•تؤكد الفنانة التشكيلية العراقية نبراس هاشم أن نهجها الفني في رسم لوحاتها هو التعبيرية، وتعرف التزامها بالتعبيرية على أنه فن إظهار المشاعر والأفكار وإيصال الرسائل من خلال الألوان والأشكال والخطوط والتنسيق الفني إلى مشاهديها. وتشير إلى أن الفن التعبيري يميل إلى التركيز على التعبير الشخصي والتفاعل العاطفي مع العمل الفني، حيث يُستخدم التعبير الفني للكشف عن العواطف الداخلية والمشاعر الشخصية للفنان، ويمكن أن يكون مفتوحًا لتفسيرات متعددة من قبل المشاهدين.. نبراس هاشم فنانة ومدرسة للفن التشكيلي، هي ضيفتنا في حوار موسع يرسم محتوى الذات ليعبر عن عوالم أوسع.
- أهلا وسهلا بك في حوارنا اليوم.
- نود أولًا أن تعرفي نفسك لقرائنا الكرام؟
- اسمي نبراس هاشم ذنون، مواليد بغداد 1975، التحصيل الدراسي: دبلوم معهد الفنون الجميلة - تصميم، وبكالوريوس فنون تشكيلية - رسم 2000، وبكالوريوس فنون تشكيلية - نحت 2004، ماجستير طرائق فنية 2009، ماجستير فنون تشكيلية - نحت 2013. أعمل مدرسة في معهد الفنون الجميلة حاليًا.
- لكل مبدع بيئة وعائلة عاش في كنفها، وربما كانت السبب في رسم طريقه ونهجه. حدثينا عن النشأة وتأثيراتها عليك؟
- أنا أؤمن بالبيئة التي ترسم خُطى أبنائها. كفرد، توفرت لي منذ الطفولة عائلة تهتم بالثقافة بشتى أنواعها الثقافية والفنية، إذ كان والدي يحرص علينا أن نكون أنا وإخوتي في مدارس خاصة تحت رعاية الكنيسة. وكانت الماسيرات يحتوين الأطفال ويحرصن على تعليمهم بأعلى المستويات، ومن هناك أحسست بميولي الفني، إذ كانت مدارسنا تشهد نشاطات فنية وأعمال يدوية ودروس في الموسيقى والرياضة وإقامة المعارض.
- إذاً لنتحدث عن البدايات الأولى وكيف نمت الهواية؟
- منذ الطفولة كنت أميل لجمع أقلام الألوان بشكل كبير، وكان والدي يحرص على توفير دفاتر الرسم التي تحتوي على طبعات للطفل لتلوينها. برزت تلك الهوايات في مرحلة المتوسطة، حيث كنت أعشق درس الفنية، أرسم في كل موضوع تعرضه المدرسة، وأفكر وأستغرق بالتفكير ليكون العمل جميلاً. وأتذكر جيدًا أن مدرستي حازت على جائزة من خلال رسوماتي.
- وماذا بعد؟
- تنامت قدراتي، فقررت أن أدخل معهد الفنون الجميلة. تقدمت للمعهد، وبعد عناء وسعي من قبل والدي ووالدتي تم قبولي كطالبة في المعهد.
- كيف كانت المشاعر بعد القبول؟
- هل تصدقني إذا قلت لك إنه كان يوم ميلادي؟
- مسيرتك في المعهد لا بد أن تكون حافلة بالمشاركات؟
- في المعهد كنت في كل درس أشعر أن طاقة وهاجة تتفجر عندي، ولهذا شاركت في جميع معارض قسم الفنون التشكيلية. يدفعني تشجيع كبير من عائلتي وأساتذتي في المعهد، ونتيجة لذلك التشجيع كانت لي مشاركات توجتها بإقامة معرض شخصي عند التخرج، وكان أول معرض شخصي في حياتي.
- أول لوحة شعرت من خلالها أنك أصبحت ذات مضمون؟
- اللوحة التي شعرت من خلالها أنني أصبحت أمتلك مضموناً كانت في معهد الفنون الجميلة، وهي جزء من لوحات الفن البصري، وعلى أساسها كان مضمون معرضي الشخصي الأول.
- وكيف كانت نبراس تستنبط مضامين لوحاتها؟
- أنا أحب التخطيط منذ بداياتي، وأراه أساس الفكرة في تحقيقها كرؤية بصرية. الترابط الجدلي بين التصميم والرسم أعطاني قوة ورصانة في تنفيذ أعمالي بالأسلوب الذي أراه مناسبًا حسب الفكرة، فأشرع في تنفيذها.
- يبدو أن تنامي الأفكار والقدرات دفعك لإكمال دراستك الأكاديمية؟
- بالتأكيد، كنت مصرة على أن أكمل دراستي. رغم أن اختصاصي في التصميم في المعهد أهلني لأكون من العشرة الأوائل، فضلت دراسة الرسم بالتحديد. كان عليّ أن أبدأ من المرحلة الأولى، وقد قمت بذلك فعلاً، وكان خيارًا رائعًا. تعلمت النحت والفخار والكرافيك دعماً لخصوصية الرسم. كان الاختبار في الأكاديمية على يد الأستاذ القدير سعد الطائي والفنان المرحوم نزار الهنداوي، ونجحت بتفوق وإصرار.
