رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
القاهرة تُحجّم عمل المنصات لمصلحة الإعلام التقليدي مجلس الإعلام يتمسك بتقنين الأوضاع لأسباب مالية وجماهيرية


المشاهدات 1154
تاريخ الإضافة 2024/07/24 - 9:14 PM
آخر تحديث 2024/07/27 - 2:57 PM

القاهرة/متابعة الزوراء:
 تواجه المؤسسات الصحفية والتلفزيونية تقلص قاعدة جماهيرها لصالح المنصات الرقمية المختلفة والتي انتشرت في مصر دون ضوابط ولا تقنين ما خلق أزمة اقتصادية لهذه المؤسسات التقليدية، لذلك يلوّح المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام باتخاذ إجراءات عملية تستهدف تنظيم عمل المنصات والاستفادة من العوائد المالية الضخمة لتتحصل الحكومة على موارد، وتجني بعض المؤسسات الإعلامية مكاسب منها.
وطالب المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر المنصات الرقمية المختلفة، دون استثناء، بالحصول على تراخيص للعمل في البلاد، بعد أن لاحظ وجود جزء كبير من محتواها بدأ يتسلل إلى المواقع الصحفية الكبرى ويثير لغطا، ومن دون أن تدفع رسوما للدولة، وتقوم بما يُشبه “مص دماء” الإعلام التقليدي، والذي لا يستفيد ماديا من انتشارها، وهو ما يصعّب استمراره.
وتشير خطة المجلس، والتي ظهرت معالمها منذ فترة ولم تتم الاستجابة لها، إلى رغبته في تحجيم المنصات الرقمية لمصلحة دعم الإعلام التقليدي، بما يوحي بأنه أصبح على بُعد خطوات من اتخاذ إجراءات عملية، تستهدف تنظيم عمل المنصات والاستفادة من العوائد المالية الضخمة التي تصل إليها من المواقع الكبيرة، لتتحصل الحكومة على موارد، وتجني بعض المؤسسات الإعلامية مكاسب منها.
ومع أن مجلس الإعلام لم يوضح تفصيلا كيفية التعامل مع المنصات المخالفة وآلية مطاردتها ورقابة محتواها، لكنه وجد في مسألة “القيم المجتمعية والأخلاقية” وسيلة جيدة لإقناع الرأي العام بخطته، حيث توعد بعدم السماح للمحتوى الشاذ والمنحرف بأن يُقدم على تلك المنصات، وسيواصل التمسك بتوفيق أوضاعها قانونا.
ويواجه الإعلام التقليدي في مصر أزمة سيولة مالية، وترى الحكومة أن الحل يكمن في الاستفادة من الإعلانات والضرائب الخاصة بالمنصات الرقمية لتحسين الوضعية الاقتصادية للمؤسسات الصحفية والتلفزيونية، ومن دون توفيق أوضاعها والتزامها بما عليها من مستحقات للدولة، فإن الإعلام سوف يظل يواجه أزمة تهدد بقاءه.
وقال رئيس المجلس الأعلى للإعلام كرم جبر، الاثنين، “لا تراجع عن اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المنصات التي تتخلّف عن توفيق أوضاعها بحلول سبتمبر المقبل”، ملمحا إلى إمكانية “الحجب”، باعتبار أن ذلك من صلاحيات المجلس، وليس أيّ جهة أخرى، وهناك قانون حاكم لتلك الإجراءات المرتقبة.
وتقوم الخطوة على تتبع محتوى المنصات وملاحظة وجود ما لا يتفق مع القيم الدينية والأخلاقية، كما أن هناك محتوى يتسلل إلى المواقع الكبيرة، وهذه المنصات لا تدفع مقابلا ماديا في شكل إعلانات أو ضرائب وتمتص دماء الإعلام المحلي دون أن تدفع له، فكان ضروريا أن يتم تنظيم هذا الأمر.ويعتقد متابعون للمشهد الإعلامي في مصر أن تحجيم أو تكبيل عمل المنصات لصالح المنابر التقليدية خطوة لن يُكتب لها النجاح، في ظل ارتباك في المبررات والإجراءات التي يُمكن اتخاذها، إذ يصعب منع منصة رقمية لها جمهورها من العمل، وإذا حدث سيكون من السهل عليها الوصول إلى الناس بطرق أخرى غير تقليدية.
