رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
خزي مشاطرة العدو أفراحه


المشاهدات 1215
تاريخ الإضافة 2024/10/05 - 9:19 PM
آخر تحديث 2024/12/21 - 3:03 AM

بقدر حجم الحزن والأسى والغضب الذي خلفه حادث استشهاد زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله من طرف قوات الاحتلال الإسرائيلي، بالقدر نفسه ما خلفه من تداعيات وكشفه من حقائق أكثر حزنا وأسى .
الحادث لا يمكن عزله عن فعل إجرامي ارتكبه عدو إرهابي، أياديه ملطخة بدماء المدنيين، بمن فيهم الأطفال والنساء والرجال، وهو فعل مجرم من الناحية القانونية لأنه اقترف من طرف جهة متمردة عن القوانين الدولية، لذلك، وبغض النظر عن الضحية في مثل هذه الحالة، فإن الفعل الإجرامي المقترف لا يمكن التعامل معه إلا من زاوية الإدانة و المطالبة بترتيب الجزاء ضد مقترفيه . 
والحادث أيضا مرتبط شديد الارتباط، بما يرتكبه المجرم نفسه من جرائم إبادة حقيقة، وتكاد تكون غير مسبوقة ضد المدنيين في غزة، وهو ملتصق بالصراع مع المجرم المحتل نفسه، وبإسناد الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع، من أجل التحرر والاستقلال وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس .
ولذلك يتضخم الشعور بالحزن والأسى وبكثير من القلق، حينما تتجرأ بعض الأوساط و بعض الأشخاص بالتعبير عن فرحهم و سعادتهم باستشهاد السيد حسن نصر الله، ولا يترددون لحظة واحدة في مشاركة العدو نفسه، الذي اقترف أبشع أنواع وأشكال وأحجام الجرائم عبر تاريخ دموي طويل، أفراحه بعدما حقق هدفا من أهدافه الاستراتيجية، المتمثل في إضعاف المقاومة وتوجيه ضربة مؤلمة لجبهات الإسناد الإقليمي للشعب الفلسطيني .
ليس بالضرورة أن تكون معجبا بالضحية، ولا حتى متفقا مع مرجعياته ومواقفه وأفكاره و برامجه، ومع التنظيم الذي ينتمي إليه، ولا مقتنعا بماضيه، بل من الطبيعي أن تكون مختلفا معه في كل ذلك ، وتعارض سياسته واختياراته السياسية، ومواقفه إزاء مختلف القضايا ، مما يندرج في عمق وصلب الحق في الاختلاف والتعدد، المبني على الاحترام والتقدير والاعتراف بالآخر، ولكن من غير المعقول ولا المقبول أن تكون معجبا بالقاتل المجرم، الذي تدعي في جانب آخر عداوتك له بسبب ما يقترفه من جرائم فظيعة في حق شعب عربي، يقاسمك الانتماء والدين والتاريخ والحضارة، وقبل كل ذلك يقاسمك الانتماء إلى الإنسانية .
مؤسف حقا أن نعاين فقهاء وخطباء وسياسيين عربا ومسلمين، يتهافتون على التخوين والتكفير وإطلاق العنان لعبارات السب والقذف والتشهير ضد ضحية طالتها أيادي مجرم، وهم جزء من النخبة التي يقع التعويل عليها في تعبئة الجماهير وتأطيرها في مواجهة الخطر الصهيوني، الذي يهدد مجموع الأوطان العربية بدون استثناء، وهي النخبة التي يراهن على قدرتها في التنظير و التحليل لحقيقة الأوضاع و التحديات المرتبطة بها، وطرح البدائل والبرامج لتجاوزها وكسب رهاناتها المصيرية .
جزء من هذه النخبة يتشفى حاليا في استشهاد رجل قاتل العدو نفسه الذي يدعي هذا الجزء من النخبة المزيفة معاداته، ولم يجد هذا الجزء حرجا في الإعلان عن هذا التشفي والكشف عن مشاعر الارتياح والفرح المرافق لما أعلنه، مؤكدا بما يجب من الوضوح مشاطرته للعدو الاعتراف بذلك بشرعيته في اقتراف الجرائم بالشكل وبالصيغة وبالطريقة التي يراها ويقدرها ملائمة بغض النظر عما سوى ذلك . 
شخصياً لا أخفي اختلافي الكبير والعميق مع الشهيد حسن نصر الله، ومع مرجعيته السياسية وحتى الدينية في بعض تفاصيلها، لكني لن أشاطر العدو أفراحه، وأجزم أن الشهيد كان رمزا من رموز المقاومة الصلبة للعدو المجرم .
 


تابعنا على
تصميم وتطوير