رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
جرائم الجيش «الأخلاقي»


المشاهدات 1194
تاريخ الإضافة 2024/07/21 - 8:38 PM
آخر تحديث 2024/07/27 - 2:38 PM

على مر التاريخ الحديث والمعاصر عارض معظم الفلاسفة والمفكرين الإنسانيين ممارسات الولايات المتحدة الأميركية وسياستها الخارجية وانتهاكاتها للقوانين والمواثيق الدولية في العديد من بلدان العالم، وأبرز هؤلاء المفكر الأميركي نعوم تشومسكي الذي عدَّ أن تلك السياسة قد أضرت بقيم الحرية والعدالة والمساواة، وأحلت محلها قيماً غير شرعية أدت إلى تعريض الشعوب لانتهاكات جسيمة ولكثير من المآسي والجرائم التي شكلت مصدراً للإرهاب الذي بدأ استخدامه كمصطلح بحسب رأيه منذ نهاية القرن الثامن عشر الميلادي للإشارة إلى اعمال العنف التي تقوم بها الحكومات الرأسمالية لضمان السيطرة على الشعوب، وهذا ما أطلق عليه العديد من الباحثين في العلوم السياسية والاستراتيجية تسمية « إرهاب الدولة «. وربما بسبب مواقفه هذه ومعارضته للسياسة الاميركية فَضَّلَ أن يقيم في البرازيل منذ العام 2015، لكنه لم يتوقف عن ممارسة دوره الفكري التنويري كفيلسوف ومثقف مسؤول تجاه قضايا الإنسان والحرية والديمقراطية، ومدافعاً عن حق الشعوب في تقرير مصيرها. وفي هذا السياق تأتي الحلول والمعالجات التي قدمها للوصول إلى حل عادلٍ للقضية الفلسطينية، لاسيما في كتابه عن فلسطين، الذي قدم فيه رؤيته وتصوراته القائمة على تحليل واقع النزاع داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، وصراعاته الطبقية، ويقارب فيه بين حالة فلسطين وجنوب افريقيا كحالتين وقضيتين يمثلان الصراع ضد الامبريالية وأنظمة الفصل العنصري، وفي ذلك اتهام صريح للكيان الصهيوني بالعنصرية التي يمارسها بعنف ضد الفلسطينيين أصحاب الأرض والقضية العادلة. وما حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة التي دخلت شهرها العاشر والتي ذهب ضحيتها حتى الآن ما يقرب من 40 ألف شهيد أغلبهم من الأطفال والنساء، وحوالي 90 ألف جريح، فضلاً عن مئات الضحايا الذين مازالوا تحت الأنقاض، وحوالي مليوني نازح، إلّا تأكيد على صحة تحليل المفكر تشومسكي لبنية الكيان الصهيوني العنصرية الفاضحة التي صدمت الضمير العالمي بقوة، وأزاحت ركاماً هائلاً من الأكاذيب التي كانت تتشدق بها إسرائيل حول ديمقراطيتها، وجيشها «الأخلاقي» الذي وصفه بنيامين نتنياهو بكل وقاحة وصلافة بأنه «الجيش الأكثر أخلاقية في العالم»! مما أثار موجة عالمية من السخرية والسخط والاستنكار لهذا الكذب المفضوح الذي لم يعد ينطلي على أحد بعد الجرائم البشعة والمتكررة التي ارتكبها هذا الجيش « الأخلاقي « ضد المدنيين الآمنين في غزة وأحيائها السكنية، وفي دير البلح وخان يونس ورفح وغيرها من المدن والضواحي والقرى التي نالتها آلة الحقد الهمجية من دون رحمة ولا استثناء، وبلا أي التزام بقوانين الحروب وأخلاقياتها، وبالأخص حروب المدن. 
ذلك هو إرهاب الدولة الذي سارت بموجبه إسرائيل في حربها على غزة، وهو عينه الإرهاب الدولي والعنصري الذي عناه تشومسكي، بعد أن وقف موقفاً واضحاً ضد ما أسماه بـ «جرائم كيان الاحتلال»، ليترك اسمه بين أسماء الفلاسفة والمفكرين الكبار من أصحاب المواقف التاريخية أمثال الفيلسوف الإنكليزي برتراند رسل، والفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر، ومواطنه روجيه غارودي الذين رفضوا العيش في ابراجهم العاجية ونظرياتهم المجردة، إنما نزلوا إلى أرض الواقع والإنسان والمأساة البشرية، وأعلنوا وقوفهم مع قضايا الشعوب في كفاحها ونضالها وتضحياتها من أجل الاستقلال والحرية والعدالة والسلام. وأدانوا بصدق وقوة انتهاكات حقوق الإنسان، وجرائم الحروب، من أمثال جرائم حرب الإبادة الجماعية التي مازال الجيش» الأخلاقي» يرتكبها يومياً ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة المغدورة التي مثلت صرخة في وجه العالم المتحضر، وقدمت الدليل الأكيد على وحشية الكيان الصهيوني وهمجيته التي لم تعد تخفى على احد من أحرار العالم.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير