أمضى البرلمان سنة كاملة بلا رئيس أصيل، وخلال السنة الكاملة كان هناك أكثر من فصل يطلق عليه «الفصل التشريعي»، لماذا هذه التسمية؟ لأن مهمة البرلمان الأولى هي تشريع القوانين التي تنظم حياة الناس والمجتمع طبقاً للدستور الذي هو عقد إجتماعي بين الناس والدولة, والبرلمان هو الممثل لهؤلاء الناس لأن أعضاءه منتخبين. المهمة الثانية للبرلمان هي الرقابة، أي رقابة الحكومة من حيث الأداء والممارسة لسلطاتها التي رسمها لها الدستور ووفقاً للمنهاج الوزاري الذي تلزم الحكومات عادة نفسها به ويصادق عليه البرلمان.
إذن كل شيء تمام مثلما يفترض، لكن هل هذا هو واقع الحال؟ الجواب لا. فبقاء البرلمان بلا رئيس أصيل بعد إقالة رئيسه هي مخالفة دستورية. المفارقة أن هناك من بين أعضاء البرلمان يقول أن أداء النائب الأول كان ممتازاً، الأمر لايتعلق بطبيعة الأداء من حيث الجودة من عدمها بقدر ما له علاقة بالدستور الذي يجب أن يحترم. وحين لايفرق نائب بين الرئيس الأصيل والرئيس بالإنابة فهذا خلل في طبيعة فهم النائب لمهامه التي هي التشريع والرقابة.
وطالما الأمور تقاس بالنتائج فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ماذا شرع البرلمان من قوانين حتى الآن؟ وماذا راقب وكيف راقب؟ على صعيد التشريع فإن كل فصل من فصول البرلمان يسمى فصلاً تشريعياً تليه عطلة، وبحساب عرب بسيط فإن القوانين التي شرعها البرلمان هي تلك التي لا تتسم بالجدل بين المكونات أو تلك التي يراد تشريعها بالأغلبية بعيداً عن رؤية باقي المكونات الممثلة على شكل كتل في البرلمان. والدليل أن القوانين التي باتت تسمى جدلية لم تشرع خلال أكثر من فصل تشريعي، بمعنى يبدأ الفصل التشريعي وينتهي ويستمر الجدل حولها. أما الرقابة فقوامها الإستضافة والأسئلة البرلمانية والإستجواب وهو مالم يحصل سوى مرة واحدة طيلة الدورة البرلمانية الحالية التي لم يتبق لها سوى سنة وحوالي فصلين تشريعيين.
الحجة كانت عدم وجود رئيس اصيل للبرلمان، الآن إنتهت الحجة بإنتخاب الرئيس الدكتور محمود المشهداني. الأخبار تقول إن البرلمان سيمدد فصله التشريعي عسى ولعل، ونحن من جانبنا نقول أيضاً.. عسى ولعل.