1ـ أحمد مدحت
تم صدورجريدة الزوراء، وهي أول جريدة تصدر في بغداد على يد مؤسسها الوالي مدحت باشا في 15 حزيران 1869م، ومنذ عددها الأول باللغتين العربية والتركية وبالحجم المتوسط، بثماني صفحات، ثم بأربع صفحات، حتى عام 1908 م.
والوالي مدحت باشا كان قد جلب لها مطبعة من باريس عام 1869، اسماها بمطبعة (الولاية). فكانت المطبعة والجريدة صنوين لعمل واحد.
والزوراء صحيفة رسمية أسسها الكاتب أحمد مدحت أفندي وهو في الوقت نفسه أول من تولى رئاسة التحرير فيها. واستمرت الزوراء بالظهور دون توقف زهاء ثمانية واربعين عاماً، وقد ساهم في تحريرها كثيرون .
والكاتب أحمد مدحت أفندي أول رئيس تحرير لجريدة الزوراء، يصفه الاستاذ صديق الدملوجي بأنه من كبار كتاب تركيا، ويصفه الاستاذ المؤرخ عباس العزاوي انه كان له شأن في عالم الادب والتاريخ ويصفه استاذ الصحافة في جامعة بغداد السيد منير بكر التكريتي بالكاتب التركي المعروف. ولد عام 1841 من عائلة معدمة في تركيا، وقدم بغداد مع الوالي المصلح مدحت باشا وقام بمهمة رئاسة تحرير الزوراء.. والظاهر انه غادر بغداد في عام 1870 الى استانبول بتأثير من السلطان، حيث انقلب على أفكار مدحت باشا وناصبه العداء.. له عدة مؤلفات في التركية منها اس انقلاب وحقائق الوقائع.
2ـ أحمد عزت الفاروقي
هو اول رئيس تحرير للجريدة من العراقيين.
ولد في الموصل سنة 1828 (1244هـ) ويذكر الشيخ عبد الرزاق البيطار الدمشقي ان اجداده قدموا الموصل من الشام وقد تخرج على علماء بغداد والموصل واتقن الفارسية والتركية. وكان كاتبا وشاعرا، جمع شعر الشاعر البغدادي عبد الغفار الاخرس وألف كتاب العقود الجوهرية في تراجم أدباء عصره، وله كتب أخرى تدل على عقلية موسوعية منها رحلته الى نجد ورسالته عن التصوير الشمسي ومجموعته الشعرية، وعرب من التركية وكتاب احكام الاراضي.
وقد اورد الاستاذ منير بكر له قصيدتين يمدح بأحداهما السلطان عبد العزيز ويهنئ بالاخرى الوالي مدحت، وكلتاهما منشورتان في جريدة الزوراء ومنهما نستدل على ان الفاروقي رأس تحرير الزوراء خلفا لأحمد مدحت لان تاريخ القصيدتين هو 1871 وولاية مدحت باشا على بغداد انتهت في 23 مايس 1872. كما نستدل ايضا على انه كان يرأس تحرير الزوراء بقسميها لانه أديب مجيد في اللغتين.
وتوفى الفاروقي في الاستانة عام 1892.
3ـ علي رضا الفاروقي
هو شقيق أحمد عزت المذكور، ولا نعلم من اخباره شيئا بعد استقراء المصادر التي بين ايدينا، واعتمدنا في ذكره على اشارة الاستاذ رفائيل بطي اليه في مجلة منبر الاثير البغدادية.
4ـ احمد الشاوي البغدادي
لا نعلم بالضبط تاريخ قيام الشاوي المذكور ولا قيام كل من عبد المجيد الشاوي وطه الشواف، برئاسة تحرير الزوراء. وصفه الاستاذ العزاوي في موسوعته (العراق بين احتلالين) بأنه عالم وأديب. وله شعر جيد ومنه قوله في هجاء دائرة المعارف العثمانية في بغداد:
الجهل اجمعه بدا
ئرة المعارف مستدير
اعضاؤها ورئيسها
في الجهل ليس لهم نظير
وافى النذير بعزلهم
يا حبذا ذاك النذير
لما اتى ارخت (لا
رجعت ولا رجع الحمير
وشرح نتفا من شعره العالم الشيخ محمود شكري الالوسي.
ولدى وفاته بعد ان شغل منصب (مفتي البصرة) رثته الجريدة التي كان يوما ما رئيسا لتحريرها.. جاء في العدد (1818) من الزوراء ما يلي: «هو من قدماء الاشراف وذوي البيوت المشهورين في بلدتنا بالكرم والوفاء والشجاعة والبسالة والاصالة والنجابة. وكان رحمه الله، اديبا لبيبا كاملا عارفا منفرد في اللغة العربية وأدبياتها وله اليد الطولى فيهما..».
توفي عام 1899 (محرم 1316هـ).
5ـ طه الشواف
اقدم من كتب عنه من المعاصرين السيد محمود الالوسي في كتابه المسلك الاذفر عندما أرخ لوالده (الشيخ عبد الرزاق البغدادي الشهير بالشواف) وذكر اولاده ووصف الشيخ طه بـ (افضلهم واجلهم واكملهم واعقلهم الفاضل الاديب والكامل الاريب). واشار اليه مؤرخ علماء بغداد في الجيل الماضي السيد محمد صالح السهروردي عندما ارّخ حياة ابن الشيخ طه المرحوم الشيخ عبد الملك (توفى سنة 953)، حيث قال «ثم عين مفتيا لولاية البصرة وذاك بعد وفاة مفتيها والده...»، وذكره الشيخ ابراهيم الدروبي (كان عالما من الاعلام اشتهر بين الخاص والعام بأصول الفتوى والتدريس في اماكن متعددة في جانبي الكرخ والرصافة وكان شاعرا فصيحا، وذكر له أبياتا انتقادية سنذكرها بعد قليل. وذكر الاستاذ العزاوي انه كان مفتيا لسامراء في عام 1899 (1307هـ) وتقلد الافتاء في البصرة من سنة 1317 هـ ووصفه.. من العلماء الادباء وله شعر جيد. وتوفى الشيخ طه الشواف في البصرة عام 1910 (صفر 1328). ومن الجدير بالذكر هنا تأبين جريدة الرقيب وجريدة صدى بابل البغداديتين له بعد وفرة الصحف في بغداد على أثر اعلان الدستور العثماني، ومنافسة الصحف إياها لجريدة بغداد الوحيدة!. ولا نعلم بالضبط تاريخ اشتغاله وتحريره في الزوراء، إذ يسكت المؤرخون عن ذلك؛ ولكن لنا أن نجعله قبل قيامه بالتدريس بمدارس بغداد الدينية الكثيرة حينذاك وقبل تقلده مناصب الفتيا والقضاء في سامراء والبصرة.
اما الابيات الانتقادية التي أشرنا اليها أعلاه، فقد نظمها في سنة 1889، (1317هـ) وقبل ذهابه الى البصرة بصفته مفتيا، ويقال انه نظمها ارتجالا وذلك عند وقوع ازمة التضخم النقدي في الدولة وضعف القوة الشرائية للنقود المتداولة، وفي الابيات تبكيت وتنكيت، وفيها وصف صارخ لطالب العلم في عهده:
قل لأمير المؤمنين الذي
قد عمنا بالجود واللطف
درهمه اضحى وديناره
في سوق بغداد لدى الصرف
اذل من طالب علم اتى
لحاجة دائرة الوقف
6ـ محمود شكري الالوسي
رأس السيد محمود شكري الالوسي (1856ـ1924) رئاسة تحرير القسم العربي من جريدة الزوراء في عهد ولاية سري باشا 1889 (1307) وهو الوحيد ممن ندرسهم هنا الذي تعينت مدة رئاسته تحرير الزوراء بالضبط، إذ بلغت سنة ونصف سنة وواحداً وعشرين عاما وقد كانت ايام ولاية السيد الالوسي تحرير القسم العربي من هذه الجريدة خير أيامها على الاطلاق كما يقول الاستاذ محمد بهجت الاثري في دراسته القيمة عن شيخه الالوسي، إذ (ارتقى فيها مستوى الكتابة في كل ما تناولته من موضوعات، وفصحت لغتها وحصفت معانيها، وتنوعت اغراضها، فمقالات تاريخية وأخرى عمرانية أو أدبية، والى جانب ذلك مطارحات واسئلة في العلم واللغة كان السيد الالوسي يحرك بها ذلك الجو الساكن ويحفز العلماء والادباء للبحث والانتاج والنشر. ثابر على ذلك في تحرير هذه الجريدة مدة ولاية سري باشا). وقد صور اثر تصدر العلامة الالوسي لرئاسة الجريدة، تلميذه الشيخ السهروردي في كتابه سابق الذكر، في توجيه الناشئة وطلبة العلم الى الكتابة والتأليف والاسهام في تنوير المواطنين عن طريق النشر، قال عند استعراضه دور المترجم له في جريدة الزوراء «حرر فيها المقالات في مختلف العلوم ودبج فيه اسئلة احجم عن الاجابة عليها فحول العلماء... حتى اوجد بسبب ذلك حركة أدبية علمية كبرى في البلاد وانتشر الانشاء، فلاشك ان كل الكتّاب في هذه البلاد هم عيال عليه.
ومؤلفات الالوسي في التاريخ واللغة والفقه وفتاواه في القضايا العامة هي اشهر من ان تذكر، ومواقفه الشجاعة في وجه الوالي عبد الوهاب ونفيه الى الاناضول في العهد العثماني، ثم مواقفه في وجه المحتل الانكليزي تجعله في مقدمة أبطال الوطن.
7ـ عبد الحميد الشاوي
زامل السيد الالوسي في تحرير الزوراء وفي عهد الوالي سري باشا، والى هذه الحقيقة التاريخية اشار الاستاذ الاثري، حيث قال (.. وكان يزامله في التحرير صديقه وزميله عبد الحميد بك الشاوي وهو من ابرع ادباء العرب في الكتابة العربية والتركية في عصره. عدّه العزاوي من الادباء ووصفه الدروبي بالكاتب الشاعر ومن شعره قوله في مدح اهله:
تذكرت بغداد بعد الهجوع
ونحن بنجد وقيعانها
وما ذكر بغداد من حبها
ولا من مودة سكانها
ولكن تذكرتها اذ زهت
بمطعام (حمير) مطعانها
ابي وابو كل اكرومة
توارثها صيد قحطانها
وقد رثته الزوراء... (والمرحوم من اسرة نجيبة مبجلة من وجوه مملكتنا واشرافها.
توفي في 1898 (ربيع الاول 1316هـ) وكان موظفا في البصرة.
8ـ فهمي المدرس
ولد في بغداد عام 1873، وشغل عدة وظائف علمية ثم (عين مديرا لمطبعة الولاية في بغداد مع تحرير قسمي التركي والعربي من جريدة الزوراء)، وذلك في عهد الوالي نامق باشا الصغير الذي تولى الولاية في 1899 (1317هـ)، وقد ورد ذكره في احداث عام 1318 في بغداد، وحضوره احد الاحتفالات العامة بصفة (محرر جريدة الزوراء).
فهْمي المُدَرّس (1290 - 1363 هـ / 1873 - 1944 م) هو سياسي ومؤلف وأديب وكاتب وشاعر عراقي.
هو فهمي بن عبد الرحمن بن سليم بن محمد بن أحمد بن سليمان، الخزرجي الموصلي، المدرس. ولقد كان يجيد اللغة التركية واللغة الفارسية. قضى خمسة عشر عاما استاذا في الجامعة العثمانية (دار الفنون) بإسطنبول دّرس فيها الحقوق الإسلامية وتاريخ الآداب العربية. وكان مولده ووفاته في بغداد.
ولقد أخذ دروس العلم عن علماء وفقهاء بغداد ومنهم الشيخ بهاء الحق الهندي، والشيخ نعمان الآلوسي، وعبد السلام الشواف، وعبد الرحمن القرة داغي، والشيخ إسماعيل الموصلي.
وأخذ فنون الأدب والخط العربي عن الشيخ محمود شكري الآلوسي، وأتقن فن التعليق على يد الخطاط الشهير ميرزا موسى، وأخذ منه إجازة في الخط.
وكان شاعرا مقلا وله قصائد شعرية منوعة.. جمع فهمي المدرس محاضراته التي القاها في جامعة استانبول باللغة التركية في كتاب سماه «تاريخ الادبيات العربية» صدر منه جزآن، وقد طبع الجزء الأول (1914) وقد علمت ان الجزء الثاني كان قد انتهى طبعه حين قرر المؤلف السفر إلى الشام سنة 1919، فلم يكلف نفسه مؤونة انتظار صدوره، وجمع محاضراته في موضوع التشريعة الإسلامية في كتاب «حكمة التشريع الإسلامي» (باللغة التركية).
وله عدا ذلك: مقالات (في جزأين طبعا سنة 1931 – 32)، فضلا عن مقالاته السياسية والاجتماعية الأخرى المتفرقة في الصحف وبحوثه في «فلسفة المواريث في الإسلام» و»، «بحث في الديانة الزودشتية» اعدها لطلاب جامعة آل البيت.
