عبر التاريخ، كانت الظلم والطغيان علامات فارقة في مسيرة الإنسانية، لكن الجرائم التي تُرتكب اليوم في فلسطين ولبنان على يد إسرائيل تمثل تجسيداً للشر المطلق بأبشع صوره. تحت غطاء أمريكي وصمت عالمي مريب، تستخدم إسرائيل أدوات القتل والتشريد والتهجير كسياسات روتينية، متخفية وراء شعار “الدفاع عن النفس” محاولة تزييف الواقع وقلب الحقائق.
غزة: مقبرة الأحلام وقصة الصمود
غزة، تلك البقعة الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها سوى بضعة كيلومترات مربعة، تحولت إلى نموذج فريد للمقاومة والصمود. لكنها في الوقت ذاته، أصبحت مسرحاً لجرائم حرب ممنهجة تُرتكب دون أدنى اعتبار لحياة المدنيين.
واقع القتل والحصار
منذ أكثر من 15 عاماً، يعيش سكان غزة تحت حصار خانق يمنع عنهم الغذاء والدواء وحتى أبسط مقومات الحياة الكريمة. يُضاف إلى ذلك القصف الإسرائيلي المتكرر، الذي يحول الأحياء السكنية إلى ركام. خلال أي عدوان، لا فرق لدى إسرائيل بين مستشفى ومدرسة، ولا بين مسجد ومنزل. عائلات تُباد بأكملها، وأطفال يُنتشلون من تحت الأنقاض، في مشاهد تعكس حجم الكارثة الإنسانية.
لبنان: ذاكرة الجراح المفتوحة
لم يسلم لبنان من العدوان الإسرائيلي المستمر، حيث تستخدم إسرائيل جنوبه كهدف متكرر لعدوانها العسكري. القصف الذي يطال القرى والبنى التحتية يهدف إلى تركيع الشعب اللبناني وتجريده من أي مقاومة إسلامية ضد هذا الكيان الإرهابي. الهجمات الأخيرة، كما هو الحال دائماً، لم تميز بين هدف عسكري ومدني.
تأثير العدوان الإسرائيلي على لبنان
في حرب 2006، تعرض لبنان لدمار هائل طال 15 ألف وحدة سكنية، وراح ضحية العدوان أكثر من 1200 مدني لبناني، معظمهم من النساء والأطفال. البنى التحتية التي دُمرت شملت الجسور، المطارات، وحتى محطات توليد الكهرباء. ورغم مرور السنوات، لا تزال آثار العدوان شاهدة على العقيدة الإسرائيلية التي لا تعترف بالحدود ولا بالسيادة.
عقيدة التوسع: الجذر الحقيقي للشر
الشر الإسرائيلي الصهيوني لا يقتصر فقط على القتل المباشر، بل يمتد إلى عقيدة أيديولوجية ترى في نفسها تفوقاً عرقياً يبرر الاحتلال والتهجير. منذ تأسيسها بنيت إسرائيل على أساس اغتصاب الأراضي وتهجير السكان الأصليين، في عملية تطهير عرقي مستمرة.
الأخطر من ذلك أن هذه السياسات ليست مجرد تصرفات عشوائية، بل هي جزء من مشروع استعماري مدروس، يقوم على ترسيخ الاحتلال وفرض واقع جديد. بناء المستوطنات في الضفة الغربية، وتهويد القدس، مثالان على ذلك. هذه العقيدة تجعل من إسرائيل رمزاً ليس فقط للشر، بل للنظام العالمي الذي يغض الطرف عن الجرائم إذا ارتكبها الأقوياء.
التواطؤ الدولي: شريك في الجريمة
الدعم الذي يتلقاه الكيان الصهيوني من الولايات المتحدة وحلفائها لا يقتصر على السلاح فقط، بل يمتد إلى الحماية السياسية في المحافل الدولية. قرارات مجلس الأمن تُجهض بحق الفيتو، والتحقيقات الدولية تُحبط بضغوط دبلوماسية.
على سبيل المثال، تقرير لجنة “جولدستون” في 2009 الذي وثق جرائم حرب إسرائيلية في غزة لم يُنفذ، بسبب الضغوط الأمريكية والإسرائيلية. هذا الصمت الدولي يُظهر أن العدالة أصبحت خاضعة لموازين القوى، وأن الضحايا لا قيمة لهم إذا كانوا على الجانب “الخاطئ” من السياسة.
الصمود في وجه الشر
ورغم كل هذا القتل والتدمير، يبقى صمود الشعوب أقوى من أي آلة حرب. في غزة، حول الحصار الجائر سكانها إلى رمز عالمي للإرادة. وفي لبنان، رغم التدمير المتكرر، لا يزال الشعب اللبناني متماسكاً في مواجهة العدوان.
هذا الصمود ليس مجرد فعل مقاومة، بل رسالة للعالم بأن الظلم، مهما طال، لن يستمر. إرادة الشعوب في التحرر والعيش بكرامة ستنتصر في نهاية المطاف، كما حدث مع شعوب أخرى عبر التاريخ.
العدالة القادمة
الجرائم الإسرائيلية ليست بلا ثمن. يومًا ما، ستُحاسب إسرائيل على ما ارتكبته من قتل وتهجير وارهاب. العدالة الدولية، وإن تعثرت، ستجد طريقها إلى النور. التاريخ يثبت أن الطغاة مهما بلغ جبروتهم لا يخلدون، وأن إرادة الشعوب هي الباقية.
وستظل غزة ولبنان رمزين للكرامة والصمود وسيُكتب في صفحات التاريخ أن إسرائيل المجرمة كانت رمزاً للشر، لكن الشعوب التي ظلمتها انتصرت بإرادتها وحقها المشروع في الحرية.