مرّت أمس الاثنين 7 أكتوبر 2024 سنة كاملة على عملية «طوفان الأقصى « المهينة للدولة العبرية لجهة أنّها جسّدت بامتياز الفشل الاستخباراتي الإسرائيلي الذريع في التنبّه والتصدّي لهكذا عملية .
وجاءت العملية حينها في سياق سياسي إسرائيلي داخلي يتميّز بصعوبات كبرى تمرّ بها حكومة بنيامين ناتنياهو اليمينية المتطرّفة ، حيث تصاعدت موجات الغضب ضدّها وأضحت مهدّدة بالسقوط في أيّ لحظة .
وقد إستطاع ناتنياهو في ظرف سنة من عملية «طوفان الأقصى « تحويل الهزيمة المدوّية إلى مكاسب ميدانية وسياسية جنّبته أوّلا مخاطر اندثار حكومته المتطرّفة وثانيا ، تأجيل البتّ في المسائل القضائية الشخصية التي تلاحقه وتهدّده بالسجن ، وتمكّن بالخصوص من تحقيق خطوات فعلية في اتّجاه محاولة القضاء المبرم على الحلّ السياسي القائم على تعايش الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولة على جورها في حقّ الشعب الفلسطيني .
عام بدا أنّه كاف لحكومة الاحتلال كي تحدّ بشكل كبير من الخطر القادم من قطاع غزّة وذلك بتنفيذها لأبشع الجرائم ضدّ الشعب الفلسطيني بدءا بمحاولات التهجير القسري ومرورا بعمليات الإبادة الجماعية ، وكانت الحصيلة أكثر من 40 ألف شهيد وجرحى بالمئات ودمار شامل أتى على 80 في المائة من القطاع .
عام كان كافيا لتحييد « الخطر» القادم من غزّة ثمّ ، وبالتوازي في بعض الأحيان ، إلى الانتقال لتصفية الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية وتوسيع نطاق الاستيطان وتضييق الخناق على الفلسطينيين لدفعهم إلى أحد حلّين ، قبول الأمر الواقع الإسرائيلي والتسليم به أو دفع الفلسطينيين إلى مزيد التطرّف بما « يشرّع « لحكومة ناتنياهو ممارسة «رياضتها « المفضلة ، القتل والدمار .
عام قدّر فيه ناتنياهو أنّه بامكانه إعاده سيناريو غزّة في لبنان وممارسة تدمير مقوّمات الحياة في دولة تشهد أصلا صعوبات سياسية واقتصادية واجتماعية كبرى ، وربّما تمتدّ شهيّة ناتنياهو إلى دول أخرى في المنطقة التي تُراكم المؤشّرات والعوامل التي تفتح الباب مشرعا على حرب إقليمية شاملة .
ويؤكّد الاحتلال الإسرائيلي كلّ يوم أنّه لا يمتلك في جرابه وخططه المستقبلية غير مسار القوّة والجبروت والتقتيل والدمار ، وبات من الثابت أنْ لا وجود لديه لأيّ أفق سياسي يقوم على احترام الحقوق التي أقرّتها الشرعية الدولية وتفرضها مقتضيات القانون الدولي .
وتتعالى الدعوات الدولية لوقف جبروت الاحتلال الاسرائيلي وفرض وقف إطلاق النار حتّى «تتجنّب المنطقة خطر إنزلاق قد يجرّها والعالم إلى أزمات وحروب مدمّرة» كما ورد في الرسالة التي بعث بها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى كلّ من الرئيس الأمريكي جو بايدن والاتحاد الأوروبي ، ولكنّ هذه الدعوات تصطدم في كلّ مرّة بسياسات ناتنياهو التي لا تعير أيّ اهتمام لما هو مشترك بين البشرية .
من الواضح إذن أنّ حكومة الاحتلال الإسرائيلي أقرّت العزم نهائيا على تصفية الوجود الفلسطيني ، وواضح أيضا أنّ بعض الطروحات لا تساعد الفلسطينيين على استرجاع حقوقهم المشروعة المسلوبة ، ونقدّر أنّ منطق القوّة والتطرّف قد يُكسب صاحبه جولة ولكنّه لا يحسم أمر أيّ حرب ولا يساعد على كسبها .