كما ان حجوم الرجال لا تقاس بمقياس الكروش فإن حجوم الاندية ليس شرطا ان تقاس بمقياس القيمة التسويقية او التخمة النجومية، ودليلنا في هذا ما تحقق في ملعب المدينة في بغداد اول امس، إذ تعادل نادي الشرطة العراقي مع شقيقه نادي النصر السعودي بهدف لكل منهما وكان هدف الشرطة على وفق معايير الجمال الكروي هو الابهى كما ان الشرطة او القيثارة الخضراء كانت مهيأة تماما لعزف لحن النصر على النصر .
التعادل كان نصرا بحجم النصر المعنوي الذي يحققه فريق ليس بكامل الجاهزية لأسباب خارجة عن ارادة المدرب ولاعبيه ، وهو نصر مادي حين نحول لاعبي الفريقين الى ارصدة وحسابات .. ولكن النصر الاكبر كان في حساب الارادة وتحدي الذات في استنهاض العزيمة وما هو كامن من طاقة قبل تحدي المنافس اصلا لان التصر انما تبدأ بشائره من تفوق الذات على المألوف من العطاء .
المدرب احمد صلاح الذي ادلى بتصريحات قبل المواجهة مهد بها لما كان يظنه سيقع من تراجع امام الفريق الضيف استطاع ان يتجاوز سلبية تلك التصريحات بفعل ايجابي برهن فيه على علو كعبه في ميدانه، وان ليس العبرة بالاسماء الاجنبية اي المحترفة من غير ان ينصرف الذهن الى اننا ضد الاحتراف عموما وانما نحاول ان ننصف المدرب المحلي في العراق وفي غير العراق بعد ان تحولت كرة القدم الى سوق تروج فيها وسائل الدعاية للغث والسمين من غير تدقيق .. فهي سوق وكل شيء في السوق مباح تحت مسمى التجارة والشطارة .
لقد حقق لاعبو الشرطة الاقل نجومية قياسا بنظرائهم في نادي النصر ما يرقى الى مستوى التفكير الجدي بإعادة حسابات كل اولئك الذين اثاروا الضجة بل عواصف التخويف قبل وصول النادي الضيف ، فقد انشغل الناس برونالدو ومن معه كنجوم في وسائل الاعلام ومواقع التواصل وليس كلاعبين يتحركون في الميدان اجسادا وعقولا سعيا لتحقيق متعة المتابعة للجمهور ومن ثم النصر في مباراة ليؤسس الفريق موقعا افضل في البطولة وهي هنا بطولة دوري الاندية الاسيوية الابطال ، أي ان كل ناد هو بطل في بلاده وعليه ان يرتقي بمستواه الى هذه الصفة ميدانيا حين يواجه أنداده ..وكان نادينا العراقي .. نادي الشرطة بحق أهلا لتجسيد صفة البطل .
لقد كانت النتيجة رسالة الى جمهورنا المحلي بأن كرتنا بخير.. والى منافسينا بأن الكرة العراقية ستبقى رقما عصيا على التجاوز المحسوم كما تحدث البعض نفوسهم.