تراوحت أسعار النفط صعوداً وهبوطاً في نطاق سعر السبعينيات خلال هذه المرحلة من النزاع الإيراني - الإسرائيلي المباشر، وتوقعات انخفاض الطلب على النفط، بالذات في الصين، وزيادة ارتفاع المخزون النفطي الأميركي الأسبوعي. وقد سجل سعر نفط برنت في نهاية يوم الجمعة الماضي نحو 74.31 دولار للبرميل.
سجلت أسعار برنت أكبر انخفاض لها منذ أوائل شهر أيلول الماضي، بعد أن خفضت قبلها منظمة «أوبك» و«وكالة الطاقة الدولية» توقعاتهما للطلب على النفط في عامي 2024 و2025. ويكمن السبب الرئيس لهذه التوقعات السلبية في الصعوبات التي تواجهها الحكومة الصينية في كسب ثقة المستثمرين من خلال سياسة نقدية تم إطلاقها حديثاً. وقد انخفض نمو الاقتصاد الصيني إلى 4.6 في المائة في الربع الثالث لعام 2024، كما انخفض حجم النفط الذي كررته المصافي الصينية للأشهر الخمسة الماضية على التوالي.
ورغم التهديدات الإسرائيلية بقصف منشآت حيوية إيرانية، والحصار الأميركي الجديد على صادرات إيران النفطية الذي يشمل فرض العقوبات على 23 ناقلة تحمل النفط الإيراني إلى الصين، فإن هذه العقوبات ستلحق «أضراراً محدودة جداً» بالصادرات الإيرانية، حسب نشرة «ميدل إيست إيكونوميك سرفي - ميس» التي تضيف أن طهران حازت «على خبرة واسعة في تهريب النفط».
ومن الجدير بالذكر أن وزارة المالية الأميركية فرضت هذه العقوبات الجديدة في 11 تشرين الأول الحالي رداً على «هجمات الصواريخ الإيرانية على إسرائيل».
بلغ حجم صادرات النفط الخام والمكثفات الإيرانية في شهر ايلول الماضي نحو 1.85 مليون برميل يومياً، نقلاً عن مؤسسة «كيبلر» المتخصصة بمراقبة شحنات الناقلات، وكما أوردته «ميس» عنها. يمثل هذا المعدل أكبر كمية تصديرية للنفط الإيراني منذ آذار 2018. وتتوقع «كيبلر» انخفاض الصادرات الإيرانية خلال شهر تشرين الاول الحالي إلى 1.3 مليون برميل يومياً، ويأتي هذا الانخفاض في ضوء احتمال رد الفعل الإسرائيلي بقصف إيران، ونظراً أيضاً لتوقف العمل لمدة ثلاثة أيام مؤخراً في ميناء «خَرج» تحسباً لاحتمال القصف الإسرائيلي.
تعتبر المصافي الصينية المستقلة أكبر جهة مستوردة للنفط الإيراني، رغم العقوبات الأميركية، لأسباب عدة: موافقة الصين على استيراد النفط الإيراني المحاصر بحسومات مغرية، واشتراك عدد كبير من المؤسسات التجارية والناقلات ذات الجنسيات المختلفة في عمليات التهريب، لقاء الأرباح العالية التي تجنيها.
وتشير المصادر النفطية إلى أن الأرباح المتحققة من التهريب، وإمكانية تغيير هوية وسجل الشركات القديمة وتحويلها إلى شركات جديدة من خلال الالتفاف على خلفيتها القديمة قد ساعدت على التهريب وتفادي العقوبات، كما تضيف المصادر، أيضاً بحسب «ميس»، أن «أهم سبب الآن في تفادي العقوبات الأميركية هو تخفيف الإجراءات» في ملاحقة الشركات، بالذات بعد الحرب الروسية الأوكرانية في شهر شباط 2022.
يظهر أن المخاوف من قصف إسرائيلي للمنشآت البترولية الإيرانية قد تقلصت. إلا أن القلق الأكبر هو محاولة طهران إغلاق الملاحة في مضيق هرمز، مما يؤدي إلى إيقاف تصدير شحنات النفط والغاز من المنطقة وإمكانية نشوب أزمة جيوسياسية كبرى، الأمر الذي عندئذ قد يرفع الأسعار فوق معدل 80 دولاراً للبرميل.
نقلا عن “ الشرق الأوسط “