على وقعِ النار يشتد التصعيد بين لبنان والعدو الإسرائيلي الذي وصل الى عمق بيروت ليرد حزب الله بضرب العمق الإسرائيلي في تل أبيب، وكان الجيش الاسرائيلي قد وسّع من ضرباته بشكل عنيف خلال كامل الاسبوع الفائت.
ووسط هذا التطور الميداني وصل الثلاثاء المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين في إطار المساعي الدبلوماسية للتوصل الى وقف اطلاق النار بين لبنان والعدو الاسرائيلي، وهذه الزيارة هي الزيارة الثانية له لكن في هذه المرة حمل معه وثيقة كانت قد سلمتها اسرائيل الى الولايات المتحدة الاميركية، والتي تتضمن شروطها لإنهاء الحرب، ولعل أبرز البنود التي كان قد رفضها كليا رئيس مجلس النواب نبيه بري هي حرية الطيران الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية، وحرية تنفيذ عمليات عسكرية لمنع “حزب الله” من إعادة بناء بنيته العسكرية جنوب البلاد”.
امتد لقاء يوم الثلاثاء إلى أكثر من ساعة ونصف اكتفى هوكشتاين بالقول بعدها “ان التفاوض سيبقى في المجالس الخاصة دون الحديث عنها لوسائل الاعلام، مكرراً في وقت لاحق وفي السياق عينه بأن القرار 1701 لم يعد كافياً”، ومع ان هوكشتاين اقتصر حديثه على هذه العبارة ورفض الإجابة على تساؤلات الصحفيين إلا ان وسائل اعلامية وجهات مقربة من الرئيس بري ذكرت ان هوكشتاين يسعى الى تطبيق القرار 1701 مع إضافات تتعلق بنشر الجيش اللبناني في نقاط محددة مسبقاً، وتغيير آليات عمل قوات الأمم المتحدة “اليونيفيل”.
هوكشتاين الذي امتنع عن الكلام العلني في عين التينة مكان اقامة الرئيس بري صرّح لوسائل إعلامية أخرى أن “واشنطن تريد وقف هذا النزاع، وأن العالم سيقف إلى جانب لبنان وقادته إذا اتخذوا القرارات الشجاعة والصعبة المطلوبة في هذا الوقت لتحقيق مصلحة جميع اللبنانيين”.
لم يخرج أي تصريح من الرئيس بري لغاية كتابة هذا المقال، لكن في المقابل علّقت بعض الشخصيات السياسية المقربة من حزب الله بأن زيارة هوكشتاين والوثيقة التي حملها معه تسعى الى تقويض السيادة اللبنانية وتتناقض مع أحكام القرار 1701، وفي ظل التفاؤل الذي عاشه اللبنانيون بإمكانية وقف الحرب إلا انهم يدركون ان وضع الشروط التعجيزية لوقفها ستتغير حكما مع تصعيد ميداني يقوم به حزب الله في الداخل الإسرائيلي، وإن العين ستكون دائماً على الميدان الذي سيغير طريقة وآليات التفاوض، ولا بأس إن كان التفاوض تحت النار، لان حزب الله قد وضع خطته للأيام المقبلة والتي ستكون أشد إيلاماً على إسرائيل.
في المقابل يكتفي اللبنانيون اليوم بالبقاء في مرحلة التشاؤم فلا تفاؤل واضح يحكم نهاية الحرب، ولا تشاؤم ثابت يجعل من المعركة طويلة، لكن الأكيد اننا دخلنا مرحلة الأيام الحاسمة فإما حل وانتهاء سريع للحرب دون شروط تمس بالسيادة اللبنانية او بكرامة حزب الله الذي لا يزال يقاتل بشراسة ويراهن على ميدانه المفتوح على كل الاحتمالات، أولها التصعيد الذي قد يأخذنا الى توسيع اكبر لدائرة الحرب، وكلما طالت الأيام اقتربت ساعات الحرب الشاملة، وإسرائيل التي تراهن على الوقت من جهة لإضعاف قدرات “حزب الله” تدرك انه لن يُترك وحيدا في اللحظات الأخيرة، وقد أعلنت إيران بالفم الملآن أنها لن تسمح بهزيمة حزب الله، وعليه تبقى احتمالات تدخلها في الوقت المناسب واسعة.