ويصعب على الجهات الإعلامية المسؤولة إقناع الجمهور بأن مطاردة المنصات له علاقة بالمحتوى الأخلاقي والاجتماعي، مع عدم قبول شريحة كبيرة من المصريين لهذا الخطاب الذي يتناقض مع حرياتهم الشخصية في مطالعة محتوى يرغبون فيه بلا قيود، ويمكن تقنين أوضاع المنصات بتفسيرات أخرى مالية وربحية.
كما أن المحتوى الذي يتم تقديمه على المنصات الرقمية متنوع ويخاطب فئات مختلفة. وإذا كان الدافع مرتبطا بشق أخلاقي، فماذا لو قدّم بعض المؤثرين على الشبكات الرقمية محتوى متزنا وهادفا لكنهم لم يوفقوا أوضاعهم؟ وهو السؤال الذي يُطرح بين الحين والآخر كلما اختزل مسؤولو الإعلام المشكلة في النطاق الأخلاقي.
وما يعزز فرضية استهداف المنصات الرقمية لأسباب اقتصادية، أن الحكومة المصرية لا تكف عن مطالبة المؤثرين الذين يقومون بصناعة المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي بالتوجه للمصالح المالية لفتح ملف ضريبي والتوثيق لدى الجهات المعنية، وحددت قيمة لضرائب يوتيوب وعقوبات على المتهربين منها.
وتظهر إعلانات لبعض المنصات على المواقع الصحفية، وتتم الاستعانة بمحتواها أحيانا بلا استفادة مالية من قبل المؤسسات الإعلامية، وكانت هناك تصورات لدى البعض من أعضاء البرلمان، ومطالبات من جانب إعلاميين، بضرورة أن تدفع الشبكات الاجتماعية للصحف والقنوات نظير خدمة نشر المحتوى المكتوب والمرئي عبر تلك المنصات بما يزيد جماهيريتها.
وتقدم الهيئات المسؤولة عن إدارة المشهد صورة سلبية في بعض الأحيان عن حرية الرأي والتعبير، عقب تمسكها بتبرير مطاردة المنصات لأسباب تتعلق بالأخلاق، مع أن منظومة القيم في أيّ مجتمع لها وجوه متعددة، وكان من السهل تبرير إلزام المنصات بتوفيق أوضاعها لخدمة الإعلام التقليدي ماديا.
ويحق لمجلس الإعلام وضع قواعد ملزمة على المنصات، لكنه لا يمتلك حلولا للثغرات والحيل التي تقدمها التكنولوجيا للتغلب على وسائل الحجب القسري، ويحدث مع بعض المواقع الإخبارية المعارضة التي أقدمت الحكومة على حجبها، وما زال الوصول إليها سهلا، ما يجعل تعطيل المنصات فكرة مستبعدة عمليا.
قد لا تنفصل نوايا المجلس الأعلى تجاه المنصات عن مساعٍ رسمية لإحكام السيطرة على شبكات التواصل، للحد من الحرية التي تقدمها للمواطنين بلا رقابة، في وقت بات فيه الإعلام التقليدي شبه عاجز عن مجاراة جماهيرية مواقع التواصل وقوة نفوذها وتأثيرها في الرأي العام والحكومة.
وأكد الخبير الإعلامي جلال نصار وجود أهداف واضحة لتحصيل عوائد مالية نظير ترخيص المنصات، لكن من الصعب تحجيم دورها لحساب الإعلام التقليدي، بسبب اختلاف الأهداف الجماهيرية والنفوذ بينهما، وأي خطاب يسوّق لتقنين الأوضاع لأسباب مجتمعية ودينية لن يقنع الشريحة المستهدفة.
وأضاف ، أن تقنين أوضاع المنصات إجراء منطقي في ظل حالة السيولة الراهنة، إلا أن التحكم في المحتوى الرقمي مسألة بالغة الصعوبة، عكس الحاصل في الإعلام التقليدي الذي يخضع لسيطرة كبيرة في المحتوى، ناهيك عن أن معايير عمل المنصات تختلف جذريا عن العمل الإعلامي.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير