الدول والشعوب تخشى في العادة الجرائم التي توصف بالجرائم المنظمة. مصدر الخوف أن هذه الجرائم يقوم بها محترفون وتستهدف أطرافاً معينة سياسية أو اجتماعية أو تهدف الى إحداث أكبر قدر من الضرر والإرباك في مرحلة من المراحل بحيث يلتهي الناس بها من أجل تمرير ما هو أخطر من الجريمة بحد ذاتها. والدول تضع عادةً خططاً وأساليبَ من اجل مواجهة الجريمة المنظمة بما في ذلك الإستعانة بتجارب دول أخرى. نحن في العراق لم نمر عبر تاريخنا بهذا النوع من الجرائم بما في ذلك الجرائم التي ارتكبت في السبعينيات من القرن الماضي والتي قام بها ما يعرف بـ “أبو طبر”. فعندما تم إلقاء القبض على أبي طبر لم يظهر خلفه أي دافع سياسي أو اجتماعي يمكن أن يتحول الى ظاهرة يصعب مواجهتها والدليل إنه عندما تم إلقاء القبض عليه بعد ارتكابه بمساعدة عدد من أفراد عائلته بمَا فيهم زوجته نحو 4 جرائم لم تسجل جرائم من هذا النوع طوال أكثر من 40 عاما.
لكننا نواجه اليوم مستوى آخر من الجرائم المعلومة والتي لاتحتاج الى أن تقلق السلطات بشأن من هم مرتكبوها ومَن يقف خلفهم. فالجرائم التي باتت تقع يوميا بواقع جريمة في الأقل لا يقوم بها أناس مجهولون تقوم الدنيا ولا تقعد قبل أن يتم اكتشافهم إما بالصدفة او نتيجة خطأ وقعت به المجموعة التي تقوم بالجريمة. جرائم اليوم وهنا مكمن الخطورة في غالبيتها عائلية. فالناس الى حد كبير لم تعد تخشى حين يخرج أحد افراد العائلة إنه يمكن أن يستهدف في الطريق إلا ربما من حوادث الطرق التي هي الأخرى باتت أمرا مقلقا للناس. بل الذي صار يحصل هو ارتكاب جرائم داخل البيوت. فخلال يوم واحد مثلا قرأت الأخبار الآتية: مقتل أخ على يد أخيه بواسطة “سكين”.. مقتل رجل على يد زوجته وأثناء نومه بواسطة “دولكة ماء كزاز”.. مقتل شخص يبلغ من العمر 40 عاما جراء إطلاق نار من قبل “عديله”.. مقتل أسرة بالكامل وحرق دارها ضمن ناحية العباسية في سامراء... هذه عينة ليوم واحد...
يوم واحد والعباس أبو فاضل.