الصهيونية حركة سياسية عنصرية توسعية استيطانية قامت في القرن الماضي وقت نشأة الحركات القومية والنزعات الرومانسية التحررية، وبالتالي لا يمكن مقاومتها إلا بحركات سياسية، حركات تحرر ومناهضة للاستعمار والصهيونية والامبريالية “فصائل المقاومة الاسلامية”، وكما قامت على العدوان فإنها لا ترد إلا بالقوة، وهذا صحيح علمياً وتاريخياً أمام مجامع العلماء والرأي العام المستنير.
وكشف الفيلسوف الفرنسي “روجيه غارودي” في بحثه عن الصهيونية؛ مرتكزين أساسيين يمدان عقلية الكيان المجرم “إسرائيل” الساعية للغزو والسيطرة، الاول جذوره منبعها ملاحم “يوشع” المُحَّرَفة، وغايتها جعل “إسرائيل” مركزا للعالم ولتاريخه كحالة تكمن في صلب الديانة اليهودية. إن الهدف المعلن لهذه العسكرية الضاربة، ليس الدفاع عن “إسرائيل”؛ بل تفتيت جميع الدول العربية، إنهم يسعون إلى توسعة حدود “إسرائيل” بالتقتيل والإرهاب لتكون كما رسمها المجرم “بن غوريون” أول وزير دفاع ورئيس وزراء صهيوني أذ قال عام 1937م، وفق نص توراتي مُحَّرَف، هذه الحدود لأرض الميعاد هي من النيل (في مصر) إلى الفرات(في الشام والعراق).
لقد أضافت النصوص المُحَّرَفة القدسيةَ على المذابح التي ترتكبها الصهيو-أميركية اليوم في غزة وجنوب لبنان ، وفق مواد طرحها الحاخامات من قبيل: “إن مُدُن هذه الشعوب، قد حكم ربك أن لا ينبغي أن يُدع مخلوقا حيا من غير اليهود يعيش فيها. عليك بإبادتهم جميعا كما أمرك الرب مولاك“.
أما الثاني – كما يذكره غارودي - فيكمن في “طبيعة الغرب الحديثة” التي امدت الصهيونية الرغبة المفعمة في السيطرة وقمع غير اليهود. ألا يفسر هذا لنا لماذا تنبري فرنسا وألمانيا وبريطانيا لغض النظر عن هول جرائم “إسرائيل” الشنيعة وبالمقابل تردع جيوشها ويبرق سياسيوها وتقض مضاجعهم، لمجرد التفكير في أدنى احتمال وقوع تأديب يطال صهيونيتها المجرمة من كل فضيلة؟ كتب جارودي يقول: “عدم وجود ذكر هذا الشعب، لا في كتاب هرتزل ولا في الاجتماعات التأسيسية للحركة الصهيونية العالمية، هي مُسَّلمة أساسية للصهيونية، تفرَّعت عنها جميع الجرائم اللاحقة، وها هي “جولدا مائير” رئيسة وزراء “اسرائيل” السابقة تُصرِّح لجريدة “صاندي تايمز” بتاريخ 15 يونيو 1969 قائلة: “لا وجود للفلسطينيين، وواقع الأمر لا يبدو وكأنه كان ثمة شعب فلسطيني يعتبر نفسه شعبا فلسطينيا، كما لو جئنا لطرده والاستيلاء على بلاده، والواقع أنه لم يكن موجودا أصلا”، ولكنهم يقاومون، فوجب إقصاؤهم وتقتيلهم كما قتلت أميركا الهنود الحمر. وعندما سأل آينشتاين، وايزمان الذي كان حينئذٍ أحد قادة المنظمة الصهيونية العالمية: ماذا سيحلُ بالعرب إذا ما أُعطيت فلسطين لليهود؟ أجاب: “أي عرب تعني؟ إنهم لا يعدون شيئا!”
ولم يعرف العالم خلال هذا القرن خرقا أكبر للقانون الدولي ولكل الأخلاق المتوافق عالميا ولكل القيم الحضارية ولكل الأعراف التي تقدس الحياة وتحمي الطفل والشيخ والمرأة والمريض وكل من هو في وضعية هشاشة. فمنذ الأسبوع الأول من أكتوبر 2023(طوفان الاقصى) وبعد ردة فعل حركة حماس على عقود من ظلم الشعب الفلسطيني في غزة والقطاع والقدس، أظهرت “إسرائيل” وجهها الحقيقي البشع، وأظهرت دول أوروبا الإستعمارية قبح سلوكها البعيد عن القيم الحضارية. وأظهرت الولايات المتحدة الاميركية أنها مجرد بلاد تحكمها الصهيونية و”الايباك” وتختار رؤساءها ووزراءها ومسيري أجهزة إعلاميا. وفي يومنا هذا فضحت حرب غزة الهوية الحقيقية للصهيونية. حتى المجرم نتنياهو الصهيوني أصبح يتكلم بإسم “التوراة”!!! التي كتبها بعض البشر ليحرفوا رسائل المحبة الإلهية. جعلوا من ” يهوه” ذلك الأمر بقتل الأطفال وبإخضاع كل البشر غير اليهود ” لشعب مختار ” يستعبد خلق الله من النيل إلى الفرات.
هؤلاء الصهاينة لم يكتفوا بهذا، بل سيطروا على صنع النخب السياسية والإقتصادية العربية المطبعة معهم وسخروهم لخدمتهم .وأصبحت الصور البشعة تؤثر في الشعوب ولا تؤثر في قادة أوروبا وأميركا. ووصل الأمر إلى حد تجنيد بعض محبي الصهيونية في بعض البلاد العربية لتبرير جرائم الابادة للاجرام الصهيوني في غزة وجنوب لبنان. الإبادة المتواصلة تستعيد كل تأريخ المذابح التي سبقت، وعلى مدى مئة عام، وقد ارتكبت العصابات الصهيونية المُسلّحة خلال النكبة الفلسطينية عام 1948، عشرات المجازر التي راح ضحيتها آلاف المدنيين الفلسطينيين “العُزّل” في مختلف القُرى والمُدن.
إن عدد المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في الفترة بين 1937 و 1948، زادت عن 75 مجزرة، راح ضحيتها أكثر من 5 آلاف شهيد فلسطيني، فضلاً عن إصابة الآلاف. قد تختلف المسميات ولكن القاسم المشترك بينها هو القاتل، طبيعة الكيان الصهيوني وحقيقة الممارسات الإجرامية التي لا تتوقف منذ عقود. وبينما يستمر القصف والتدمير والحرق والجوع والعطش والقتل في غزة وجنوب لبنان، ولا بد من النظر في الدروس التاريخية وفهم العدو وممارساته، والبحث في آليات المقاومة ومواجهة الإجرام الصهيوني بفصائل المقاومة الاسلامية في المنطقة.
نقلا عن « راي اليوم «