رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
عامٌ على حرب غزة: كيف يُواصل الصحفيون العمل تحت النار والتهديد؟


المشاهدات 1203
تاريخ الإضافة 2024/10/07 - 9:39 PM
آخر تحديث 2024/12/21 - 11:44 AM

باريس/متابعة الزوراء:
مع مرور عام على الحرب في غزة، ما تزال معركة الصحفيين مستمرة في مواجهة مزدوجة بين التغطية الصحفية والحفاظ على حياتهم، حرب دامية أودت بحياة 174 صحفي وصحفية، وفقًا لبيان مكتب الإعلام الحكومي الرسمي. 
وفي تقرير للجنة حماية الصحفيين «CPJ»، أكدت أنّ عمليات القتل، إلى جانب الرقابة والاعتقالات والحظر المستمر على وصول وسائل الإعلام المستقلة إلى غزة، والإغلاق المستمر للإنترنت، وتدمير المنافذ الإعلامية، وتشريد مجتمع الإعلام في غزة، قد قيّدت بشدة التغطية الإعلامية للحرب وأعاقت التوثيق. 
من جانبها، رفعت مراسلون بلا حدود، شكوى رابعة، إلى المحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم الحرب في غزة، معتبرة أنّ حماية الصحفيين تبدأ بمكافحة الإفلات من العقاب. 
التحديات الميدانية والصراع للبقاء 
في مقابلة مع شبكة الصحفيين الدوليين، قال عبدالله مقداد، مراسل التلفزيون العربي: «تحديات التغطية الميدانية كثيرة ومتنوعة. على مدار سنوات من تغطية حروب سابقة، واجهنا عراقيل، لكن كان هناك دائماً بدائل. أما هذه الحرب، فقد طالت وتفاقمت تحدياتها، خاصة في الجانب التقني، مثل انقطاع الاتصالات وخدمات الإنترنت وتعطُّل المعدات، بالإضافة إلى فقدان جزء منها بعد قصف مكتبنا». 
من جهتها، وصفت المراسلة التلفزيونية دعاء روقة، التحديات التي تواجهها الصحفيات في غزة، بقولها: «نواجه تحديات تفوق الاحتمال، على رأسها البحث عن الأمان والحفاظ على سلامتنا رغم المخاطر المحيطة بنا. الظروف التي نعمل فيها تزداد صعوبة خاصة بعد قصف مكاتبنا، فمنذ عام ونحن نعمل من الشارع أو من خيمة».
وتابعت: «عند انقطاع الغاز والسولار، كنا نضطر في بعض الأحيان للسير مسافات طويلة للوصول إلى مواقع الحدث والقصف، أو نستخدم العربات كأفضل خيار متاح. الحفاظ على الاتزان والهدوء أمام الكاميرا كان تحدياً آخر، ففي الداخل كان الخوف مسيطرًا، خصوصاً مع اضطراري للنزوح بعيداً عن عائلتي التي بقيت في الشمال. كما أنّ إرسال المواد الإعلامية والبث المباشر أصبحا تحديين كبيرين خلال انقطاع الاتصالات والإنترنت». 
وأضافت روقة: «أن تكون صحفياً في غزة خلال الحرب يعني أن يتحول الدرع الواقي للصحفيين من أداة لحمايتنا إلى درع للاستهداف، ما يعرض حياتنا وحياة من حولنا للخطر».
التهديدات المباشرة  
يقول مقداد: «تعرضت للكثير من التهديدات المباشرة خلال عملي الميداني، وكان الخوف على سلامتنا الجسدية، حيث جرى استهداف عدد من الأماكن التي كنا نتواجد فيها، ومع ذلك كنا نُبقي الصورة حاضرة، ونحن كأشخاص وطاقم العمل نكون في مكان آمن قدر المستطاع. العمل في ظلّ هذه الحرب عبارة عن مغامرة كبيرة، حيث لا يوجد أي حصانة للصحفيين، رغم اتخاذ احتياطات السلامة». 
من جانبه، يؤكد محمد مندور، الباحث لدى لجنة حماية الصحفيين لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أنّ استهداف الصحفيين والصحافة له أثر كبير: «لنتخيل حجم المعلومات التي كنا سنحصل عليها لو لم يُقتل أولئك الصحفيون الذي يناهز عددهم المئة. لقد فرّ العديد من الصحفيين من غزة أيضاً، وبعضهم بحاجة إلى رعاية طبية عاجلة غير متوفرة لهم، خصوصاً بعد الاعتداءات على المستشفيات. وقد فرّ صحفيون آخرون لتجنب التعرّض للقتل أو الإصابة، إذ لم يتبقَ لهم أي مكان آمن في غزة، ولا حتى المستشفيات». 
عاش الصحفيون في غزة، تجربة النزوح المستمر مثل بقية العائلات، ما أثّر على قدرتهم على متابعة الأحداث. يقول مقداد: «النزوح لأول مرة كان صعباً للغاية، فقد كان نزوحاً عائلياً وانقسم فريق العمل بين وسط وجنوب القطاع. هذا الشتات أثّر على تواصلنا، وتشتت تفكيرنا بين تأمين احتياجات العائلة والعمل، بالإضافة إلى صعوبة التأقلم مع مكان جديد، ومحاولة التعرف على تفاصيله وتأمين مصادر المعلومات». 
ويتابع: «واجهت لحظات عجزت فيها عن نقل الحقيقة بسبب الظروف المحيطة، خاصة عندما نلتقي بعائلات فقدت كل شيء وتطرح علينا أسئلة مثل: أين نذهب؟ وما الذنب الذي ارتكبناه؟ كنا نطرح الأسئلة نفسها على أنفسنا منذ بداية الحرب، والناس يسألوننا بصفتنا صحفيين، معتقدين أننا نعلم أكثر، في ظلّ غياب أي جهة رسمية تقدم إجابات. هذه اللحظات تجعلني أشعر بالعجز، أتمنى لو كنت أملك إجابة، لكن للأسف، لا يوجد في ظل الفوضى السياسية التي نعيشها». 
احتياجات الصحفيين 
يتفق مقداد وروقة على أن احتياجات الصحفيين تتقدّمها بيئة عمل آمنة، الأمان الشخصي والعائلي، وكل ما له علاقة بالجانب التقني واللوجستي كمعدات وأدوات سلامة مهنية وأجهزة، لضمان استمرارية التغطية وإتمام الرسالة الإعلامية في ظل الحرب. 
الإعلام الرقمي والموبايل 
قابلنا هشام زقوت مراسل قناة الجزيرة، الحاصل على جائزة شيرين أبو عاقلة للتميز الإعلامي، والذي تحدّث حول الدور الذي لعبته التكنولوجيا الحديثة، مثل الهواتف المحمولة والإعلام الرقمي، في تسهيل تغطية الحرب، قائلًا: «لم يكن هناك خيار في كثير من المواقف سوى الموبايل من أجل استمرار التغطية، بعد عام على الحرب على قطاع غزة، بات الحصول على كاميرا أو جهاز بث فضائي أو أي من معدات التصوير هي مهمة صعبة للغاية في ظل الحصار المشدد على قطاع غزة». 
ويُتابع: «بالتالي كان الموبايل الوسيلة الأبرز والأهم ولعله الأداة السرية لاستمرار تغطية الصحفيين في غزة للحرب، فقد حلّ بديلاً عن أدوات كثيرة، أبرزها الكاميرا فالتصوير من خلال الموبايل حتى بدون استخدام برامج إضافية كان مناسباً، ووجود الموبايل أيضاً في أيدي الجمهور العادي سهل تصوير الأحداث لحظة حدوثها ومن ثم نشرها على وسائل الإعلام التي استعانت هذه المرة بشكل ملفت بالمواطنين لتصوير الأحداث بشكل أسرع، كما حلّ الموبايل بديلاً عن أهم جهاز يستخدمه الصحفيون وأصعب ما يمكن توفيره لغلاء ثمنه وصعوبة إدخاله لقطاع غزة، وهو جهاز البث الفضائي المباشر». 
