رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
دمارٌ آني ونصرٌ مؤجّلٌ


المشاهدات 1195
تاريخ الإضافة 2024/10/21 - 7:56 PM
آخر تحديث 2024/10/26 - 2:30 AM

تصاعدت مؤخراً وتيرة المجازر الصهيونية في قطاع غزّة بشكل يثبت بما لا يدع مجالا للشكّ إكتمال حلقات وعناصر جريمتي الابادة الجماعية والتهجير القسري من القطاع أوّلا ومن الضفة الغربية في مرحلة لاحقة ، 
وتشير الأرقام إلى إرتفاع عدد ضحايا العدوان الصهيوني إلى 142 ألفا بين شهيد ومصاب ، فيما تتواصل عملية تدمير مقوّمات الحياة والتجويع الممنهج الشعب الفلسطيني في كامل قطاع غزّة ، وينفّذ الاحتلال الصهيوني جريمته ضدّ الشعب الفلسطيني وسط صمت وخمول دولييْن، ما غذّى نزعة القتل والتقتيل والتشفّي لدى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين ناتنياهو . 
ويتأكّد كلّ يوم أنّ أهداف العدوان المعلنة التي بُنِيت على خلفية «عملية الأقصى» هي غير الأهداف الخفيّة والتي تصبّ في تصفية الوجود الفلسطيني في الضفة والقطاع ، وذات الأمر يتكرّر في لبنان ، حيث يتجاوز العدوان المنفّذ مجرّد ضرب ومحاصرة «حزب الله» ليشمل عملية تدمير شاملة وكاملة للبنان ولشعب لبنان وذلك تحت شعار تجفيف منابع المقاومة .
ويمثّل التوسّع المضطرد في أهداف العدوان سبيل بنيامين ناتنياهو الوحيد لاستمرار الحرب والعدوان ، لأنّ عملية الاستمرار تؤمّن استمراره الشخصي في السلطة وتقيه ويلات الملاحقات القضائية ، وهي تلبّي إلى جانب ذلك حاجة أساسية وهيكلية لكيان الإحتلال الذي يحتاج من أجل إستمرار تماسكه ووحدة «مجتمعه» وديمومته إلى وجود عدوّ خارجي يبرّر اللجوء إلى الحرب والعدوان الدائم على « أعداء « خارجيين. 
وهذه الخصوصية التي ينفرد بها كيان الإحتلال الصهيوني تُفّسَّرُ بشكل كبير بطبيعة ونشأة الدولة العبرية ، فهو كيان نشأ بقرار أممي فوقي وجائر في حقّ الفلسطينيين ومكونات «مجتمعها» لا رابط يجمعها سوى رابط الديانة المهزوز ، وطريقة تمكّنها على الأرض نفّذته مجموعات صهيونية إرهابية بدعم كبير من قوى دولية على رأسها حينئذ بريطانيا ودول أوروبية أخرى لأسباب معلومة ، وظروف هذه النشأة جعلت منها ضرورة دولة لا مدنية ودينية متطرّفة في تشريعاتها وقوانينها ومنغلقة على ذاتها وتقوم فقط على نقاوة أيديولوجية العرق «اليهودي الصهيوني» ، وهو ما ينزع عنها صفة الديمقراطية التي يصمّ الغرب آذاننا بها ، ذلك أنّ أساس أيّ ديمقراطية هو مفهوم المواطنة التي يفترض هو الآخر مبدأ المساواة ، ولأنّ المساواة داخل دولة الإحتلال مستحيلة لكونها تؤدّي حتما إلى زوالها ، فإنّ الدولة العبرية تريد إفراغ فلسطين التاريخية من سكّانها بممارسة عملية التهجير القسري والإبادة الجماعية وهي إلى ذلك لن تقبل مطلقا بحقّ عودة اللاجئين كخطوة أولى لنسف مشروع الدولة الفلسطينية على أيّ رقعة من أرض فلسطين المحتلّة .
إنّ توسيع أهداف وآفاق العدوان واستمراره هو إذن الوسيلة الوحيدة التي بحوزة دولة الإحتلال التي يتمّ بها تغييب وحتّى إغتيال الأفق السياسي للقضية الفلسطينية الذي أساسه حلّ الدولتين ، وهي سياسة لن يستقيم حالها ولا تنتعش إلّا في محيط إقليمي ضعيف تغيب عنه مقوّمات التقدّم والازدهار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ويعيش في ظلمات الإستبداد ويعتبره السبيل الوحيد للمحافظة على السلطة وتخشى دُوَلُهُ الديمقراطية ولا تقدّر فضيلتها الاستراتيجية على الاستقرار والأمن في مجتمعاتها بعيدا عن كلّ حماية خارجية مسمومة .
وإنّ الدخول مع دولة الإحتلال في مربّع سياستها واستراتيجيتها قد يجني منه المرء بعض الرضا الشعبي ولكنّه عمل يسهّل على دولة الاحتلال الوصول إلى أهدافها ومن شأنه أن يؤجّل استرجاع الحقّ الفلسطيني في الدولة وفي تقرير المصير ، تماما كما أنّ الظلم والعدوان لا يُكسب نصرا إستراتيجيا وفوائده وقتية وهامشية .
وإنّ الحقّ الفلسطيني أساسه عقيدة أنّ العدوّ هو على المستوى الإستراتيجي نمر من ورق ومآله الزوال ، ولكنّ الحكمة تقتضي الإعتراف بأنّه اليوم نمر حقيقي يفترس كلّ من يعترض سبيله ولذلك وجب التعاطي معه كذلك والتصدّي له بكلّ الوسائل المتاحة التي بين أيدينا وهي كثيرة ومتنوّعة ، وإنّ العدوّ الصهيوني لن يُهزم بالنوايا الطيّبة والخطابات الشعبوية والسياسات الفاسدة والحلول الإنفرادية.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير