عانت العاصمة بغداد، في السنوات الأخيرة، من اختناقات مرورية متزايدة نتيجة النمو السكاني وزيادة أعداد السيارات، مع وجود بنى تحتية متهالكة، وفي إطار جهود الحكومة العراقية لتحسين الوضع، أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في اجتماع موسع إطلاق العمل بمجموعة من المشاريع الضخمة لفك الاختناقات المرورية، تشمل إنشاء جسور ومجسرات جديدة وتطوير الشوارع الرئيسة.
واعتبر السوداني في كلمة له بوزارة الاعمار والإسكان:» أن الحزمة الأولى تمثل انطلاق مشاريع للمرة الأولى منذ الثمانينيات، مؤكدا أن الأزمة ستنهي وستحل مشكلات الزحامات في مركز بغداد وأطرافها، مشيراً الى أنها تمثل حلما بالنسبة للمواطنين بسبب تأخر انجازها، وأن هذه المشاريع تنفذ لأول مرة في بغداد وهي مهمة، مثل جسر البنك المركزي الجديد الذي سيربط جانب الكرخ بالرصافة ، ويعد هذا الجسر الرابع عشر في بغداد ، فضلا عن ان جسر الزعفرانية سيكون امتدادا لطريق الدورة اليوسفية وجسور ومجسرات أخرى، وستنتهي مشكلة المركز وأطراف بغداد وستجعل من بغداد منطقة واحدة وسيكون التنقل بانسيابية عالية .
مناطق الاختناقات
وأشار وزير الاعمار والإسكان بنكين ريكاني:» إلى ان المشاريع التي أعلن عنها لن تتجاوز مدة انجازها سنة من تاريخ المباشرة، وقال في تصريح تابعته «الزوراء»:» أن المباشرة بالمشاريع ستكون حسب الأهمية واشد المناطق اختناقاً وان هذه الحزمة تمثل الحزمة الأولى من المشاريع الخاصة بالطرق وستتبعها حزمة ثانية وثالثة وبواقع 16 مشروعا إستراتيجيا أطلقها رئيس الوزراء لفك الاختناقات المرورية التي تعاني منها العاصمة، فضلا عن استحداث طرق في جانبي الكرخ والرصافة وبمدة انجاز لن تتجاوز السنة من تاريخ المباشرة بها .
وفي معرض الحديث عن العقد الأكثر ازدحاما: قال ريكاني: نحن أخذنا العقد الأكثر ازدحاما وسوف ننتقل إلى العقد الأخرى، معربا عن أن هذه الخدمات هي الأساسية وهذه المشاريع ستساهم بشكل كبير بحل أزمة الاختناقات المرورية في بغداد، وان هناك مشاريع لأمانة بغداد « توسعة الشوارع الرئيسة» لفك التقاطعات وتقليص بعض الساحات ،فضلا عن إنشاء 6 مجسرات ضمن خطة أمانة بغداد لهذا العام .
خطة متكاملة
وفي ذات الموضوع، أوضح امين بغداد عمار موسى كاظم:» أن ما ستنجزه وزارة الاعمار والإسكان وأمانة بغداد هو ضمن خطة متكاملة لإنهاء مشكلة الازدحامات المرورية والاختناقات.
المرور العامة والضغط
ولمعرفة دور المرور وما وفرته من مستلزمات لهذه الجسور والمجسرات كان «للزوراء» لقاء مع العقيد مدير قسم العلاقات والإعلام في المديرية فقال: تحظى المجسرات في بغداد بأهمية كبيرة وكنا نعاني سابقاً من التخطيط العمراني فنعرف ان العاصمة وبالذات في جانب الرصافة تخلو من المجسرات لفك الاختناقات المرورية لذلك كان للحكومة دور واضح في هذه المرحلة لإيجاد «خطط جديدة» من شأنها فك الاختناقات وذلك من خلال إنشاء مجسرات تخفف من الكثافات والزخم المروري معاً، في الكثير من التقاطعات في الساحات والطرق، وفعلا تم فك العديد من الاختناقات بعد أن أنجزت بعض المجسرات، كمجسر عدن في جانب الكرخ حيث لاحظنا انسيابية عالية في حركة السير وقد أثمرت بعد افتتاح المجسر، وقد كانت ساحة عدن تتحمل كثافات مرورية عالية جدا تؤثر على حركة السير والمرور، وحاليا شهدت المنطقة نوعا من الانسيابية.