ولم يكد يبلغ العشرين من عمره حتى عين مترجما في ولاية بغداد ومعاونا لمدير مطبعة الولاية، ثم رفع مديرا للمطبعة ورئيسا لتحرير جريدة الزوراء الرسمية بقسميها التركي والعربي (1901). وعهد إليه في خلال تلك الحقبة أيضا التدريس في المدرسة الإعدادية الملكية وعضوية مجلس معارف ولاية بغداد ونظارة مدرسة الصنائع. وقد نقل مديرا لمطبعة الولاية في جزيرة رودس ببحر سفيد في تشرين الأول 1905 على اثر وشاية رفعت عنه إلى السلطان عبد الحميد الثاني، ولكن أعيد إلى منصبه السابق في بغداد في تشرين الثاني 1906. وفي أوائل أيار 1908 سافر إلى الاستانة، فلم يمضِ وقت قصير على وصوله إليها حتى قام الانقلاب العثماني، وكان فهمي المدرس يحمل توصية إلى الشيخ أبي الهدى الرفاع المتقرب إلى البلاط الشاهاني، فخرج على ما يرويه الدكتور ناجي الأصيل نقلا عن الأستاذ المدرس نفسه، قاصدا دار أبي الهدى فرأى الطرق تموج بالجماهير الحانقة المتحمسة التي تنادي بالحرية والعدالة والدستور.. وعلم أن الثورة قد قامت على الاستبداد فمزق التوصية التي كان يعقد عليها آماله وانغمر مع الجموع المزدحمة الهاتفة لا يلوي على شيء.
وعين في 21 آب 1921 كبيرا لأمناء الملك فيصل الاول فبقي في منصبه سنة واحدة ثم فُصل عنه بطلب من المندوب السامي البريطاني لحادث وقع في يوم الاحتفال بعيد التتويج الملكي الأول. وعين بعد ذلك أمينا لجامعة آل البيت (13 نيسان 1924) فتولى رئاستها إلى وقت إغلاقها في 24 نيسان 1930. وساهم في النشاط السياسي الذي دار في السنوات التالية، وكتب في جريدة «البلاد» مقالات سياسية خطيرة كان لها دوي شديد في المحافل الوطنية، فأُبعد إلى الشام مع روفائيل بطي صاحب جريدة (آذار 1932).
وعين في 18 آب 1935 مديرا عاما للمعارف، فلم تمض أسابيع قليلة حتى استقال من منصبه (9 ايلول 1935). واختير بعد ذلك مديرا لدار العلوم العربية والدينية في الأعظمية من ضواحي بغداد فتولى إدارتها سنتينولم تفارقه حماسته وقد بلغ الشيخوخة، فلما قام رشيد عالي الكيلاني بحركته الوطنية في أيار 1941، بادر فهمي المدرس إلى تأييدها وألقى خطابا دفاعا عنها من الإذاعة اللاسلكية رغم علمه بعدم احتمال نجاحها.
وكان يجلس للناس في داره فيؤم مجلسه رجال السياسة والأدب والفضل والشباب الوطني. وكان يعتز بآرائه، صريحا في القول، فوار العاطفة، متدفق البيان، وقد روى الدكتور ناجي الأصيل الذي لازمه سنين طوالا أن نوري السعيد سأله ذات يوم في بعض المجالس عن حاله فقال: لست بخير، فنحن كلما زرعنا الورد أنبت شوكا. وقال مرة لعبد الحسن السعدون: كلما توغب الوزارة تغمض عينيك وتمد يدك إلى الشارع فتصنع الوزراء جزافا. فهلا مددت يدك إلى محلتنا؟
لم يعرف عن فهمي المدرس أنه كان شاعرا، لكن عُثر له على قصيدة عصماء بلغ عدد أبياتها نحوا من 120 بيتا، وقد رثى بها صديقه الأديب التركي محمد سامي بك سليمان المعروف باسم “سليمان نسيب”.
وصفه ابراهيم الدروبي بأنه من علماء بغداد وأفاضلها المشهورين، اشتهر بقلمه السيال. وكان يدير جريدة الزوراء ببغداد. وكتب الاستاذ خيرالدين الزركلي عنه في الاعلام (تقلد في العهد العثماني وظائف مختلفة كادارة مطبعة الولاية ببغداد وتحرير جريدة الزوراء الرسمية ثم كان مدرسا في جامعة استانبول.
