنية لمناقشة الطرق البديلة، حيث سيكون هناك إجراءات حاسمة لإيجاد طريق بديل لسيارات الحمل بالإضافة إلى تفعيل محطة الوزن وتشديد الرقابة للحفاظ على ديمومة الطريق»، مؤكداً ان «هذا المشروع يعد من أهم مداخل بغداد وأصعبها بسبب الحمولات المرورية العالية والكبيرة التي تمر عليه من مقالع النباعي والتي أدت سابقا إلى إضرار الطريق ولهذا نجد المحافظة متمسكة بالحفاظ على هذا الطريق وتمنع أي تجاوزات عليه وديمومته تعتمد على تفعيل محطات الوزن ومراقبتها
إلى ذلك.. تعتزم محافظة بغداد، تحويل السيطرات الأمنية التقليدية المنصوبة في مداخل العاصمة إلى سيطرات إلكترونية ذكية متطورة. وفي سؤال حول اهتمام الحكومة وعلى راسها رئيس الوزراء بهذا المشروع اكد عبد الله حسين إنه «بناء على توجيه رئيس مجلس الوزراء، في الاجتماع المنعقد مع محافظ بغداد والمتضمن إيقاف أعمال السيطرات التقليدية في مداخل العاصمة الرئيسة وإنشاء سيطرات إلكترونية ذكية لتخفيف العبء عن كاهل المواطنين، إضافة إلى الشفافية في الإجراءات حيث وجه سيادته بأن تكون السيطرات ذكية كليا بواسطة الكاميرات. ولفت إلى، أنه «جرى عقد اجتماع موسع مع المركز الوطني للاستشارات الهندسية بحضور ممثل مكتب رئيس مجلس الوزراء وممثلي مديريات وزارة الداخلية (السيطرات / الأشغال / المتفجرات / الاستخبارات)، والجهات القطاعية الساندة لأعمال سيطرات مداخل محافظة بغداد، لتحديد آلية الضوابط والمعايير والمتطلبات الخاصة للتحول نحو سيطرات إلكترونية الذكية بدلا من السيطرات التقليدية وأشار حسين إلى، أن «الاجتماع ناقش آلية إعداد التصاميم الخاصة بإنشاء السيطرات الرقمية الجديدة في مداخل العاصمة الرئيسة، والتي تعتمد على التكنولوجية الحديثة بالكشف على المطلوبين سواء كانوا أشخاصا أو عجلات إضافة إلى استخدام تقنيات حديثة لأجهزة كشف المتفجرات والممنوعات .
وأوضح مدير طرق وجسور محافظة بغداد، أن النموذج المقترح سيكون بمعايير عالمية وسيتم تقليص أعداد السيطرات بشكل كبير بعد إنشاء هذه السيطرات الذكية، مبينا أن» محافظ بغداد الأستاذ عبد المطلب العلوي، وجه سابقا بشمول جميع الطرق العامة ضمن مداخل بغداد بمنظومة الكاميرات الذكية التي تقدم تقنيات حديثة والتي ستساعد في تعزيز الأمن والاستقرار في العاصمة
وحول المعوقات والتحديات التي تواجه العمل في مشروع تطوير طريق بغداد الموصل قال عبد الله حسين محسن مدير الطرق والجسور في بغداد، إن مدخل بغداد على طريق الموصل، هو “الأصعب والأكثر تضرراً”، لكن افتتاح المرحلة الأولى من تأهيله قريباً، سيخفف الزخم لأنه بمعايير “عالمية”، ويمر بمناطق مهمة تجارياً وصناعياً .
المرحلة الأولى من المشروع
خلال متابعاتها الميدانية توصلت الزوراء إلى أن أعمال افتتاح المرحلة الأولى من مشروع طريق بغداد – موصل ستشمل إنجاز جسم الطريق لنحو 16 كم وتتضمن كافة أعمال التأثيث من الإنارة وجسور المشاة والأرصفة والجزرات الوسطية واللوحات الإرشادية، عدا المجسرات التي سيتم إنجازها خلال المرحلة الثانية من المشروع .
اما المرحلة الثانية ستشمل إنجاز أربعة مجسرات للسيارات وعدد من الاستدارات الفوقية، حيث ستلغى كل الاستدارات الأرضية، وسيكون الخط بمواصفات الطرق السريعة المعتمدة عالميا
اهمية مدخل بغداد الموصل
يعد مدخل بغداد – موصل هو أصعب مداخل العاصمة لكونه الأكثر تضرراً، وتسبب بمشاكل كبيرة للقادمين من المناطق الشمالية والمغادرين نحوها، وإنجازه سيخفف الزخم على المداخل الأخرى، كما ان افتتاح الطريق سيقلل من مرور سيارات الحمل في مداخل العاصمة الأخرى لوقوع منطقة النباعي المعروفة بالصناعات الإنشائية، على خط المشروع الجديد، وهذا سيساهم بفك الاختناقات والتعارضات في باقي الطرق الرئيسة.
وقامت وزارة الأعمار والإسكان بنصب محطة وزن في منطقة النباعي، بهدف منع تجاوز الأحمال المحددة رسميا، واقترحت محافظة بغداد إضافة محطة وزن أخرى للتدقيق، ولكن إجراءات نصبها ما زالت مستمرة.
وتحول مشروع خط سريع “بسماية” من عهدة محافظة بغداد إلى وزارة الأعمار، وسيتم إطلاق مشروع خاص به ويلتحق ضمن مشروع الطريق الحلقي الرابع، حيث يلتقي المشروعان على امتداد 5 كيلومترات.
محافظة بغداد ومشاريع قادمة
يبدو ان محافظة بغداد مستمرة في انجاز العديد من المجسرات والطرق اذ علمت الزوراء أن محافظة بغداد أعلنت عن قرب المباشرة بإنشاء (١٥) جسر ومجسر في عموم مداخل بغداد التي تقوم بتوسعتها وتطويرها حيث أعلن محافظ بغداد عبد المطلب العلوي في بيان صادر عن محافظة بغداد ان مديرية طرق وجسور محافظة بغداد ستباشر بإنشاء 8 مجسرات جديدة وتطوير وتوسعة 7 مجسرات أخرى بمجموع كلي ( 15) جسراً ومجسر ضمن مشاريع تطوير مداخل العاصمة بغداد التي مولتها وتشرف على تنفيذها لفك الاختناقات المرورية وذكر البيان ان محافظة بغداد ستنفذ مجسرات فوقية تعمل كاستدارة للسيارات عدد (٨) ضمن مداخل بغداد لكون المداخل ستكون بمواصفات طرق سريعة وستلغي كافة الاستدارات الأرضية المرورية* إضافة إلى توسعة وتطوير جسور ومجسرات عدد (٧) لغرض معالجة الاختناقات المرورية وتوسعة مداخل بغداد .
المشروع بمواصفات عالمية
ذكرت محافظة بغداد ان المشروع تضمن -توسعة الطريق من جانب الجزرة الوسطية والأكتاف حسب التصاميم المحددة، ليصبح العرض الكلي للطريق الواحد (14) متراً لكل جانب قشط الطريق الخارج من بغداد، وقلع الطريق الداخل باتجاهها والذي يبدأ من منطقة النباعي وصولاُ الى مجسر السايلو، تمهيداً لأعمال الصب الكونكريتي بعرض (7) متراً . يشار إلى أن محافظ بغداد محمد جابر العطا يتابع ميدانياً سير الأعمال المنفذة في المشروع خلال جولة أجراها برفقة الوكيل الفني لوزارة الأعمار والإسكان والبلديات العامة .
وتحظى مداخل بغداد بأهمية كبيرة كونها تمثل أول مشاهدة ميدانية لمواقع بغداد ومدى تطورها السياحي والعمراني لهذا امر السيد رئيس الوزراء بضرورة تطوير مداخل بغداد وجعلها مداخل تليق ببغداد عاصمة الحضارة والجمال ومن هنا جاءت الخطط لتطوير هذه المداخل الخمسة.
ذلك ان «مشروع تطوير وتأهيل مداخل العاصمة بغداد واحد من المشاريع الحيوية والإستراتيجية المهمة التي تحظى باهتمام حكومي مباشر، وهي تندرج أيضاً ضمن مشاريع فك الاختناقات المرورية في العاصمة بغداد ولهذا عقد السيد رئيس الوزراء اجتماعاً للاستماع الى كل حيثيات مشروع تطوير مداخل العاصمة ومعوقات العمل، ووجه بتذليلها بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
يذكر أن الأعمال التطويرية تتضمن إنشاء بوابات رئيسة لمداخل العاصمة بغداد، وطول كل مدخل يتراوح ما بين 25 الى 30 كم، فضلاً عن تأهيل الطرق وتوسعتها وكسائها وتأثيثها، وإنشاء جزرات وسطية وتشجير الأرصفة.
وستكون هنالك عدد من المجسرات والجسور البديلة عن الاستدارات الحالية كما ستتضمن المداخل بوابات بتصاميم حديثة ونقاط تفتيش إلكترونية مجهزة بكاميرات مراقبة، وعرض كل طريق سيكون 100 متر مع 4 ممرات».
مشيراً إلى، أن «هنالك مقترحاً لشمول هذه المشاريع بساحات للتبادل التجاري وأماكن استراحة للمسافرين وأن «مدخل بغداد واسط سيتضمن مجسرات لعبور العجلات من الجانبين، وطريقين رئيسين إضافة إلى ممرين جانبيين ثانويين لتسلكها العجلات المتوجهة الى الجهات الفرعية.