حظيت صورُ الشهيد الفلسطينيّ «يحيى السنوار» زعيم حركة حماس بإعجابِ وتفاعلِ الملايين، وغزت الفضاءَ الافتراضيّ.
وسرعانَ ما تحولت الدقائقُ الأخيرةُ للسنوار، وهو جالسٌ على الأريكةِ القديمة، ملثماً مقاوماً حتى الرمق الأخير، بعصا وجسدٍ نازف، ونظرةٍ شامخةٍ ثاقبة، إلى صورٍ متداولةٍ عالميا، جعلت منه رمزاً خالداً في الشجاعة والصمود.
أما «عصا السنوار» التي ألقاها على طائرة الدرون التي تحوم حوله عندما دخلت المبنى الذي تحصّن به لتصور اللحظاتَ الأخيرة من حياته، أصبحت «أيقونة» جديدةً لأحرار العالم وأبطال المقاومة.
نعم.. أدرك السنوار رمزيةَ رميه العصا على الطائرة المسيرة المُعادية، وهو جالس منفرداً على أريكةٍ قديمة، ومكانٍ مهدمٍ، وهذا ما حصلَ بالفعل، فقد تداولَ نشطاءُ مواقع التواصل الاجتماعي صوراً مرسومةً من واقع المشهد الأخير للسنوار، وهو يجلس على أريكةٍ داخل منزل، جريحاً ملثماً بالكوفية الفلسطينية، وفي يده العصا التي ألقاها على الطائرةِ المُسيرة الإسرائيلية، حيث كتبوا تحت الصورةِ مثلا عربيا: قل: «رميته بعصى السنوار».
كذلك نشرت حساباتُ على منصة إنستغرام تعودُ إلى مالكي المبنى الذي استشهد فيها يحيى السنوار صوراً وتدويناتٍ عبّرت عن فخر العائلة بهذا الشرف العظيم.
وقال ناشطون إن الشقةَ الواقعة في شارع ابن سينا في حي تل السلطان غرب مدينة رفح جنوبي قطاع غزة تعود إلى عائلة أبو طه التي اضطرت لإخلائها جرّاء العدوان الإسرائيلي المتواصل للعام الثاني على التوالي.
وأكد حسابٌ على منصة إنستغرام يحملُ اسم «غزة سويت»، ويبدو أن صاحبه من عائلة أبو طه أن الشقةَ التي استشهد فيها السنوار تعودُ ملكيتها إليه.
ونشر الحسابُ صورتين للشقة في حلّتها العاديّة قبل الحرب وبعدها، ويظهر بوضوحٍ الكرسي الذي جلسَ عليه السنوار عندما صورته المسيّرة الإسرائيليّة، ودوّن الحساب «بيتنا زاد شرفا وفخرا بأبي إبراهيم القائد المثابر»، مضيفا «نشكر الله أن نوّلنا هذا الشرف».
وقال الحسابُ «باسمي وباسم عائلة أبو طه كلنا فخر بأن أبا إبراهيم (يحيى السنوار) نال الشهادةَ في بيتنا، ها قد نلتها مقبلا غير مدبر».
السنوار الذي استشهدَ في 17 تشرين الاول/ أكتوبر 2024 في مدينةِ رفح بقطاع غزة بعد اشتباكٍ مع قوات الاحتلال الصهيوني، أصبح أيقونةً للشجاعةِ ومقاومة المحتل الغاصب، ومثلاً عالمياً للحرية ولمقاومة الغزاة، كنيلسون مانديلا والمهاتما غاندي وعمر المختار وغيرهم من عظماء العالم.
نعم.. السنوار لم يكن هاربًا أو حاولَ الهرب، ولم يكن خائفا من الموت، بل عاشَ مقاوماً حتى النفس الأخير، فقد قاتل بشجاعةٍ حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، باحثا عن الشهادةِ في ساحة المعركة بغزة، وهذا ما حصل بالفعل.
الاحتلالُ الإسرائيليّ يعدُّ السنوار مهندسَ عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، التي كبّدتها خسائر بشرية وعسكرية وهزت صورة أجهزتها الاستخباراتية والأمنية أمام العالم.
اعتقل السنوار لأول مرة عام 1982 وكان عمره حينها 20 عاما، ووضع رهنَ الاعتقال الإداريّ 4 أشهر، وأعيد اعتقاله بعد أسبوعٍ من إطلاق سراحه، وبقي في السجن 6 أشهر من دون محاكمة. وفي عام 1985 اعتقل مجددا وحكم عليه بـ8 أشهر.
في 20 يناير/كانون الثاني 1988 اعتقلَ مرةً أخرى وحوكم بتهمٍ تتعلق بقيادةِ عمليةِ اختطاف وقتل جنديين إسرائيليين، وقتل 4 فلسطينيين يشتبه في تعاونهم مع إسرائيل، وصدرت في حقه 4 مؤبدات (مدتها 426 عاما).
استثمر السنوار فترة سجنه التي استمرت 23 عاما في القراءةِ والتعلُّمِ والتأليف.
أطلق سراحه عام 2011، وكان واحدا من بين أكثر من ألف أسير حرروا مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط ضمن ما سمي صفقة «وفاء الأحرار».
ختاماً.. هنيئاً للسنوار نيل الشهادة والثبات والدفاع عن غزة والشعب الفلسطينيّ وشرف الأمة.