أما عن دور مديرية المرور العامة، فيرى:» انه منذ سنوات كانت تعمل جاهدة لوضع خطط وحلول آنية، وأيضا وضع حلول مستقبلية فيما يخص حركة السير والمرور، بضمنها إنشاء مجسرات والاعتماد على النقل الجماعي والنهري، ودراسات أخرى كثيرة، والحمد لله تم البدء في بعضها وبدأ المواطن يلمس أهمية مشاريع فك الاختناقات وعلى سبيل المثال سكان « بسماية» بعد انجاز الإعمال التي حصلت في طريق قناة الجيش باتجاه المشتل وهذه المنطقة حصلت فيها انسيابية جيدة في جميع أوقات الدوام من الصباح حتى المساء، فيما دعا المواطنين الى الصبر من التأخر في السير بسبب أعمال مهمة.
وعن استجابة أصحاب المركبات ، ذكر:» إن المشاريع عند إنشائها سيشعرون بالفرح والراحة .
مجسرات وشوارع وإشارات ضوئية
وتسعى المرور لتوفير مستلزمات المجسرات والشوارع كافة من خلال اللجان المشرفة على المشاريع،ل توفير الإشارات والاضوية والتخطيط وكل ما يحتاجه المجسر والشارع .
وزارة الاعمار والإسكان
وفي لقاء للزوراء مع «نبيل الصفار» المتحدث الرسمي لوزارة الاعمار والإسكان الجهة الرئيسة المنفذة للمشاريع جاء فيه:»
- ما الهدف الرئيس من هذه المشاريع؟
-الهدف الأساس هو فك الاختناقات المرورية في بغداد، وهذه المشاريع ستحسن شبكة النقل، استجابةً لزيادة أعداد السكان والسيارات، بما يوفر سيولة مرورية أعلى ويخفف من حدة الازدحامات في الأماكن الحيوية.
- ما أبرز المشاريع التي شملتها هذه الحزمة؟
- تشمل المشاريع الأساسية:
- تطوير وصيانة تقاطعات حيوية عدة ، مثل تقاطع «دورة سيدية» و»ساحة النسور وغيرها منها مشاريع الربط بين مناطق بغداد المختلفة، مثل ربط «جميلة» بمنطقة «باب المعظم» و»طريق محمد القاسم» بطريق «قناة الجيش» من جهة «الرستمية».
- بناء جسور عابرة لنهر دجلة، أبرزها جسر «غزة» وجسر «الجادرية الثاني».
- تأهيل شارع «أبو نواس» وإنشاء جسر «الجادريه الثاني».
- تطوير شبكة الطرق المحيطة ببغداد، بما يشمل مشروع طريق «الحلقي الرابع».
- ما التحديات التي تواجه تنفيذ المشاريع؟
- تنفيذ مشاريع بهذا الحجم في بغداد يعد تحديًا كبيرًا نظرًا لكثافة السكان والزحام الشديد، كما أن بعض مشاريع البنى التحتية تحت الأرض تتداخل مع الخدمات الموجودة مسبقًا، مثل شبكات المياه، الكهرباء، الاتصالات، وخطوط النفط، وقد تم تشكيل فرق متخصصة من جهات متعددة لإزالة أي تعارض وللتأكد من سرعة إنجاز المشاريع دون تأخير.
- ما دور الشركات المحلية والأجنبية في هذه المشاريع؟
- تم استقطاب عدد من الشركات الأجنبية من الصين، وأوكرانيا، وتركيا، ومصر، ولبنان، والإمارات، فضلا عن الشركات المحلية للمشاركة في تنفيذ هذه المشاريع، يأتي ذلك بهدف نقل الخبرات، ولتعزيز المنافسة، وتوظيف عمالة محلية، حيث تم تشغيل أعداد كبيرة من العراقيين في مختلف مراحل العمل.
- كيف تؤثر هذه المشاريع على الوضع الاقتصادي في بغداد؟
- تساهم المشاريع في خلق فرص عمل جديدة للعراقيين، وتحفيز الاقتصاد المحلي من خلال زيادة الطلب على المواد الإنشائية، وهو ما يدفع بالمصانع المحلية لزيادة إنتاجها، إلى جانب ذلك، توفر المشاريع سيولة مرورية تؤدي إلى تقليل الوقت في الازدحامات، مما يزيد من إنتاجية العمال ويعزز الاقتصاد على المدى الطويل.
