رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
أبو طبر والكبريت الأحمر


المشاهدات 1056
تاريخ الإضافة 2024/10/15 - 9:14 PM
آخر تحديث 2024/10/16 - 3:14 AM

في أوائل سبعينيات القرن الماضي حيث كان عمر مصفى الدورة أقل من عشرين عاما ظهر ما سمي في وقتها «أبو طبر» الذي كان يقتل البغداديين بآلة الطبر. وعلى مدى شهور قبل إكتشافه وإلقاء القبض عليه، أجبر أبو طبر سكان العاصمة بغداد الذين كانوا ينامون آنذاك على سطوح المنازل على النوم داخل الغرف في الصيف الحار مع غلق أبواب المنازل بإحكام مع أخذ إحتياطات كاملة لمواجهة جريمة غامضة وغير مسبوقة من قبل. بعد 50 سنة حيث بلغ عمر مصفى الدورة 70 سنة بدأت تنتشر منذ أيام وبكثافة غير مسبوقة رائحة كبريت في سماء العاصمة بغداد يرافقها قلق  متزايد في أوساط المواطنين بشأن الأسباب التي أدت الى إنتشار هذه الرائحة فجأة ودون سابق إنذار، فضلا عن المخاطر المحتملة التي يمكن ان تتسبب بها رائحة الكبريت الأحمر الذي هو كما  يقول الخبراء أحد مسببات مرض السرطان. 
ربما يسأل سائل ما هو الربط بين مجرم مثل أبو طبر شغل سكان بغداد طوال صيف عام 1973 قبل ان يلقى القبض عليه ويظهر على شاشة التلفزيون معترفا بإرتكاب 5 جرائم قتل بواسطة آلة الطبر وبين رائحة الكبريت الأحمر ومصفى الدورة؟ الرابط بين الإثنين هو الغموض والوضوح معا. فأبو طبر مجرم نال عقابه وانتهى أمره ولم يتكرر بعده أبو طبر ثاني أو ثالث. مع ذلك لم تمض الأمور بسلاسة حيث إشتغلت نظرية المؤامرة بشأن لماذا ظهر أبو طبر فجأة؟ ولماذا إختفى فجأة؟ ولماذا ألقي القبض عليه بسهولة بعد عدة شهور بينما كانت السلطات آنذاك قادرة لو ارادت على وضع حد له من أول جريمة أو جريمتين، ما يعني حسب آراء من يتبنى نظرية المؤامرة إنه صنيعة مخابراتية بهدف تخويف الناس وجعلهم يمشون  «الحيط الحيط» فيما بعد.   
الآن، وعلى صعيد الإنتشار المفاجئ لرائحة الكبريت الأحمر، فإن الأمر لا يبدو من وجهة نظر الكثيرين بريئا مما جعل قصة أبو طبر ونظرية المؤامرة التي رافقتها تتكرر من جديد خصوصا أن مصفى الدورة كان قد تم بناؤه عام 1955 وهو مايعني إنه بلغ الآن الـ 70 من العمر. وطوال هذه العقود السبعة لم يشكُ أهالي بغداد مايشكون منه الآن منذ أسبوع تقرببا. السؤال المهم الذي يطرح نفسه هنا هو: ما الذي حصل بحيث بدأ هذا المصفى ينفث سمومه وبهذه الطريقة المفاجئة ودون سابق إنذار؟ كل التقديرات تشير الى أن المصفى الذي بني بعيدا عن بغداد قبل 7 عقود وقد أصبح الآن داخل العاصمة لم يعد ممكنا إستمراره دون معالجات جدية. بعض هذه المعالجات تصل الى حد المطالبة بنقله خارج بغداد بمسافة بعيدة بينما ترى معالجات أخرى إنه، ولكون عملية نقله مكلفة إن لم تكن مستحيلة، فإن البديل إتخاذ إجراءات لتقليل الإنبعاثات.
كل هذا صحيح ولا جديد فيه لأن الحديث عن مثل هذه الإجراءات سبق إنتشار الكبريت الأحمر. لكن الآن وحيث إنتشر الكبريت الأحمر بكثافة، فإن العودة الى أبو طبر تعد ضرورية لجهة إنتشار المخاوف ونظريات المؤامرة بشأن الهدف والدوافع من وراء إنتشار هذه الظاهرة التي شغلت الناس ومواقع التواصل الاجتماعي وأجبرت البغادة الذين لم يعودوا ينامون على السطوح الى الخروج على السطوح لكن بهدف معاينة سحب الدخان وهي تمخر أجواء عاصمتهم مثل غيمة تائهة في خريف مبكر.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير