كانت الصحافة واحدة من وسائل الدعاية البريطانية، فضلاً عن السينما والإذاعة، و”مدير الاستقبال”، وهي تسمية طريفة سنعرف تفاصيلها في ختام هذا المقال عن كتاب عبد السلام السامر” أساليب الدعاية البريطانية في العراق 1939 – 1945” الذي يتناول حقبة الحرب العالمية الثانية منذ بدايتها حتى نهايتها، وتأثيراتها على الساحة العراقية، حيث الصراع الدعائي البريطاني الألماني في العراق الذي يحتل أهمية سياسية لألمانيا وبريطانيا وحلفائها. وقد تفاقم في تلك السنوات المضطربة الصراع العراقي البريطاني وقيام انتفاضة مايس عام 1941 بقيادة العقداء الأربعة “ صلاح الدين الصباغ وكامل شبيب ومحمود سلمان وفهمي سعيد “ الذين طالبوا باستقالة حكومة طه الهاشمي، غير أن الإنكليز دبَّروا في ليلتها عملية هروب الوصي إلى معسكر الحبانيّة، ومن ثم نقلوه إلى البصرة لخلق أزمة دستورية، مما اضطر العقداء إلى تشكيل حكومة الدفاع الوطني برئاسة الكيلاني.
في خضم هذه الأحداث وغيرها التي عصفت بالعراق خلال سني الحرب العالمية الثانية لعبت الدعاية البريطانية دوراً متعدد الوسائل لكسب الحرب النفسية التي رافقت الحملة العسكرية البريطانية، ومارست ذلك فعلياً في القاء المنشورات الدعائية من الطائرات أو رميها بالمدافع، والتي تصف ما حدث بالمؤامرة النازية، وتدعو المواطنين إلى عدم تصديق “ أكاذيب العقداء الأربعة الذين خانوكم مقابل الذهب الألماني لتحاربوا حليفتكم بريطانيا “، فضلاً عن سعي البريطانيين لتكميم الصحافة الوطنية، وقيام السفارة البريطانية بتوزيع الصحف والمجلات المؤيدة لها، إلى جانب استخدام الإذاعة كوسيلة ناجحة للدعاية سواء باستخدام الموجات القصيرة، أو من خلال البرنامج العربي من هيئة الإذاعة البريطانية في لندن، ومحطة الشرق الأدنى، والإذاعة العربية من محطة دلهي. وكانت من وسائلهم أيضاً افتتاح قاعة للمطالعة يداوم فيها يومياً موظف إنكليزي يطلق عليه تسمية “مدير الاستقبال” مهمته مقابلة الذين يطلبون الحصول على المعلومات، لكن أغلبهم جاء ليبحث عن وظيفة فيقدم لهم المساعدة بسبب صلاته الواسعة، وعلاقاته الوديّة حتى مع أصحاب المقاهي الشعبية ومدراء الفنادق وكانت تلك المساعدة تشكل دعاية حسنة إذ تجعل هؤلاء الناس وذويهم يلهجون بالثناء لبريطانيا” !.