الساعة / 30: 6 صباحاً بتوقيت معظم بلدان الشرق الأوسط وموسكو وعواصم دول القارة الأفريقية.
الساعة / 30 : 11 ليلاً بتوقيت واشنطن، وبلدان القارتين الأميركيتين .
الساعة / 30 : 11 ظهراً بتوقيت بكين. وعواصم دول جنوب شرقي آسيا .
الساعة / 30 : 2 بعد الظهر بتوقيت سدني / استراليا.
الساعة / صفر بتوقيت غزة .
كان نِصفُ العالَم مستيقظاً، أو يغالب النعاس، والنصف الآخر مازال يغطُّ في نوم عميق. فالسابع من تشرين الأول / أكتوبر 2023 يوم سبت، وهو يوم يقع ضمن عطلة نهاية الأسبوع الـ ( Weekend ) في أوروبا والكثير من البلدان، ومنها عواصم الشرق الأوسط. وفي تل أبيب أيضاً. ومستوطناتها بغلاف قطاع غزة حيث يطول ليل السهارى والسكارى والحفلات الموسيقية الراقصة حتى مطلع الفجر، وحيث انهالت في تلك الساعة آلاف الصواريخ والقذائف على تلك المستوطنات بالتزامن مع اقتحام برّي بواسطة السيارات رباعية الدفع والدراجات النارية والطائرات الشراعية للمستوطنات المتاخمة للقطاع، والسيطرة على عدد من المواقع العسكرية في سديروت وأوفاكيم ونتيفوت ومقتل عدد من الجنود الصهاينة وأسر أعداد أخرى منهم ومن المستوطنين الذين يحملون جنسيات متعددة فضلاً عن الجنسية الاسرائيلية. وكان العالَم كله، ليلهُ بنهاره، صبحهُ بمساءه، شرقه بغربه، شماله بجنوبه، على موعد في تلك الساعة بتوقيتها الفلسطيني الغَّزاوي مع حدث استثنائي من تلك الأحداث الكبرى التي تُسَّجلُ في تاريخ الصراعات البشرية ومعاركها الفاصلة. ذلكم هو " طوفان الأقصى" الذي تمر اليوم ذكراه الأولى، ومعها تسترجع الذاكرة ذلك الصباح الذي هلَّت تباشيرهُ وخيوط شمسه الذهبية بحدث غيَّر وجه المنطقة، وزَلزَلَ العالَم الذي بقي لساعات بين صدمة الأخبار المهولة، ومحاولة استيعاب ما حدث في مستوطنات غلاف قطاع غزة التي اجتاحها الطوفان في عملية متقنة أذهلت الصديق قبل العدو، وأعادت الأمل من جديد إلى روح المقاومة ضد المحتل التي تُعد حقاً مشروعاً للشعوب الواقعة تحت الاحتلال وفق القوانين الدولية، ناهيك عن القرارات الأممية المساندة للشعب الفلسطيني والتي تؤكد على تأييده في استعادة حقوقه بكل الوسائل وفقاً لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه، والتي تناشد جميع الدول والمنظمات الدولية بأن " تمد بدعمها الشعب الفلسطيني في كفاحه لإسترداد حقوقه، وفقاً للميثاق"، أي الميثاق الذي تأسست بموجبه هيئة الأمم المتحدة، وتم توقيعه عام 1945. وإذا كان العالم الذي استيقظ في ذلك اليوم المشهود قد انقسم تجاه تلك المفاجأة بين مؤيد ومبتهج ومستنكرٍ رافضٍ لهذه العملية " الإرهابية " وفق مفهوم واشنطن، ومعها معظم الدول الأوروبية التي لم تنطق يوماً لإدانة جرائم الاحتلال اليومية، واستفزازاته المستمرة للفلسطينيين، ومقدسات العرب والمسلمين، ومنها الإستفزاز الذي فجر طوفان القدس عقب انتهاك جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين لباحات المسجد الأقصى. وما أن استوعب الكيان الإسرائيلي الصدمة الأولى حتى بدأ في اليوم التالي حربه المجنونة التي أطلق عليها تسمية " السُّيُوف الحَديديَّة" واستخدم فيها أحدث وسائل القتل والدمار وأبشعها من أجل تدمير غزة وتجويع أهلها بالحصار وقتلهم من دون تمييز بين طفل ومسن وامرأة وتشريد مئات الآلاف من ساكنيها بعد قصف بيوتهم ومحال سكناهم وعملهم ومدنهم وقراهم ومدارسهم وجامعاتهم ومساجدهم ومستشفياتهم بآلاف الصواريخ والقنابل الموجهة ليبلغ عدد الشهداء خلال عام ما يقرب من اثنان وأربعون ألف شهيد، وسبعة وتسعون ألف جريح. ولم تنته قصة غزة الجريحة الشهيدة ومدن الضفة الغربية، حتى بدأ عدوانه الهمجي على قرى جنوب لبنان وبيروت وبالأخص مركز المقاومة وقياداتها في الضاحية الجنوبية، مختلقاً شتى الذرائع والحجج الواهية لتوسيع رقعة حربه العدوانية.
ما يحدث في غزة وبيروت من حرب إبادة وحشية عارٌ وشنارٌ على الإنسانية. فمن يوقف هذا الاستهتار بحياة الإنسان، وأي خزي هذا الذي تشعر به الأمم المتحدة إزاء ديباجة ميثاقها التي تقول : " نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف" .
العالَم بعد "طوفان الأقصى" غير العالَم قبله. وأحزان العالم مازالت مستمرة بأضعاف مآسي القرن الماضي. وويلات الحروب تهدد بساعة جديدة للبشرية لا تنفع معها أي محاولة للإنقاذ.
الساعة الآن / صفر بتوقيت العالم ! . والزلازل قادمة ! .