رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
الحياة والدروس الخمسة


المشاهدات 1718
تاريخ الإضافة 2024/07/29 - 9:55 PM
آخر تحديث 2024/10/29 - 6:15 AM

منذ صرخةِ الميلاد الأولى في الحياةِ ونحن نتعلم، وما زلنا نحتاج المزيدَ لنواجه قاموسٍ مليءٍ بالمفردات والألغاز والطلاسم، التي لا يمكنُ أن يحلها أي منا من دون معرفةِ البداية.. وإلى أين تتجه بنا بوصلةُ الزمن .
نعم.. الحياةُ مدرسةٌ ونحن طلابها، ولن نتخرجَ منها ما دمنا نعيش فيها، ونستنشق هواءها. 
الحياةُ تسيرُ رغم أنها مليئةٌ بالتساؤلاتِ والمواقف التي تثير دهشتنا أحياناً.. والأيامُ تمضي، والكونُ يدورُ بانتظام.. والليلُ ينزلُ علينا في موعده، مليئاً بالنجوم.. والشمس ما زالت تشرقُ وتنيرُ صباحنا.. وإذا كان هناك تعطيلٌ فهو عند الإنسان.
لقد كرّم اللهُ تعالى الإنسانَ بتسخير الكون له، و«الحياة» وما فيها لمنفعته، وتمكينه من دوره الذي خلقه الله من أجله.. حيث سخّر له ما هو أكبر منه خلقاً كالسماوات والأرض، يقول اللهُ عز وجل: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.
وممكن فهم الحياة من خلال خمسة دروس، «الصبر - محاسبة النفس- عدم الانسياق وراء الآخرين- الالتزام بمبادئ الأخلاق- إدراك حقيقة الدنيا».
و الحياة التي جعلها الله قائمةً على الإنسانيّةِ ليتكافل فيها أفراد المجتمع ويتعاونون فيما بينهم.
فالإخوة والأصدقاء الأوفياء كاليد والعين، إذا تألمت اليدُ بكت العين، وإذا بكت العينُ مسحتها اليد.. ولكي ننجح في مدرسةِ الحياة لابدَّ أن نكونَ بهذه الصورةِ في توادنا وتراحمنا.
تعلمنا من الحياةِ أن «الشر والخير» خطان متوازيان، لا يتقابلان، وأن طريق الخير محفوف بالمخاطر، ومحاط بالعراقيل، والصعاب التي تعرقل خطَ سيرنا، وقد تكون سبباً في انكسارنا وفشلنا، ولكن مواصلةَ الطريق تتطلبُ صبراً وقوة تحمل، وعزيمة وإصرارا، والنهاية تكون دائماً مصدراً للطمأنينة والسكون وراحة البال.
نعم.. كثيرة هي العادات والتقاليد الدخيلة علينا التي أصابتنا، وجعلت الكثيرَ من أفراد المجتمع ينعطف عن مساره الحقيقي، ولأسبابٍ عديدة، قد يجدها من انعطفَ بمنعطفها مقنعةً له، أو أمراً واقعياً، ويجد نفسه منتصراً وسط المجتمع، لكن الحياة ليست كذلك.
هنا استذكرت قصةً عظيمةً سمعتها يوماً ما ..كان هناك رجلٌ فقيرٌ في قريةٍ ما، زوجته تصنع الزبدة، وهو يبيعها في المدينةِ لأحد محال البقالة التي تبيع الموادَ الغذائيّة.. وكانت الزوجةُ تعملُ الزبدةَ على شكلِ كرة، وزنها كيلوغرام، هو يبيعها على صاحبِ البقالة ويشتري بثمنها حاجات ومستلزمات البيت .. وفي أحدِ الأيام شكّ صاحبُ المحل «البقال» بالوزن.. فقام بوزن كل كرةٍ من كراتِ الزبدة، فوجدها (900) غرام.. فغضب البقالُ من الفقير .. وعندما حضر الفقيرُ في اليوم الآتي ليبيع له الزبدة.. قابله البقال بغضبٍ شديدٍ، وقال له: لن أشتري منك الزبدةَ، لأنك تبيعني إياها على أنها كيلو غرام، ولكنها أقل من الكيلو بمئة غرام!! حينها حزن الرجلُ الفقير ونكسَ رأسه، ثم قال: نحن يا سيدي لا نملك ميزاناً في البيت، ولكني اشتريتُ منك كيلو غرام من السكر وجعلته لي مثقالاً، كي أزن به الزبدة!!
لذا تيقنوا تماماً أنَّ «مكيالك يكال لك به».
العوزُ موجودٌ في بلدنا وبلدان أخرى، وطلب الحاجةِ أصبح ظاهراً لا باطناً، والمتسولون نراهم بأم أعيننا أطفالاً ونساءً ورجالاً، وما عدنا نميز الصادقَ من الكاذبِ، وكثرت المناكفاتُ السياسية والاجتماعية، والنصب والاحتيال في شتى مرافق الحياة.
أقول.. لدينا ثلاثةٌ أيام.. الأمس عشناه ولن يعود.. واليوم نعيشه ولن يدوم.. والغد لا ندري أين سنكون.. أيها الإنسان افهم الدرسَ في الحياةِ وصافح مَن يستحق ذلك، وسامح مَن تجده صادقاً مع نفسه ومع الآخرين، ودع الخلقَ للخالق، فأنا وأنت وهم راحلون.. ولن يبقى سوى الذكر الجميل، والثناء الحسن والصيت الطيب.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير