بغداد/الزوراء:
أكد مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون المياه، طورهان المفتي، أن التلوث الحاصل في أجواء العاصمة بغداد يعود لأسباب عدة، بينها كمية الكبريت المستخدم في الوقود، مشيراً إلى أنه ليس أمراً دائماً، ومعالجته تحتاج لوقت.
وقال المفتي في تصريح صحفي إن «موضوع البيئة في العراق ليس موضوعاً وليد هذا اليوم، وإنما نتيجة تراكمات موجودة في الدولة العراقية منذ عقود، إضافة إلى الاحتباس الحراري والجفاف والاحترار منذ عقود، كل هذا يساهم بشكل ملحوظ في تغير البيئة وتغير البيئة العراقية». ورأى أن «موضوع التلوث جزء من هذا التغير المناخي الذي يحصل في العراق، لاسيما وأن البلاد كما تعلمون واحدة من الدول الـ10 التي تعاني الجفاف والاحتباس الحراري، والآن ضمن هذه التحديات هناك تحدي آخر وهو وجود بوادر تلوث هوائي في بعض المدن والمحافظات العراقية».
وأوضح أن هذا النوع من التلوث «ليس تلوثاً دائماً، وإنما هو نتيجة للظروف الجوية التي تؤدي إلى تراكم الرطوبة»، وحسب التقديرات العلمية، حينما تكون هناك قطرات من الرطوبة والمياه بحجم يتجاوز 50 ميكرون، ستنخفض إلى طبقات الجو الدنيا، ما يؤدي إلى امتصاص العناصر الناتجة من المصافي وعوادم السيارات والمولدات، مكونة طبقة من الهواء الملوث فوق المدن المكتظة.
مؤكدا ان «هذا ما لدينا الآن في بغداد وفي بعض المدن الأخرى.. وبالتالي هذا التلوث ليس تلوثاً دائماً، وإنما نتيجة ظروف جوية معينة أدت إلى هبوط المواد المنبعثة من المحطات والمصافي، إضافة إلى عوادم السيارات، وفق تأكيدات مستشار رئيس الوزراء. وبيّن طورهان المفتي أن المعالجات البيئية لأي مدينة، وليس في بغداد فقط، «لن تكون بين ليلة وضحاها، وهي «بطيئة حتى تسترد المدينة والبيئة عافيتها وصحتها» في بغداد، مشيراً الى مشكلة أخرى تعود لسنوات، خاصة بعد 2003، وهي «تجريف البساتين».ولفت الى انه «كانت في العاصمة بغداد مناطق خضراء وبساتين كثيرة، تسمى بـ «رئة بغداد»، لكن بعد 2003 ونتيجة ضعف السيطرة والحاجة إلى الأراضي، حصلت تجاوزات كثيرة على هذه البساتين، مما أدى بالنهاية إلى اختفاء شبه كامل لها. ومع اختفاء رئات بغداد، ازداد التلوث، بحسب المفتي.وأردف أن «من ضمن الإجراءات السريعة يجب أن تكون هناك معالجة للمصافي الموجودة في بغداد والقريبة من المدينة، فضلاً عن استخدام نوعية معينة من الوقود والاحتراق الكامل له»، مذكّراً بأن «الاحتراق غير الكامل يؤدي إلى هذا النوع من التلوث نتيجة انبعاث الكبريتات وما شابه، بينما الاحتراق الكامل لا يترك هذا الأثر، وإنما يترك آثاراً أخرى أقل وطأة بيئياً على المدينة».علاوة على ذلك، فمن ضمن الإجراءات يجب تغيير بعض أنواع الوقود المستخدمة، لتكون قليلة الكبريت، وفق مستشار السوداني، مشيراً إلى أنه «لا بد، ضمن التعافي البيئي، من تنفيذ عملية تشجير مكثفة في جميع المدن المكتظة بالسكان، وليس بغداد فقط».ولفت إلى أن «الدولة العراقية بعد 2003 مرت بعدة مراحل، حتى 2017-2018، حيث كانت هناك معارك ضد مختلف قوى الإرهاب. وبعد هذا التاريخ استعاد العراق وضعه وبدأت عمليات التنمية والاستقرار. بالتالي، أصبحت الرقابة أقوى، والآن الرقابة بكل تأكيد أفضل مما كانت عليه قبل سنوات، وستكون أفضل في السنوات القادمة، كما أن الرقابة حول هذا الموضوع أصبحت دقيقة جداً من خلال استخدام نوعيات معينة من الوقود».
وأشار إلى أن «بعض الوقود المستخدم، أو حتى غالبية النفط العراقي المحلي، يحتوي على نسب عالية من الكبريت. بالتالي، لا بد من وجود معالجات خاصة للتخلص من هذا الكبريت في المشتقات النفطية، والذي مع عدم الاحتراق التام يؤدي إلى انبعاث هذه الغازات». وعن إجراءات المراقبة، أكد المفتي أنها «موجودة، ورئيس الوزراء قبل يومين شكل لجنة حول هذا الموضوع في ظرف 48 ساعة، وأول أمس قدمت اللجنة تقريرها الكامل حول آلية معالجة الانبعاثات الغازية».وأضاف أن «الاكتظاظ البشري الموجود بالملايين يؤدي إلى زيادة الطلب على الوقود للمركبات والمولدات والمصافي، مما يؤدي إلى هذه الانبعاثات. فضلاً عن أن قلة الغطاء النباتي تمثل أيضاً مشكلة تعاني منها جميع المدن العراقية، وليس بغداد والبصرة فقط».وأكد أن «قلة الغطاء النباتي والتشجير وغياب «رئات» المدينة تؤدي إلى هذه النتائج الحتمية. كما قلنا، في بغداد والبصرة ومدن أخرى، بعد 2003، كانت هناك تجاوزات جائرة وتجريف للبساتين سواء لمصالح شخصية أو لأغراض سكنية، مما أدى في نهاية المطاف إلى اختفاء هذه الرئات، وبالتالي حدوث اختناقات وتلوث بيئي».مستشار السوداني نوّه إلى أن «ما يحصل الآن من غازات أو روائح في أجواء مدينة بغداد هو ليس حالة دائمة. التلوث الموجود في أجوائنا ليس تلوثاً دائماً، بل حالة عابرة». وأوضح: «أنا لا أقلل من حجم المشكلة، ولكن هذه هي الحقيقة الموجودة. فالأجواء لدينا في العراق ليست بتلك الدرجة العالية أو الخطيرة من التلوث».
وختم طورهان المفتي بالقول إن «هذا لا يعني عدم وجود معالجات. بالتعاون بين وزارات البيئة والصحة والزراعة، يمكن التوصل إلى حلول مرضية لمعالجة المشكلات البيئية».