- بعد الكلية كانت المسيرة أكثر انفتاحًا، أليس كذلك؟
- في الواقع، بدأت مشواري منذ أن كنت طالبة، إذ كان الأساتذة يشجعونني كثيراً على المشاركة في المعارض الوطنية، فضلاً عن فرصة المشاركة في معارض المرأة والقاعات الأهلية مثل قاعة الأورفلي ولكي أطور إمكاناتي، كنت كل صيف أشارك في دورات تعليمية للتقريع في الرسم، ومن بين المعلمين كان أديب مكي، فضلاً عن متابعة السيدة وداد الأورفلي.
- أول معرض شخصي متكامل، متى وأين، وماذا ضم من لوحات؟
- أول معرض، كما ذكرت، كان في معهد الفنون الجميلة وبأسلوب الفن البصري. بعده، رسمت أربع جداريات بنفس الأسلوب عام 2008، وأقمت معرضي الثاني. لقد كانت رحلة طويلة بين المعرضين، لأنني حرصت على أن أقدم في كل معرض شيئًا مختلفًا عن السابق.
- وهل لك مشاركات دولية؟
- نعم، لي مشاركات في معارض الأمم المتحدة، كما أقمت معرض الحرب على أنقاض كلية الفنون وانتقل إلى المعهد الثقافي الفرنسي، وشاركت في معرض الشباب في هولندا، كما أقمت معرضًا شخصيًا في الأردن، وتلقيت دعوة لإقامة معرض في مدينة الفن في باريس.
- نهجك في التشكيل، هل كان واحدًا أم حصلت عليه تغييرات؟ نعني هل تعددت مضامينك أم طغى عليك لون معين؟
- جميل هذا السؤال. أعتقد أن الفنان لا يتبنى نهجًا معينًا في البداية؛ فمثل هذه الأمور تتبلور مع الزمن والوعي. نهجي الآن هو الإنسان ومعالجات المفردات المحيطة والمؤثرة فيه، ولهذا أسلوبي الآن هو التعبيرية.
- أين تضعين نفسك بين معاصريك؟
- أنا من جيل التسعينات، والحمد لله لي خصوصية في مكانتي الفنية.
- هل حصلت على جوائز؟
- حصلت على الكثير من الجوائز منذ كنت طالبة في معهد الفنون، منها جوائز عشتار للشباب، وجائزة الإبداع من الهلال الأحمر، وجائزة فنانون متميزون من حكومة كردستان العراق، وجائزة المدرس المتميز.
- وهل تحتفظ الفنانة نبراس بأعمالها؟
- نعم، أعتز واحتفظ بأعمالي بشكل خاص، وأعتقد أن العمل الفني يجب أن يكون ذا خصوصية مع الذات.
- هل تستطيع الفنانة نبراس أن تصف لنا كيف تتولد لديك الفكرة وكيف تعملين على تجسيدها كلوحة؟
- بطبيعتي، عندما أفكر في حالة معينة أبدأ بعمل الاسكتشات حول هذه الفكرة، وأفكر بها. وعند نضوج الفكرة، أبدأ العمل عليها. أحيانًا، ينتابني شعور بأن الموضوع هو الذي يختار الخامة، سواء كانت الرسم، نوع اللون، أو النحت، السيراميك، أو الطباعة بالحبر. عملية الحوار أثناء التخطيط تعطي الفنان شعورًا يجعله يصغي ويركز؛ أقصد أني أعمل على أن تكون اللوحة برمز واحد حتى لا يتشتت المتلقي عند رؤيتها.
- أهم روافد الإلهام التي تنهلي من فيضها التميز والإبداع؟
- السكون والصمت، حيث أركز أكثر في الحوار الذاتي بيني وبين اختياراتي للمواضيع، بالإضافة إلى المتابعة المستمرة لتجارب الفنانين.
- ما الألوان التي تفضلين استخدامها في الرسم؟
- أصبح الجميع يعرف أن الألوان المفضلة لدي هي الأبيض، الأسود، والأصفر.
- ما أعمالك الفنية البارزة التي تعتبرينها أهم إنجازاتك الفنية حتى الآن؟
- الحمد لله، لدي الكثير من الأعمال التي ما زالت في ذاكرة المتلقين، منها “هجرة الطيور” في معرض 2008، وأيضًا “ثورة التحرير” و”رحيل ودموع” الذي أنجزته عام 2012، وأعمالي عن مناجاة الأهوار ، وكلها أعتز بها.
- هل للوضع الاجتماعي والثقافي في العراق تأثير على فنك؟
- بالتأكيد، ألتقط العديد من الجزئيات من المجتمع في أعمالي الفنية، سواء نحت أو رسم أو خزف. أعتقد أن مجتمعنا يحتوي على الكثير من المحفزات الفكرية، البيئية، والاجتماعية لإنتاج الأعمال الفنية.
- هل لديك نصيحة تودين مشاركتها مع الشباب الذين يرغبون في دخول عالم الفن التشكيلي؟
- نعم، أود أن أقول من باب التذكير ضرورة الابتعاد عن السرعة والعجلة في تنفيذ الأعمال، والمنافسة الصادقة والنظيفة هي التي تجعلك متميزًا وناجحًا.