رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
فلسطين متجذرة في أعماق المغاربة


المشاهدات 1239
تاريخ الإضافة 2024/10/19 - 8:51 PM
آخر تحديث 2024/10/26 - 2:30 AM

لم يحل البعد الجغرافي للشعب المغربي عن أرض فلسطين دون ارتباط هذا الشعب بالقضية العادلة الأولى في العالم. فالمغرب يبعد عن فلسطين جغرافيا آلاف الكيلومترات، وبالتالي فإن هذا العامل يجعله بعيدا جغرافيا، على الأقل، عن التداعيات المباشرة للتطورات المتسارعة لهذه القضية، لكن المثير للانتباه بالنسبة للمراقبين أن هذا الشعب يعد من أكثر الشعوب العربية والإسلامية ارتباطا بقضية فلسطين العادلة، وأكثرها تفاعلا مع تطوراتها المتلاحقة .
نذكر في هذا السياق أن أكبر المسيرات الشعبية المتضامنة مع الشعب الفلسطيني كانت شوارع المدن المغربية، خصوصا في الرباط وطنجة، مسرحا لها، وأهم مبادرات الدعم المالي و الفني و التقني للشعب الفلسطيني صدرت من المغرب، إن على المستوى الرسمي أو الشعبي . 
وفي المغرب توجد تنظيمات شعبية وحزبية متخصصة في دعم نضال الشعب الفلسطيني، من قبيل الجمعية المغربية لدعم كفاح الشعب الفلسطيني، التي خرجت إلى الوجود منذ أكثر من خمسين سنة، وتضم تشكيلات حزبية ونقابية وشخصيات مستقلة، وتوجد مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، والتي تضم بدورها طيفا كبيرا من التشكيلات السياسية والشخصيات الفكرية، وتوجد جبهة دعم فلسطين ومناهضة التطبيع التي تشكلت قبل سنوات من طرف خمس عشرة هيئة حقوقية بالخصوص وضمت أيضا شخصيات من مشارب متعددة ومختلفة. وفي المغرب يختلف المغاربة حول كثير من القضايا الداخلية والخارجية، ولكنهم يكادون يجمعون على موقف واحد من القضية الفلسطينية .
لم يفتر حماس المغاربة في تقديم مختلف أشكال الدعم المتنوعة والمختلفة، وهكذا كان الأطباء المغاربة دوما في مقدمة الوفود الطبية التي تدخل أرض فلسطين، خصوصا في غزة، في كل لحظة يكون فيها الشعب الفلسطيني في حاجة إلى هذا النوع من الدعم، وفي غزة يشهد مطارها الذي دمرته قوات الاحتلال، ويشهد المستشفى الميداني على صدق وقوة هذا الدعم اللامشروط.
أخيرا كشفت مصادر وثيقة الاطلاع عن أن المغرب شهد منذ انطلاق انتفاضة الأقصى، قبل ما يزيد قليلا عن سنة، تنظيم أكثر من 6000 مسيرة شعبية حاشدة، انتشرت في جميع مدن المغرب دعما لغزة الصامدة ، شارك فيها أكثر من 15 مليون مواطن مغربي، وتميزت بعض المدن المغربية، كما الشأن مثلا بالنسبة إلى مدن الرباط والدار البيضاء وطنجة ومراكش وفاس، بتنظيم هذه المسيرات بشكل يومي، كما لم تفتر حملات الدعوات إلى مقاطعة العديد من المنتوجات لشركات غربية داعمة لجرائم الاحتلال ، ونجحت في توجيه ضربات مؤلمة لها، ما دفع كثيرا من المراقبين إلى التأكيد على أن الشعب المغربي يعد أكثر شعوب العالم دعما لغزة التي تتعرض لأبشع جرائم الإبادة في العالم المعاصر .
وبالقدر الذي تتجلى فيه مظاهر تضامن الشعب المغربي مع غزة الصامدة، بالقدر نفسه الذي تزداد فيه حدة ووتيرة محاولات اختراق هذا الموقف النبيل، باستخدام مختلف أشكال و صيغ الالتفاف والإغراء، ويتضح ذلك من خلال استقطاب بعض الأشخاص العاديين، الذين لا وزن ولا تأثير لهم، لزيارة الكيان الإسرائيلي، والحرص على الاحتفاء بهم هناك، واستقبالهم من طرف المسؤولين السامين في الكيان المحتل والتطبيل الإعلامي لهم . لكن ذلك لم يجد نفعا في المس بصلابة وقوة موقف المغاربة تجاه شقيقه الشعب الفلسطيني. وحدث أخيرا أن قدمت الهيئات المغربية المساندة للشعب الفلسطيني شكاية أمام القضاء المغربي ضد مجموعة من الأشخاص قاموا بزيارة للكيان المحتل بتهمة التخابر مع جهة خارجية تقترف جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني في غزة . 
ولذلك فالنشاز لا يقاس عليه، والحقيقة أن القضية الفلسطينية وحدت المغاربة المختلفين سياسيا ونقابيا وفكريا، وكان لها دور كبير في إنضاج تعايش المغاربة في ظل التعدد والاختلاف، وتقوية قدراتهم على الاشتغال على المشترك في القناعات، لا فرق في ذلك بين اليميني واليساري، والمحافظ والحداثي، والإسلامي والقومي والعلماني، والعربي والبربري.
إنه الشعب الذي يقدم الأنموذج والقدوة في دعم الشعب الفلسطيني، ولم تنجح الجغرافيا في حجب هذه الحقيقة . 
 


تابعنا على
تصميم وتطوير