رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
المحكمة الانتقائية الجنائية الدولية وورطة غزة (2)


المشاهدات 1203
تاريخ الإضافة 2024/04/20 - 8:59 PM
آخر تحديث 2024/05/04 - 1:54 PM

لا جدال في أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يتمتع بصلاحيات كبيرة ومهمة في تفعيل صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية، وهو ممثل وحيد للحق العام في هذه المؤسسة القضائية، لذلك أطلق نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية يده في ملاحقة مقترفي الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام .
وهكذا، وطبقا لمنطوق نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية فإنه من مسؤولية (المدعي العام أن يباشر من تلقاء نفسه على أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة) و (يقوم المدعي العام بتحليل جدية المعلومات الملقاة و يجوز لهذا الغرض التماس معلومات إضافية من الدول، أو أجهزة الأمم المتحدة، أو المنظمات الحكومية، أو أية مصادر أخرى موثوق بها يراها ملائمة ، و يجوز له تلقي الشهادة التحريرية أو الشفوية في مقر المحكمة)، و (إذا استنتج المدعي العام أن هناك أساسا معقولا للشروع في إجراء تحقيق، يقدم إلى الدائرة التمهيدية طلبا للإذن بإجراء تحقيق مشفوعا بأية مواد مؤيدة يجمعها) .
هكذا، يتضح أن نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية أناط بالمدعي العام لديها بمسؤوليات واضحة في التصدي للجرائم المنصوص عليها بوضوح في هذا النظام، و لذلك لاحظ الرأي العام في غير مناسبة بأن المدعي العام لأهم وأكبر وأقوى محكمة جنائية دولية، لم يتوان لحظة واحدة في ممارسة اختصاصاته، وهكذا حوكم مجرمو حرب وإبادة وتطهير عرقي، كان آخرهم متهم في اقتراف جرائم إبادة ضد التروتسي برواندا . 
لكن هذا المدعي العام وقف متفرجا فيما يقترف من جرائم حرب وإبادة وتهجير قسري وتعذيب وجرائم ضد القانون الدولي الإنساني في غزة، ولم نسمع عنه أنه سارع إلى ممارسة صلاحياته كمثل يحمي ويصون الحق العام ويفرض احترام القوانين.. لم نسمع أنه باشر من تلقاء نفسه التحقيقات على أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل في صلب اختصاصاته، وهي معلومات أصبحت مشاعة للعموم في أقاصي الكرة الأرضية.. لم نسمع أنه قام فعلا بتحليل جدية المعلومات المتلقاة، ولم نسمع أنه التمس معلومات إضافية من الدول أو أجهزة الأمم المتحدة أو المنظمات الحكومية.. ولم نسمع أنه بحث عن أية مصادر أخرى موثوق بها، ولم نسمع أنه تلقى شهادات تحريرية أو شفوية.. ولم نعلم بأثر لاستنتاج قد يكون توصل إليه يمثل أساسا معقولا للشروع في إجراء تحقيق.. كل ما سمعناه وعايناه وتابعناه من السيد المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية أن يده كانت هذه المرة قصيرة، بل حتى مغلولة وحتى مبتورة، فيما تقترفه قوات الاحتلال الإسرائيلي من جرائم ضد القوانين الدولية وجرائم إبادة وتطهير وجرائم حرب فظيعة، وانشغل مقابل ذلك بما لا يفيد العدالة الجنائية الدولية. 
قد يرد بعض صغار العقول بأن دولة الكيان الإسرائيلي وراعيتها الرسمية الولايات المتحدة الأمريكية ليسوا من الموقعين على نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية، ولكن متى كان المجرم يحفر قبره بيده حتى يقبل الكيان الإسرائيلي بالموافقة على محكمة، يعلم جيدا أنه سيكون أول الماثلين أمامها بتهم ثقيلة؟  ثم إن مفهوم العدالة الجنائية الدولية لا يمكن أن يتحقق حسب الرغبات و النزوات، و طريقة انتقائية تجعل من مؤسسة قضائية دولية، يقال إنها خرجت إلى الوجود لتحقيق العدالة الجنائية الدولية، مجرد سوط يستخدمه المتنفذون حسب الظروف والمواصفات والحسابات .  
ليس هذا فقط، بل المدعي العام في المحكمة الانتقائية الجنائية الدولية قبل بالخنوع حفاظا، ليس على حرمة العدالة الدولية، بل لاعتبارات أخرى قد تكون شخصية، وقد تكون ترتبط  بالوضع الاعتباري والمالي السيد معالي  المدعي العام .  
فمن يسعفنا في البحث عن متغيب حاضر اسمه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية؟ 
 


تابعنا على
تصميم وتطوير