التأمل الروحي واحدة من الممارسات القديمة، التي تعود جذورها إلى آلاف السنين، يسعى ممارسوها إلى الوصول إلى حالة من الوعي العميق والسلام الداخلي، والتواصل مع الروحانية أو القوة الكونية، ويعتبر التأمل الروحي رحلة شخصية تهدف إلى تطوير الذات واكتشاف المعنى الأعمق للحياة.والتأمل الروحي هو أكثر من مجرد تقنية للاسترخاء، لأنه تجربة شاملة تهدف إلى توسيع الوعي، عبر تجاوز حدود العقل والتفكير النقدي، بغية الوصول إلى أبعاد أعمق من الوجود، كما يهدف إلى الوصول إلى السلام الداخلي، عبر المساهمة في تهدئة اضطراب العقل والتخلص من التوتر والقلق، وكذلك الشعور بالاتصال بقوة أكبر من النفس من أجل اكتشاف الذات الحقيقية وتجاوز الأنا، وتحقيق التوازن بين الجسد والعقل والروح.
وينقسم التأمل الروحي إلى عدة أقسام، وله عدة أشكال، وهي وتختلف من ثقافة إلى أخرى، وأهم الأنواع الشائعة هي التالي:
التأمل الذهني: التركيز على كائن معين أو على التنفس.
التأمل التجاوزي: تكرار عبارة معينة بصوت منخفض أو في الذهن.
التأمل الواعي: التركيز على اللحظة الحاضرة دون أحكام.
التأمل الحركي: دمج الحركة مع التأمل، مثل اليوجا والتاي تشي.
التأمل الصوتي: استخدام الأصوات لتغيير حالة الوعي.
كما قدمنا، أحد أهم أهداف التأمل الروحي هو الوصول لحالة سلام مع النفس، لذلك يعتبر له العديد من الفوائد على المستويين النفسي والجسدي، من بينها:
تحسين الصحة النفسية: عبر تقليل التوتر والقلق والاكتئاب، إلى جانب تعزيز الشعور بالسعادة والرضا.
تحسين الصحة الجسدية: عبر خفض ضغط الدم، تحسين نوعية النوم، إلى جانب تقوية الجهاز المناعي.
زيادة الإبداع والتركيز: عبر تحسين الوظائف الإدراكية وزيادة القدرة على التعلم.
تعزيز العلاقات: بزيادة التعاطف والتفهم للآخرين.
اكتشاف المعنى: ويقصد بها إيجاد هدف في الحياة والشعور بالاتصال بشيء أكبر من النفس.
يمكن للجميع القيام بعملية التأمل الروحي، سواء كان الراغب في التأمل من المبتدئين، أو المحترفين في عملية التأمل الروحي، كما يمكن لأي شخص ممارسة التأمل بغض النظر عن العمر أو الخلفية الدينية، وللبدء عليك بالتالي:
اختاري مكانًا هادئًا ووقتًا مناسبًا: ابحثي عن مكان خالٍ من الضوضاء والمشتتات، وخصصي وقتًا يوميًا للتأمل، حتى لو كان لبضع دقائق، يمكنك البدء بوقت قصير حتى يصبح الأمر عادة، ثم بإمكانك زيادة مقدار الوقت حسبما ترغبين.
وضعية الجلوس أثناء التأمل الروحي: يجب أن تختاري وضعية جلوس مريحة، حتى يمكنك البدء في التأمل الروحي، حتى لا تشغلي نفسك بتغيير الوضعية الغير مريحة أو التململ منها، فيمكنك الجلوس على الأرض أو على كرسي، لكن في كل الحالات حافظي على ظهرك مستقيمًا، يمكنك تجربة عدة وضعيات للجلوس في البداية، حتى تصلي لوضعية الجلوس المريحة، والتي تساعدك على الاسترخاء، لكن ليس الاسترخاء الذي يقودك إلى النوم.
التركيز على طريقة التنفس: ابدئي بالتركيز على نفسك، “الشهيق والزفير”، يجب أن تصلي إلى مرحلة من التناسق والتناغم بين الأنفاس الداخلة والخارجة.
التحكم بالأفكار: عندما تتشتت أفكارك، حاولي دائما العودة إلى التركيز على تنفسك، بطبيعة الحال في البداية، شأنك شأن أي شخص آخر، سيكون العقل مشغول بجزء من الماضي وجزء من الحاضر والمستقبل، لكن ركزي على تنفسك وابقي داخل اللحظة التي أنت فيها، هذا الأمر لن يحدث بين ليلة وضحاها، أنت بحاجة للصبر والمواظبة حتى تصلين إلى مبتاغك، وتأكدي قبل كل شيء أن التأمل الروحي هو رحلة شخصية فريدة، تختلف تجربة كل فرد فيها، ومن خلال الممارسة المستمرة، يمكن للتأمل أن يحول حياتك ويمنحك السلام الداخلي والسعادة.