رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
العراق.. يرتفع بجبينه السامق


المشاهدات 1151
تاريخ الإضافة 2024/10/12 - 9:45 PM
آخر تحديث 2024/10/16 - 2:38 AM

العراق.. أرض الحضارات وموطن النهرين الخالدين، يرتفع مجددًا بجبينه السامق ليُعيد للعالم دروسًا في الإنسانية، تلك الدروس التي طالما تواجدت في وجدان هذا الشعب، عاكسة قِيَمًا غَرستها الحضارة الأولى على أرضه.
في ظل الظروف الإنسانية المتفاقمة في جنوب لبنان، ومع تصاعد أزمة النزوح التي أنهكت قلوب الناس وملأت العيون دموعًا لم تجد حائلًا، يخرج العراق من عباءته السياسية والدبلوماسية ليحتضن أناسًا بسطاء أنهكتهم الحروب وفجعتهم الأزمات.. شعبٌ يعرف معنى الألم، ويشعر بوخزات الفقد والجراح، مدَّ يده بلا تردد أو تحفظ ليعانق إخوانه في الإنسانية، كاشفًا عن وجهه الإنساني البسيط والعظيم.
لقد رأينا في الجنوب اللبناني أطفالًا تائهين من بيوت دُمّرت، ونساءً فقدن الأمن في ليالٍ مظلمة.. رأينا شيوخًا يرتجفون، وأسرًا تبحث عن مأوى جديد وسط خضمٍ من الخوف والقلق. وفي تلك اللحظات، حينما كادت الإنسانية أن تنكسر تحت وطأة الألم، ظهر العراق، شامخًا بقلبه الدافئ، وفتح حدوده بروحٍ لا تعرف إلا الحب والمساعدة.
لقد جاء العراقيون، حكومةً وشعبًا، ليقدموا ما تيسر لهم من مساعدات.. لم يكن الأمر مجرد مأوى أو غذاء، بل كان جسرًا من الأخوّة يمتد فوق الألم، ليعيد لمن فقدوا بيوتهم الإحساس بالأمان.. استقبلوا النازحين بقلوبٍ مفتوحة، ولم تكن مجرد يد عابرة تقدم الخبز، بل كانت قلوباً تقدم الأمل، وأصواتاً تعيد الحلم.
كيف لا تكون هذه الأفعال ملهمة، والعراقيون يعرفون جيدًا ما معنى أن تُقتلع من أرضك؟ يعرفون كيف أن الفقد يمكن أن يكسر الروح، وكيف أن كلمة «مرحبًا» قد تعيد للحياة نكهتها. ولذا، لم تكن المساعدات العراقية مجرد رد فعل على أزمة، بل كانت تأكيدًا على أن الإنسانية لا تموت، وأن الخير مزروع في قلوب البشر مهما اشتدت المحن.
إن ما تقوم به العراق اليوم يعيد للأذهان صورة تلك المجتمعات التي لا تعرف إلا التكاتف.. لا يسألون عن الخلفيات أو الجنسيات، بل يرون أمامهم أرواحًا بحاجة إلى من يقف بجانبها.. ويرفعون بأيديهم شعلة الحب والتآزر لتضيء طريق النازحين نحو حياة أفضل.
وفي هذه اللحظات، يُدرك العالم أن العراق، برغم كل ما مر به من أزمات وجراح، يظل شامخًا بعطائه، معلمًا في الإنسانية، ملهمًا في العطاء.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير