رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
المحكمة الانتقائية الجنائية الدولية وورطة غزة (1)


المشاهدات 1246
تاريخ الإضافة 2024/04/13 - 8:14 PM
آخر تحديث 2024/07/27 - 5:38 AM

دفنت المحكمة الجنائية الدولية رأسها في الرمال موازاة مع ما يقترف من جرائم تدخل في صلب اختصاصاتها في غزة . ولم تر في قتل أكثر من 33 ألف مدني من الخدج والأطفال و النساء و الشيوخ ، و دفن أعداد أخرى ، لا يعلمها إلا الله ، تحت الأنقاض ،و جرح وإصابة أكثر من 76 ألف من الأشخاص ، وتدمير المستشفيات فوق مرتفقيها من المرضى و المصابين و الزوار و الأطر الطبية ، واستهداف المساجد و الكنائس و المدارس و سيارات الإسعاف و تحطيم البنى التحتية و تهجير عشرات الآلاف من السكان خارج مناطقهم ، وغير ذلك كثير مما يعجز اللسان عن النطق به ، أو وصفه من جرائم فظيعة ليست مسبوقة في تاريخ البشرية الحديث ، موجبا لتفعيل نظام روما الأساسي لهذه المحكمة ، التي تأكد أنها محكمة خاصة تدقق في انتقاء القضايا التي تعرض عليها ، بحيث يكون متاحا لها في لحظة وجيزة إصدار مذكرة اعتقال دولية ضد قائد دولة بشبهة ارتكابه جرائم حرب ، في حين تبتلع لسانها حينما يتعلق الأمر باقتراف جرائم إبادة حقيقية وتطهير عرقي خطير لمدة تجاوزت نصف سنة .
من ضمن ما نقرأ في ديباجة نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية أن الدول الأطراف في هذا النظام الأساسي تسلم بأنها ( إذ تضع في اعتبارها أن ملايين الأطفال و النساء و الرجال قد وقعوا خلال القرن الحالي ضحايا لفظائع لا يمكن تصورها هزت ضمير الإنسانية بقوة ، وإذ تسلم بأن هذه الجرائم الخطيرة تهدد السلم و الأمن و الوفاء في العالم .وإذ تؤكد أن أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره يجب أن لا تمر دون عقاب ، وأنه يجب ضمان مقاضاة مرتكبيها على نحو فعال من خلال تدابير تتخذ على الصعيد الوطني ، و كذلك من خلال تعزيز التعاون الدولي . وقد عقدت العزم على وضع حد لإفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب ، وعلى الإسهام بالتالي في منع هذه الجرائم) و لم تنس ديباجة ، ما تسمى أكبر مؤسسة قضائية جنائية دولية ، التأكيد على (وجوب امتناع جميع الدول عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها ضد السلامة الإقليمية و الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي نحو لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة ) .
وهكذا يلاحظ بالعين المجردة التطابق الكامل والمطلق لما تقترفه قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين و ضد الحياة بصفة عامة في غزة ، لمدة تجاوزت ستة أشهر كاملة ، مع ما يقال إن إرادة الدول مجتمعة اتفقت عليه كديباجة لنظام أساسي لمحكمة جنائية ، قيل إنها ستتكلف بالتنزيل السليم و المتكافئ لهذه الإرادة . 
ولا بأس في أن نذكر بالجرائم التي تدخل في اختصاص هذه المحكمة ، كما هو منصوص عليه في نظامها الأساسي ، ويتعلق الأمر ، بجريمة الإبادة و بالجرائم ضد الإنسانية وبجرائم الحرب و بجريمة العدوان . وينطبق تعريف النظام الأساسي لهذه للمحكمة تمام التطابق مع ما يقترف في غزة، بل الأكثر من ذلك أن جميع الجرائم التي ينص عليها ويعاقب عليها هذا النظام اجتمعت في غزة ، وأن قوات الاحتلال الإسرائيلي زادت من ورطة هذه المحكمة حينما تعمدت اقتراف جميع هذه الجرائم دفعة واحدة و في نفس الوقت ، بما في ذلك الجرائم المتفرعة عن الجرائم الأم ، كما هو عليه الحال بالنسبة لجرائم إبعاد السكان إو النقل القسري والتهجير و التعذيب و الاختفاء القسري والفصل العنصري والقتل العمد و الحبس غير المشروع وتعمد توجيه هجمات ضد المدنيين و قصف المدن وتوجيه الهجمات ضد مباني مخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية او العلمية أو الطبية أو الخير ، وتدمير الممتلكات وتعمد تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب ، وغيرها كثير مما ينطبق على حالة الحرب الشنيعة التي تخوضها حكومة الاحتلال الإسرائيلي بمباركة من دول غربية كثيرة ضد المدنيين في غزة .
ديباجة هذا النظام و فقرات أخرى منه ، تحولت إلى مجرد حبر جاف يزين صفحات رتبت بعناية لمحكمة قيل إنها ستلاحق مقترفي الجرائم التي خطها الحبر ، لكنها في حالة غزة تحولت إلى مجرد عبارات بدون معنى، لأن الأمر يتعلق باقتراف جرائم ترعاها  القوى العظمى، والتي تتخذ من الهيآت والمنظمات الدولية ، بما في ذلك هذه المحكمة الظالمة و الأمم المتحدة ، آليات لتنفيذ سياساتها الخارجية بما يضمن ويفرض حماية مصالحها الجيواستراتيجية  والاقتصادية ، وما دون ذلك لن يجرؤ أحد على الكلام فيه .
 


تابعنا على
تصميم وتطوير