وحول أهم التطبيقات التي استخدمها في عمله، يقول: «تطبيقات السكايب ويوتيوب أو برامج متخصصة مثل: الديجيرو أو التي في يو أو غيرها من البرامج المدفوعة والمتخصصة وبالاستعانة بالإنترنت بات البث المباشر متاحًا لكل صحفي في الميدان، أو في أي مكان يتوفر فيه الإنترنت، وبتكاليف بسيطة، ومع انتشار الشرائح الالكترونية للتغلب على قطع الاتصالات، ومواصلة العمل». 
ويُضيف: «أتاح الموبايل العمل في أي مكان بدون وجود تجهيزات ومقرات للعمل، وكذلك وسيلة لمونتاج التقارير وتسجيل الصوت، ومن غير تطبيقات مثل VN أو كاب كت، كان بالإمكان تجهيز تقارير تلفزيونية بشكل أسرع وأبسط، بالإضافة إلى استخدامه بكل تأكيد للنشر على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة وتجهيز قوالب لسرعة النشر من خلال تطبيق كانفا». 
على الرغم من سياسة التعتيم والاستهداف، إلا أنّ الصحفيين أوجدوا حلولاً لنشر الحقيقة، في هذا الصدد يقول زقوت: «تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي المنصات الأبرز للإعلاميين، والنشطاء في غزة لتعريف العالم بما يجري بكل أبعاده، وكثير من النشطاء وحتى المواطنين العاديين استخدموا هذه الوسائل وباتوا اليوم من المشاهير، لأنهم عبروا ببساطة عن واقعهم الصعب فتابعهم الآلاف لمعرفة ما يجري عن قرب في غزة. وبالتأكيد ننشر كصحفيين الأحداث وتفاصيل حياتنا اليومية على وسائل التواصل في محاولة لإيصال الصوت لأكبر عدد من الجمهور، للتأثير في الرأي العام العالمي في محاولة لوقف هذه الحرب». 
ويُواجه الصحفيون تحديات رقمية، كالقيود التي فرضتها وسائل التواصل على المحتوى الفلسطيني ومنعها قائمة طويلة من الكلمات، بالإضافة إلى حذفها هذا المحتوى وتقييد وصوله ووصول الحسابات التي تنشره أو تعيد نشره، على حد قوله. 
 وفي حديثه مع شبكة الصحفيين الدوليين حول استخدام الهواتف المحمولة في التغطية الصحفية مقارنة بالوسائل التقليدية، أكد الصحفي زقوت أنّ الهواتف المحمولة قدمت مرونة كبيرة وسهّلت العمل بشكل ملحوظ، مضيفًا: «النزوح المستمر وتدمير مقرات العمل أجبرانا على الاعتماد على الهواتف، مما أظهر إمكانياتها في تحمل العمل الصحفي المكثف وسمح لنا بالتحرك بحرية بدون الحاجة إلى البقاء في مكان محدد للحصول على الإنترنت، كما سهّلت الهواتف عملية التصوير، المونتاج، تبادل المعلومات، والنشر، مقارنة بالوسائل التقليدية التي كانت تتطلب معدات ثقيلة ومعقدة». 
ورغم هذه المزايا، يوضح زقوت أنّ الحصار والتحديات التقنية لا تزال تؤثر على العمل: «أبرز التحديات هو انقطاع الإنترنت، وعدم توفر معدات مساعدة مثل المايكروفونات وحوامل الكاميرات والإضاءة. بالإضافة إلى ذلك، الهواتف المحمولة بعد عام من التغطية المستمرة أصبحت أقل كفاءة وتحتاج إلى صيانة أو استبدال، وهو أمر مستحيل حالياً بسبب منع إدخال المعدات التقنية إلى غزة». 
الدعم النفسي 
تقول الصحفية دعاء روقة: «أثّرت الحرب على صحتي النفسية بشكل كبير، خاصةً أنني نزحت للجنوب بدون عائلتي، وبدون أي دعم، ففي أوقات معينة، من شدة التعب أقرر عدم الاستمرار في العمل، والاستسلام والتخلص من ضغوط العمل الكبيرة، في وضع سيئ وكارثي من كل النواحي». 
(عن/ شبكة الصحفيين الدوليين)
 


تابعنا على
تصميم وتطوير