رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
إنتفاضة إفريقيا ضدّ المُستَعْمِرِ


المشاهدات 1291
تاريخ الإضافة 2024/12/02 - 9:06 PM
آخر تحديث 2024/12/26 - 2:00 PM

أعلنت السنغال وتشاد الخميس، رغبتهما في خفض تعاونهما العسكري مع فرنسا ، وجاءت هذه التطوّرات في سياق رغبات وسياسات عديد دول المنطقة الرافضة لاستمرار تواجد الجيش الفرنسي في إفريقيا عموما وفي منطقة غرب ووسط إفريقيا تحديدا، وهي سياسات تكثّفت أكثر بعد تنامي المدّ الوطني القومي في هذه الدول نتيجة الإحساس العام بالضيم من مستعمر دأب منذ عقود طويلة على نهب خيرات وثروات هذه الدول والتصرّف فيها بما لا يتناسب مع مصلحة هذه الأوطان والمجتمعات . 
 وقبل أن تطلب السلطات الجديدة في السنغال من فرنسا إغلاق قواعدها العسكرية ، وتعلن تشاد إلغاء اتفاقيات التعاون الدفاعي معها ، كانت أربع مستعمرات سابقة قد طلبت خروج الجيش الفرنسي من أراضيها بعد وجود دام لعشرات السنوات وهذه المستعمرات السابقة هي ، النيجر وبوركينافاسو وإفريقيا الوسطى ومالي . 
 وتعتبر شعوب مجتمعات دول هذه المنطقة في إفريقيا، والدول الإفريقية عموما، الأفقر رغم مواردها الطبيعية الضخمة ، وترجع هذه المفارقة المأساوية إلى أنّ سياسات المستعمر السابق غيّبت تماما إرساء أنماط تنموية في هذه الدول كفيلة بتأمين استقرار ورفاهية هذه مجتمعاتها وشعوبها  ، وآثر في المقابل التعامل مع طبقة سياسية محدودة ضمنت له مصالحه الاستراتيجية ووفّر لها في المقابل الحماية من أجل الاستمرار في الحُكْمِ ضدّ رغبة شعوبها في أغلب الحالات .
 وكانت النتيجة المباشرة والحتمية لهذه السياسات الاستعمارية خلق تبعية هيكلية والقضاء على كلّ مقوّمات الاستقلال الفعلي لهذه الدول وإجهاض كلّ محاولات إرساء إقتصاديات وطنية قادرة على تأمين ديمومة استقرارها واستقلالها وتحسين ظروف عيش شعوبها .
 ومع مرور السنوات تبيّن بما يقطع الشكّ ، أنّ فتات المساعدات التي يوفّرها المستعمر السابق لم تعد تفي بحاجة مجتمعات وشعوب المنطقة ، فضلا عن كونها لا تمثّل بدائل تنموية قادرة على تأمين الاستقلال وعدم السقوط في أحضان التطرّف والإستبداد ، 
 ولعلّ ما تشهده السنغال منذ صعود موجة اليمين القومي إلى الحُكُمِ هو سيناريو سيتكرّر في عدد من الدول الإفريقية ، وهي تطوّرات لا يبدو أنّ المستعمر السابق ، سواء كان فرنسا أم غيرها مستعدّ لاستيعابه رغم كلّ المؤشّرات الدالّة على ذلك.


تابعنا على
تصميم وتطوير