أصدرت الجمعية العامة للأمم المتّحدة يوم 18 سبتمبر 2024 قرارا اعتبره أستاذ القانون الدولي التونسي سليم اللّغماني بـ«التاريخي استراتيجيا» لجهة أنّه يوثّق مرّة أخرى الحقّ الفلسطيني في بناء دولة قابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية على الأراضي التي أقرّتها المواثيق وقرارات الشرعية الدولية منذ قرار التقسيم سنة 1947 ووصولا إلى قرار محلس الأمن عدد 242 لسنة 1967, الذي نصّ على «ضرورة إنسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها « ، و»إنهاء جميع ادعاءات أو حالات الحرب واحترام والاعتراف بسيادة وحدة أراضي كل دولة في المنطقة واستقلالها السياسي وحقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها وحرّة من التهديد وأعمال القوة» .
ونصّ قرار الجمعية العامة للأمم المتّحدة الجديد ليوم 18 سبتمبر 2024 الماضي على ضرورة « أن تُنهي إسرائيل دون تأخير وجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة في غضون مدة أقصاها 12 شهرا « .
من جهتها أعلنت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامار أنّ قرار الجمعية العامة « لا يسمح بإطالة أمد الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ 57 عاما ، وقالت أنّه «يجب على إسرائيل أن تمتثل للقرار فورًا، وأن تسحب قواتها من الضفة الغربية ، بما فيها القدس الشرقية التي ضُمَّتها بصورة غير قانونية ، ومن قطاع غزة المحتل منذ عام 1967 ، كما ينبغي على إسرائيل أيضًا إجلاء جميع المستوطنين عن الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية ، وإلغاء ضمّها للمدينة ، قانونًا وممارسةً» .
واعتبرت المنظمة الدولية قرار الجمعية العامة الجديد « انتصارا للمطالب التاريخية للشعب الفلسطيني « وهو إلى ذلك يأتي تلبية لمطالب دولية متنامية بإلزام دولة الاحتلال الاسرائيلي « تنفيذ مقتضيات قرار محكمة العدل الدولية» التي أكّد أنّ الدولة العبرية مُطالَبة وملزمة قانونا بإنهاء إحتلالها غير القانوني للأراضي الفلسطينية والكفّ عن جرائمها في حقّ الشعب الفلسطيني والتي «يرقى» بعضها إلى جريمة حرب وجرائم إبادة عرقية .
وأصدرت الأمم المتّحدة بكلّ هياكلها أكثر من 145 قرارا بينها قرار التقسيم عدد 181 لسنة 1947 وقرار عودة اللاجئين الفلسطينين عدد 194 لسنة 1948 ، اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لوحده 131 قرارًا في الفترة من عام 1967 إلى عام 1989، وهي قرارات تعالج بشكل مباشر الصراع العربي الإسرائيلي ، وكثيرٌ منها يتعلق بالفلسطينيين ومنذ عام 2012 ، صدر عدد من القرارات التي تتناول بصورة مباشرة دولة فلسطين الحديثة ، وكلّ هذه القرارات أو جلّها لم يجد سبيله إلى التطبيق .
وإنّ قرار الجمعية العامّة الأمم المتّحدة الجديد الذي حاز على أصوات 124 دولة، قد لا يجد هو الآخر سبيله إلى النفاذ الفوري بحُكْمِ الإجماع الدولي الحاصل على الطبيعة المارقة للكيان الإسرائيلي الغاصب الذي دأب على الانتهاك الممنهج لقرارات الشرعية الدولة ولكنّ «القناعة راسخة بأنّ القوّة ليست في كلّ الأوقات ودوما في صفّ الظالم « كما عبّر عن ذلك سليم اللّغماني الذي أكّد يقينه بأنّه «سيأتي اليوم الذي تحاسب فيه» دولة الإحتلال ويقف فيه مسؤولوها أمام العدالة الدولية من أجل المحاسبة والمساءلة وتحميلهم مسؤولية كلّ الجرائم المقترفة في حقّ الشعب الفلسطيني وكلّ شعوب المنطقة، وإنّ الحقّ في آخر المطاف يعلو ولا يُعْلَى عليه على المدى الطويل والاستراتيجي، والعدالة آتية لا ريب في ذلك .