د. ناظم الربيعي
عضو مجلس نقابة الصحفيين
تحل علينا في الخامس عشر من شهر تموز من كل عام الذكرى السنوية لصدور اول جريدة عراقية سميت بالزوراء عام 1869 وفي هذه الذكرى الثالثة والخمسين بعد المائة لا بد لنا من المرور على اهم المنجزات التي تحققت للصحفيين والاعلامين العراقيين ولا نريد ان نغوص في سرد كل المنجزات المهنية والقانونية التي تحققت لصالح الصحفين فهي كثيرة جداً ولا يتسع المجال لذكرها في هذه المناسبة المعطرة وإنما سنكتفي بأهم منجز تحقق للصحفيين وعوائلهم ولشهداء الصحافة العراقية على وجه الخصوص ولورثتهم الا وهو قانون حقوق الصحفيين ولو عدنا الى بدايات تأسيس نقابة الصحفيين العراقيين التي تأسست عام 1959 حيث صدر اول قانون يحمل رقم (89) لسنة 1959 للنقابة استمر العمل به لمدة عشرة سنوات أعقبه قانون النقابة النافذ رقم 178 لسنة 1969 المعدل والذي الغى القانون السابق وحل محله.
احتوى قانون النقابة النافذ على اربعين مادة قانونية واسباب موجبة تم اجراء العديد من التعديلات عليه اخرها التعديل الرابع والذي صدر في جريدة الوقائع العراقية العدد (4444) لعام 2017.
ان غياب التشريعات القانونية الضامنة لحرية الرأي والتعبير وبقاء القوانين القديمة كقانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل.
واصرار الدستور العراقي لعام 2005 على سريان تلك القوانين وهذا ما أكدته المادة 130 من الدستور التي نصت على سريان القوانين السابقة ما لم تغير بقوانين اخرى.
حيث نجد في قانون العقوبات الكثير من المواد القانونية التي تحد من العمل الصحفي والاعلامي خصوصاً المتعلقة بجرائم النشد والاعلام حيث بينت المواد (200,179,83,82,81) من القانون المذكور عقوبة جرائم النشر والتي تتراوح ما بين السجن لسنتين والسجن المؤبد والتي ما زال العمل فيها ساري المفعول ولم يتغير وتتناقض مع الدستور مما جعل نقابة الصحفيين العراقيين أن تأخذ زمام المبادرة، وان تكون بمستوى التحدي ازاء هذه المواد القانونية بأن تقدم الى البرلمان مشروع قانون يعالج تلك المواد القانونية (وذلك لان القانون الخاص يقيد القانون العام) ليواكب المسيرة الصحفية والاعلامية في العراق الجديد فكما هو معروف فأن العمل الصحفي فقد تغير تغييراً جذرياً بعد عام 2003 خصوصاً بعد ازدياد عدد الصحف اليومية والمجلات والقنوات الفضائية والارضية والتي افرز العمل فيها الكثير من المشاكل التي تتعلق اكثرها بعدم وجود عقود عمل بين الصحفيين والمؤسسات التي يعملون فيها اضافة الى التسريح الكيفي والمعتمد للعاملين في تلك المؤسسات من قبل اداراتها.
لذلك صار لزاماً على نقابة الصحفيين معالجة ذلك اضافة الى مستجدات مهنية اخرى ظهرت على الساحة الصحفية استوجبت اصدار قانون يوفر الحماية والضمانات الاجتماعية للصحفيين وأسرهم وورثتهم ففي عام 2011 تم تشريع قانون حقوق الصحفيين المرقم (21) والذي جاء منسجماً مع الواقع الجديد الذي يعيشه الصحفيون ليضمن حقوقهم ويوفر لهم الضمانات المطلوبة وهو يؤدون عملهم فقد جاءت المادة الثانية من القانون لتؤكد تلك الحقوق وتوفر الحماية للصحفيين والاعلاميينحيث نصت ( يهدف هذا القانون الى تعزيز حقوق الصحفيين وتوفير الحماية لهم في جمهورية العراق)كما نصت المادة الثالثة منه (على الزام دوائر الدولة والقطاع العام والجهات الاخرى التي يمارس الصحفي مهنته امامها تقديم التسهيلات التي تقتضيها واجباته بما تضمن كرامة العمل الصحفي).
وقد تمكن الصحفيون العراقيون لاول مرة وبشكل قانوني من الحصول على المعلومات والانباء والبيانات والاحصائيات غير المحظورة من مصادرها المختلفة ولهم الحق في نشرها بحدود القانون ولهم الحق بالاحتفاظ بسرية مصادر معلوماتهم وهذا ما جاء بالمادة (4) من القانون الفقرات (1) و (2).
واعطى القانون الحق للصحفي والاعلامي من الامتناع عن كتابة او اعداد مواد صحفية تتنافى مع معتقداته وارائه وضميره الصحفي هذا ما جاء في المادة (5) اولا من القانون.
اما المادة (7) من القانون فقد أعطت الصحفي حصانة من الاعتداء عليه أو مصادرة اداوته اثناء تأدية عمله الصحفي.
اما المادة (9) من القانون فقد نصت على (يعاقب كل من يعتدي على صحفي اثناء تأدية مهنته او بسببها بالعقوبة المقررة لمن يعتدي على موظف حكومي اثناء تأدية واجبه).
ولأول مرة وفر القانون الحماية اللازمة للصحفي والاعلامي من خلال المادة (10) منه والتي نصت (لا يجوز استجواب الصحفي او التحقيق معه عن جريمة منسوبة اليه مرتبطة بممارسة عمله الصحفي الا بقرار قضائي ويجب اخبار النقابة بذلك ولنقيب الصحفيين او رئيس المؤسسة التي يعمل فيها او من يخولانه حضور استجواب الصحفي او التحقيق معه او محاكمته.
وعالج القانون مسألة الطرد الكيفي والتعسفي الذي طال العديد من الصحفيين والاعلاميين فقد الزمت المادة (13) منه على (الزام المؤسسات الاعلامية الاجنبية والمحلية بأبرام عقود عمل مع الصحفيين العاملين فيها وايداع نسخة من العقد لدى نقابة الصحفيين العراقيين).
وقد ألغى القانون أمر سلطة الحاكم المدني بول بريمر الذي جاء بالأمر المرقم (141) والذي كان مفاجئاً فيما حواه من قيود وانتهاكات ومصادرة لحرية التعبير والنشر والاعلام والصحافة حيث جاء في الجزء الثالث منه وتمت باب اكتشاف النشاط المحظور (يجوز للمدير الاداري للسلطة الاتلافية المؤقتة ان يأذن بأجراء عمليات تفتيش للاماكن التي تعمل فيها المنظمات الاعلامية ومقرات الصحف العراقية دون اخطار بغية التأكد من امتثالها لهذا الامر ويجوز له مصادرة اي مواد محظورة او معدات انتاجية كما له الحق في اغلاق اي مبان تعمل فيها هذه المنظمات والصحف).
فقد جاءت المادة (15) منه التي الغت هذا القرار الجائر لبول بريمر والتي نصت على ما يلي( يحظر منع صدور الصحف او مصادرتها الا بقرار قضائي).
وفي ضوء المادة (16) من القانون فقد تم احتساب الخدمة الصحفية للصحفيين والاعلاميين بناءاً على تأييد المؤسسة الاعلامية التي يعمل فيها وبرقابة ديوان الرقابة المالية لاغراض الترقية والتقاعد وان لم يكن الصحفي عضواً في النقابة.
وفعلا تم تشكيل لجنة لهذا الغرض برئاسة الزميل مؤيد اللامي نقيب الصحفيين العراقيين نظرت بالعديد من الطلبات المقدمة اليها وتم احتساب الخدمة الصحفية للزملاء المتقدمين.
وتكريما لشهداء الصحافة الذين ضحوا بأعز ما يملكون من اجل ان تبقى الكلمة الحرة الشريفة والمهنية هي السائدة وكشف زيف التضليل الاعلامي لماكنة داعش ومن لف لفهم.
وكذلك الزملاء الذين توشموا بأوسمة البطولة من خلال جراحهم في ميادين صاحبة الجلالة من الجرحى.
فقد تم شمولهم بقانون تعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والاخطاء العسكرية والعمليات الارهابية رقم (20) لسنة 2009 المعدل.
فقد تم منح عوائل شهداء الصحافة راتباً شهرياً مقداره (1,200,000) مليون ومائتان الف دينار مع قطعة ارض سكنية او شقة سكنية او داراً لزوجته واولاده ومنح والدي الشهيد قطعة ارض سكنية والزام الوزارات والدوائر الحكومية المعنية بتنفيذ ذلك بأسرع وقت ممكن مع منح عائلة الشهيد قرضاً عقارياً بمبلغ (50,000,000) خمسون مليون دينار يسدد باقساط ميسرة واذا تعذر اعطائهم داراً او شقة سكنية فيمنح المشمولون بأحكامه بدلا نقدياً يساوي قيمة الدار او الشقة مع اعفائهم من الضرائب والرسوم كافة.
وهذا ما نصت عليه المادة (13) اولا من القانون وتعديلاته المنشورة بموجب قرار مجلس النواب المرقم (63) في 30/12/2015 والمنشور بالوقائع العراقية العدد 4395 في 25/1/2016 والذي شمل شهداء الصحافة العراقية وكذلك الجرحى.
اما الفقرة سادساً من المادة (13) من القانون اعلاه فقد انصفت جرحى العمليات العسكرية من الصحفيين ممن لديهم نسبة عجز (30%) فما فوق فخصصت لهم قطعة ارض سكنية او شقة سكنية استثناءاً من احكام قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (120) لسنة 1982 واستثناءاً من مسقط الرأس او دفع بدل نقدي لهم يساوي قيمة الارض او الشقة بسعر السوق السائد.
اضافة الى العناية الصحية التي نصت عليها المادة (12) من قانون حقوق الصحفيين (الزام الدولة بتوفير الفحص والعلاج المجاني للصحفيين ممن يتعرضون للاصابة اثناء تأدية عملهم او بسببه في المستشفيات الحكومية).
من تقدم يتبين الدور الفاعل والمتميز الذي قامت به نقابة الصحفيين العراقيين من اجل تشريع قوانين تضمن حرية العمل الصحفي والاعلامي وتوفير بيئة آمنة للعمل لهم وتوفير العيش الرغيد لهم ولعوائلهم وهذا فيض من فيض من انجازات النقابة.