مرة أخرى تكلف الجمعية العامة للأمم المتحدة نفسها عناء التصويت على قرار جديد يهم القضية الفلسطينية بأغلبية 157 صوتا مقابل ثمانية أعضاء صوتوا ضد القرار ،كان الاحتلال الإسرائيلي و الولايات المتحدة الأمريكية و المجر و الأرجنتين من ضمنهم ، في حين احتمى سبعة أعضاء في التصويت بالامتناع . وبموجب هذا القرار الجديد الذي تمت المصادقة عليه في بحر هذا الأسبوع ،فإن الجمعية العامة ،تؤكد على حل الدولتين وتدعو الطرفين إلى التصرف بمسؤولية ،و الامتثال للقانون الدولي واتفاقاتهما و التزاماتهما السابقة ، سواء في سياساتهما أو أفعالهما . ويدعو القرار إلى “ تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف ، وفي مقدمتها حقه في تقرير مصيره ،وحقه في إقامة دولته المستقلة “ وكذلك “ فإن الجمعية العامة ، واستنادا إلى القرارات الأخيرة الصادرة عن محكمة العدل الدولية ، تطالب إسرائيل بإنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة في أسرع وقت ممكن ، ووقف كل أنشطة الاستيطان الجديدة على الفور ،وإجلاء جميع المستوطنين من الأراضي الفلسطينية المحتلة ، بما في ذلك الضفة الغربية والقدس الشرقية و قطاع غزة “ .
من حيث المبدأ ، وطبقا لروح ميثاق الأمم المتحدة ، فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة تمثل الإرادة الدولية التي تعبر عنها من خلال القرارات الصادرة عنها .وتبعا لذلك فإن هذه الإرادة الأممية تطال جميع أجهزة الأمم المتحدة بدون استثناء ، ومن المفروض أن هذه الأجهزة مسؤولة عن تجسيد وتنزيل هذه الإرادة على أرض الواقع ،بمواصفات المساواة بالنسبة للجميع دون أي استثناء .وتبعا لذلك فان مجلس الأمن الدولي ،باعتباره جهازا من أهم أجهزة الأمم المتحدة ،و لكونه معنيا بصفة مباشرة بالإرادة الدولية التي تجسدها أفعال وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ،مسؤولا مسؤولية كاملة ومباشرة عن تجسيدها وتطبيقها ، ولا يمكن بأية حال من الأحوال أن يزيغ أو يحيد أو يتخلى عن القيام بدوره كاملا في القيام بالأدوار والمهام المنوطة به . وإلا سنكون أمام مشهد سوريالي غريب يتمثل في تجزيء الارادة الدولية ، وأن كل جهاز أو منظمة للأمم المتحدة تتصرف تجاه هذه الإرادة بالطريقة التي تراها وتقدرها مناسبة طبقا لاعتبارات متعارضة مع الإرادة الدولية .