ما علاقة اليسار بالفضائح «الأولمبية» للسلطات الفرنسية اليمينية ورئيس حكومتها المثلي جنـ سيا في افتتاح أولمبياد باريس؟ أليس الرئيس اليميني ماكرون هو الذي يكافح منذ أسابيع لحرمان اليسار الفرنسي من الحصول على استحقاقه الانتخابي؟ ركز بعض المعلقين في مواقع التواصل الاجتماعي على تحميل اليسار مسؤولية ما حدث من إساءات للديانة المسيحية وخصوصا في وضع أحد المثليــ ين الجنسيــين في موضع السيد المسيح في لوحة العشاء الأخير.
*لا يمكن إنكار دفاع بعض فصائل وتيارات اليسار الأوروبي عن المثــ لية الجنــ سية وتبنيها كموقف شأنه في ذلك شأن جهات من اليمين وحتى بعض الكنائس والمؤسسات. إن ظاهرة شرعنة والتبشير بالمثلية الجنسية ليست محصورة باليسار بل هي ظاهرة اجتماعية سياسية أورومريكية عامة تشارك فيها جميع الاتجاهات السياسية والفكرية اليوم، وتتظاهر حتى الاتجاهات المحافظة والدينية والقومية بعدم معاداتها وتسكت عنها بدليل الصمت الشامل الذي لف فرنسا وأوروبا بعد الإساءات التي حدثت للمسيح والمسيحية ليلة أمس. وهكذا سيكون في هذا التركيز والتكرار لما قالته وكالات الأنباء المنحازة ضد اليسار وخاصة وسائل الإعلام الروسية والمتضامنة دائما مع اليمين القومي، أو الأوساط الجاهلة بحقائق الأمور شيء من التسرع والمغالطات!
فأولاً، رئيس الدولة ماكرون يميني ومناهض لليسار، ورئيس حكومته غابريال عطال هو سياسي يمني ومثــ لي جنســ يا باعترافه هو في البرلمان، ووزير خارجيته ستيفان سيجورنيه مثــ لي أيضا.
وثانيا فإنَّ الحكومة الفرنسية الماكرونية هي التي شكلت «لجنة تنظيم الاحتفالات الأولمبية» برئاسة توني ستانجيه (وهو رياضي سباح وبطل أولمبي عالمي ثلاث مرات ويحسب على التكنوقراط ولا علاقة له باليسار) وظلت لجنته تخطط وتنفذ منذ ثلاث سنوات وأن هذه اللجنة الحكومية لا علاقة لها باليسار الفرنسي الذي يقبع في المعارضة منذ عدة عقود وليس في الحكم.
*لعل الصحافي أنس حسن قد عبر بدقة عن احتفالية باريس الأولمبية حين كتب: «أما حفل باريس، فهو عمل فلسفي تبشيري بامتياز، إنه صلاة «دينية» لحضارة النيوليبرالية في شقها الثقافي، ومنتجاتها الدينية الجديدة، من عبادة الجسد، وتعزيز الشهوانية كمقصد وغاية للوجود البشري.. الانقضاض على الأديان بعامة، والمسيحية بخاصة، ففرنسا في الافتتاح تسخر من المسيح، وتستبدله وحوارييه، بلوحة جندرية شهوانية، كعنوان لانتصار إله «اللذة» على إله «الألم».. في نسق ثقافي تبشيري، وكذلك في عرض «انقسامي» يعادي أغلب التوجهات البشرية الحالية لأكثر من سبعة مليارات إنسان.. كان حفل باريس حالة «استعلاء» بالإيمان «الإلحادي / النيوليبرالي» على كل أديان العالم، وثقافات الشعوب، في دولة تعاني من صعود اليمين المتطرف وقارة بدأ يأكلها اليمين».
أختم بالقول إن توخي الدقة في نقل الأخبار والتعليق عليها بموضوعية يجنبنا الكثير من اللغط والوقوع في شراك إعلام اليمين واليمين المتطرف الفرنسي والرجعي عالميا ومكايدات المتعصبين من كل لون وانتماء، وإلا سنصدق ذات يوم الهراء الذي يكرره دونالد ترامب ونعتبره محقا حين يتهم كامالا هاريس بأنها يسارية متطرفة!
والسلام على يسوع الفلسطيني ، نبي المساواة المحبة!
نقلا عن « الحوار المتمدن»