وذكر الاستاذ خيري العمري في دراسة عنه في مجلة الاقلام البغدادية ان المدرس «تأثر بحكم ثقافته الاسلامية بالدعوة الى الاصلاح الديني التي بذر بذورها جمال الدين الافغاني.. وعلى ضوء هذه الحقيقة يمكننا ان نفسر موقف فهمي (المدرس) من تأييد الانقلاب الدستوري العثماني بحماسة.».
وختم الاستاذ منير بكر دراسته عنه في كتابه (الصحافة العراقية واتجاهاتها السياسية والاجتماعية والثقافية من 1869 ـ (صدور الزوراء) ـ 1921 (قيام الحكم الاهلي)، وهي اوفى دراسة عن فهمي المدرس العظيم.. قال ان الرجل دافع عن امته وقومه بكل ما أوتي من قوة سواء أكان في الوظيفة ام في مجالسه الخاصة ام على صفحات الجرائد دفاع رجل احب قومه فاحبوه لصدقه واخلاصه.
وقد أورثته الزوراء حبا للصحافة والتأليف واطلاعا واسعا على الثقافة العامة وتحسسا للراي العام، فعاش مثال المفكر الجرئ، وبقي يزود الصحف بمقالاته السياسية والثقافية والاصلاحية حتى وفاته عام 1944 في بغداد.
9ـ عبد المجيد الشاوي
هو ثالث محرر أو رئيس تحرير للزوراء قام بهذه الوظيفة من بيت واحد.. ولد ببغداد سنة 1852 ودرس على علماء بغداد المشهورين واتقن الاداب التركية وتوظف في عدة وظائف مهمة، وعين نائبا عن العمارة والمنتفق مرتين في المجلس النيابي العثماني، وفي الحكم الاهلي تسنم وزارة الدولة في الوزارة النقيبية، ثم قام بمهمة امانة العاصمة خير قيام.
مارس نظم الشعر واشتهر بحافظة عجيبة، وكان يحفظ القرآن الكريم ومطولات الشعر العربي واشتهر بظرافته واريحيته وتخلقه بالاخلاق البغدادية الاصيلة..
وصفه الكاتب اللبناني امين الريحاني بـ «ذلك العربي الحر الجرئ الجامع بين محاسن البدو والحضر، ذلك الفيلسوف الذي نثر الحكم وما كتبها، كان له رأس كراس سقراط، شكلا ومعنى، ولسان كلسان صموئيل جونسون، سقراط الانكليز بفصاحته ولواذعه..»
واحسن من وصف مواهبه وذكاءه صديقه ومواطنه شاعرنا الكبير الاستاذ معروف الرصافي؛ قال عندما رثاه:
اوتيت فضلا في النهى عجبا
يأتي من الآراء بالعجب
كم كنت تكشف فيه محتجبا
وتنال اقصى الامر من كثب
فبنيت مجدا منك مكتسبا
من بعد آخر غير مكتسب
وبك العروبة قد زهت نسبا
يزهو بغبطة كل ذي نسب
توفى في بيروت في خريف عام 1928 ودفن بعيدا عن تراب بغداد!
10 - جميل صدقي الزهاوي
اكد على اسناد رئاسة تحرير الزوراء الى الشاعر الثائر المفكر جميل صدقي الزهاي (1863-1937)، كل من كتب عنه بالعربية او باللغات الاجنبية، ويذكر السهروردي انه (بعد تعيينه عضوا في مجلس المعارف عين مديرا لمطبعة الولاية ثم محررا للقسم العربي من جريدة الزوراء.
ويذكر رفائيل بطي ان اسلوب الزوراء قد ركد قبل مجيء الزهاوي، وكان موضع انتقاد في مجلس الولاية ويشير الدكتور ماهر حسن فهمي في كتابه عن (الزهاوي) من اعلام العرب؛ الى ان هذا السبب هو الدافع باسناد التحرير الى الزهاوي لما عهد عنه من دراية وقابلية وثقافة واسعة وشاعرية ناضجة.
والزهاوي الرئيس لتحرير الزوراء في أواخر العهد العثماني، يعود في سنة 1926 الى اصدار جريدة يبشر عن طريقها بآرائه وأفكاره وقد اسماها (الاصابة).
واخيرا فان الصحفي اللبناني الاستاذ أديب مروة يورد اسم الشاعر العراقي معروف الرصافي مع فهمي المدرس والزهاوي على انه قد ترأس تحرير الزوراء، في كتابه عن (الصحافة العربية)، وهذا خطأ واضح لم يذكره أي مؤرخ عراقي عن الصحافة العراقية، أو تاريخ حياة الرصافي بالذات.