- كيف تم اختيار مواقع تنفيذ هذه المشاريع؟
- تمت دراسة شبكة الطرق في بغداد بشكل دقيق، باستخدام كاميرات وعدادات مرورية لتحديد العقد المرورية الأكثر ازدحامًا والتي تحتاج للتطوير العاجل، بناءً على ذلك، تم تحديد الأولويات ووضع خطط شاملة لربط مناطق بغداد وتوفير مسارات بديلة.
- كيف تضمن الجهات المنفذة سلامة هذه المشاريع؟
- تلتزم الجهات المنفذة بأعلى معايير السلامة والجودة في جميع مراحل العمل، حيث يتم اختبار جميع المواد الإنشائية المستخدمة لضمان جودتها وسلامتها، كما يتم التعاون مع جهات رقابية لضمان الالتزام بالمواصفات العالمية وتلافي الأخطاء المحتملة أثناء التنفيذ.
- ما تكلفة الحزمة الأولى من هذه المشاريع؟
بلغت التكلفة الإجمالية للحزمة الأولى نحو تريليون و86 مليار دينار عراقي، وقد تم إنفاق 786 مليار دينار حتى الآن، حيث تم افتتاح 8 مشاريع فعليًا ضمن هذه الحزمة.
- ما الجهود المستقبلية المخططة لتحسين النقل في بغداد؟
-تتضمن الخطة المستقبلية إطلاق حزم إضافية لتطوير شبكة الطرق والجسور، منها مشروع جسر «الصرافية الثاني» وطريق «الحلقي» الذي سيساهم في ربط مداخل بغداد الرئيسة دون الحاجة للمرور بوسط المدينة، مما سيخفف من الازدحامات المرورية بشكل كبير.
-كيف سيكون تأثير هذه المشاريع على حركة المرور بعد اكتمالها؟
-من المتوقع أن تساهم المشاريع بشكل كبير في تحسين حركة المرور وتخفيف الازدحام، وذلك بتوفير مسارات نقل جديدة تربط مناطق بغداد المختلفة يبعضها، وستسهل التنقل بين جانبي الكرخ والرصافة، وتحد من التجاوزات المرورية من خلال تعزيز التعاون مع مديرية المرور لتنظيم إشارات المرور وضبط سلوك السائقين.
- ما دور المواطن في نجاح هذه المشاريع؟
-المواطن شريك أساس في نجاح هذه المشاريع، حيث يتوجب عليه الالتزام بقواعد المرور وعدم التجاوز على المسارات، ما يساعد على تحقيق الهدف المرجو من هذه المشاريع في تخفيف الازدحامات وتحسين الوضع المروري.
- ما الجدول الزمني المتوقع لإنجاز هذه المشاريع؟
-تستهدف الوزارة إنهاء الحزمة الأولى في فترة قياسية، وقد دخلت بعض المشاريع فعليًا الخدمة مثل مجسر قرطبة ومشروع ساحة النسور، ويتوقع أن تدخل مشاريع أخرى الخدمة بحلول نهاية العام الحالي، الحزمة الثانية تشمل مشاريع إضافية مثل جسر الصرافية الثاني، ويجري العمل على مشاريع ضمن الحزمة الثالثة لضمان استمرار تحسين شبكات الطرق.
- هل هناك تعاون مع الجهات الأخرى ؟
-نعم، هناك تنسيق مكثف مع مديرية المرور العامة لضمان تحسين حركة السير بعد انتهاء المشاريع، ويشمل ذلك تفعيل الإشارات الضوئية، استخدام الكاميرات المرورية، وتطبيق القوانين لمنع التجاوزات على الطرق. كما تعمل الحكومة على تنظيم أوقات الدوام لتخفيف الضغط على شبكة الطرق خلال ساعات الذروة.
- ما موقف وزارة الاعمار والإسكان من الحوادث التي حصلت أثناء العمل على بعض المشاريع؟
-أكدت الوزارة أن جميع الحوادث كانت ناتجة عن أخطاء عارضة ولم تؤثر على جودة أو سلامة المشاريع، وتم اتخاذ إجراءات فورية لتصحيح الأوضاع، كما تمت مراجعة إجراءات السلامة والتأكد من تركيب جميع المعدات الإنشائية بالشكل الصحيح، لضمان السلامة الإنشائية لكافة المشاريع.
وأخيرا:» نقول إن مشاريع فك الاختناقات المرورية في بغداد خطوة مهمة لتحسين حركة السير وتخفيف الزحام، وبالرغم من التحديات، فإن النجاح في تنفيذ هذه المشاريع سيعود بفوائد كبيرة على سكان العاصمة، لا سيما مع وجود خطط طموحة لتحسين البنية التحتية بشكل شامل.