هل سبق وتساءلت عن حاجة الطائرات لوجود ما يشبه الزعنفة الشاقولية في مؤخرة ذيولها؟ في الواقع، لجأ المصممون لهذا المكون للمساعدة في استقرار الطائرات في الجو. لكن فكرة الاستغناء عن تلك الأجزاء لا تزال قائمة، وهي موضوع أبحاث عديدة، نظراً لأن الطيران دون الذيل الشاقولي أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة.
كما هو واضح، لا تحتاج الطيور لأرياش أو زعانف شاقولية وهي تطير بكل ثقة وأريحية في السماء. وهو ما اعتمد عليه ديفيد لينتنك، أستاذ المحاكاة الحيوية في جامعة خرونينغن بهولندا، والذي طور نموذج روبوت طائر بميزات تحاكي تحرك جناحيَ حمامة حقيقية.
خلال دراسات وملاحظات سابقة، لاحظ ديفيد أن ذيل وجناحَي الطائر يتعدلان في شكلهما باستمرار. وحاول إعادة تكرار تلك الآلية في روبوت اختباري في عام 2020. ليعاود الباحث، رفقة عدد من الزملاء، تكرار التجربة بنموذج محسن يحوي 52 ريشة حمام حقيقية، مع ذيل يشبه ذيل الطائر.
يعتمد الروبوت في حركته على خوارزمية تتحكم بتسعة محركات مساندة تتولى تحريك الأرياش لتغيير شكل الجناحَين والذيل باستمرار. مع وجود مستشعرات لتقصي موضع الطيران الفعلي، ليُصار إلى معالجة تلك البيانات واستخدامها لزيادة استقرارية التحليق، وضمان القدرة على الاستجابة الصحيحة للتغيرات في مسار الطيران والأجواء المحيطة.يمثل ذلك النهج محاكاة لردود الفعل الانعكاسية، والتي يُعتقد بأنها المسؤولة عن ضمان استقرار تحليق الطيور. وترجع أصول تلك الفكرة إلى العالم الألماني فرانز جروبيلز، والذي أشار إليها لأول مرة في عام 1929 على أنها ما يجعل من الطيور «طائرات أوتوماتيكية» إن صح التعبير. وبعد نحو قرن من الزمان، أعاد الأستاذ في الجامعة الهولندية إحياء ذلك المفهوم، من خلال روبوت باسم «PigeonBot II» وقد جرى اختباره بنجاح في نفق رياح بداية الأمر، ومن ثم في الهواء الطلق.
إلى جانب الأهمية العلمية والبحثية في إظهار كيفية تحليق الطيور دون زعانف شاقولية على أرض الواقع، تفتح هذه التجربة الناجحة الباب أمام إدخال تصاميم جديدة أكثر كفاءة في قطاع الطيران والنقل الجوي. وفي معرض حديثه عن الفكرة ذكر ديفيد أن مجموعة Airbus كانت قد أنشأت تصوراً مبدئياً لتلك الآلية، وجاءت دراساته «لتقدم المعرفة اللازمة لتحقيق تلك الأفكار.»
علاوة على ذلك، فمن حيث المبدأ، يساعد التصميم الجديد في تقليص بصمة الطائرات على الرادارات، والذي يمكن أن تفيد منه الطائرات العسكرية بالدرجة الأولى.