رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
حتى لا يستفحل العنف في المجتمعات


المشاهدات 1056
تاريخ الإضافة 2024/07/15 - 9:18 PM
آخر تحديث 2024/07/16 - 3:00 AM

تعرّض المرشّح الجمهوري في إنتخابات الرئاسة الإمريكية دونالد ترامب، السبت 13 يوليو 2024 ، إلى محاولة إغتيال خلال تجمّع انتخابي بولاية بنسلفانيا أدّت إلى إصابة ترامب بجرح في أذنه اليمنى وإلى مقتل أحد الحضور وإصابة آخر ، ورغم أنّ المصالح الأمنية الأمريكية أكّدت على أنّ منفّذ العملية « تصرّف بصفة فردية ولا وجود لدوافع أيديولوجية له « ، إلّا أنّ الحديث عن مسألة العنف السياسي رجع بقوّة ، ولا يبدو أنّ الإدانة الشاملة لحادث محاولة الاغتيال حفّفت من حدّة الجدل ، وقد ندّد رؤساء وقادة وشخصيات عامّة بحادث العنف السياسي الذي كان يهدف لاغتيال المرشح الرئاسي الحالي والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب .
وأكّد الرئيس الأمريكي جو بايدن على «ضرورة توحيد الأمريكيين المنقسمين بعد محاولة الاغتيال» التي تعرض لها دونالد ترامب ، مشدّدا على أنّ أمريكا «تحتاج إلى خفض حدّة التوتّر في السياسة»ومضيفا ، «أنّ السياسة لا ينبغي لها أن تكون مسرحا للعنف» ، ودفعت محاولة الاغتيال الرئيس بايدن إلى وقف حملته مؤقّتا وسط مخاوف من تأجيج العنف السياسي قبل أشهر من الانتخابات .
وفي المقابل، أثارت محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب غضب أنصاره ، وذهب بعض الجمهوريين إلى حدّ اتّهام الديمقراطيين بتأجيج الناس وحشد هم ضدّ ترامب واتّهامه بالفاشية وهو ما قاد في تقديرهم إلى تنامي ظاهرة العنف وإلى محاولة الاغتيال هذه .
ويسعى الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن أن يركّز حملته الانتخابية على ضرورة التعلّق بقيم الديمقراطية ونبذ العنف وعلى وحدة الأمريكيين، في حين يعتبر الملاحظون أنّ دونالد ترامب هو نتاج منطقي لخطاب العنف وللانقسام الحادّ في المجتمع الأمريكي وهو خطاب بلغ أوجه يوم 6 يونيو 2021 مع اقتحام مبنى مجلس النواب ( الكابيتول) من طرف أنصار ترامب الذي رفض الإعتراف بنتائج الانتخابات التي أسندت الفوز إلى جو بايدن .
ويبدو أنّه لا مناص من الربط بين تنامي الفكر اليميني الشعبوي والقومي المتطرّف واستفحال ظاهرة العنف السياسي ، وسواء تعلّق الأمر بالولايات المتحدة الأمريكية أو بعدد آخر من الديمقراطيات الغربية فإنّ المجتمعات في هذه الدول تشهد انقسامات كبيرة وصلت حدّ التشكيك في المنظومة القيمية الليبرالية وحتّى رفض الاحتكام إلى مؤسّسات الدولة والسعي إلى تقويضها .
ومعلوم أنّ حدّة الأزمة الاقتصادية وغياب الحلول الناجعة لتداعياتها على حياة الناس وعلى استقرار المجتمعات مثّلا أرضية خصبة لتنامي الفكر الشعبوي والقومي المتطرّف الذي لا يتردّد في تقديم حلول وبدائل غير واقعية ولكنّها تلقى مع ذلك الصدى الواسع والقبول لدى المواطن في هذه الدول الغربية ، الذي أظهرته التجارب المختلفة أنّه ينخرط بقوّة في الدفاع عن هذه البدائل عن طابعها «السريالي» اللافت.
وقد تكون هذه الأزمة الهيكلية التي تعرفها المنظومة الليبرالية من المؤشّرات على أنّ الحلول لتجاوز مختلف الأزمات الاقتصادية والمقتصرة على اللجوء إلى القوانين الليبرالية المحضة أصبحت من الماضي ، وأنّ المطلوب العاجل الآن هو إعادة صياغة العقد الرابط بين مختلف المكوّنات السياسية والمجتمعية على أسس أكثر إنسانية وتضامنية وهو ما يبدو أنّ بعض الدول فهمته وسارت على دربه ، لأنّه في غياب ذلك فإنّ العنف مستفحل لا محالة .
 


تابعنا على
تصميم وتطوير