رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
الطريق إلى الإنحدار والهاوية


المشاهدات 1338
تاريخ الإضافة 2024/02/19 - 8:06 PM
آخر تحديث 2024/07/23 - 6:58 AM

أعلن رئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتانياهو  مساء الأحد الماضي أنّ “ الحكومة الإسرائيلية قرّرت بالإجماع رفض الإعتراف بالدولة الفلسطينية من جانب واحد “ مضيفا ، أنّ “ السبيل الوحيد لذلك هو المفاوضات المباشرة ودون شروط مسبقة” 
 ويأتي موقف حكومة الاحتلال على إثر تصاعد وتيرة التصريحات الصادرة عن بعض الدول الغريبة الملوّحة باحتمال الاعتراف بالدولة الفلسطينية وهي تلميحات صدرت بالخصوص عن بريطانيا التي أعلنت أنّها “تدرس إمكانية الاعتراف بدولة فلسطينية “ .
 وتخشى دولة الإحتلال الإسرائيلي أن يؤدّي تواتر مثل هذه التصريحات إلى فرض الدولة الفلسطينية كأمر واقع في العلاقات الدولية بما يزيد في عزلة الموقف الإسرائيلي دوليا ، أو أن تتحرّك هذه الدول عن طريق محلس الأمن الدولي في اتّجاه إكساب  فلسطين العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتحدة ، رغم أنّ هذه الخطوة صعبة التحقيق لأنّها قد تفرض على هذه الدول وعلى المجموعة الدولية كافّة ضرورة التقيّد بقرارات الشرعية الدولية ، أي العودة إلى وضع ما قبل حرب 1967 مثلما نصّ عن ذلك قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 والقرارات الأخرى السابقة وذات الصلة بالموضوع الفلسطيني .
 وإذا كانت رسائل نتانياهو إلى الحلفاء الغربيين لدولة الإحتلال جليّة ولا لُبْسَ فيها وهي أنّ حكومته لن ترضخ لسياسة الأمر الواقع وأنّ أيّ إعتراف من جانبها بدولة فلسطينية لن يكون ممكنا إلّا عن طريق المفاوضات المباشرة بينها والفلسطينيين، فإنّ الرسائل إلى الداخل الإسرائيلي وخصوصا اليمين الذي يُعلن تطرّفه ، هي الأكثر وضوحا ؛ إنّ إسرائيل تحبّذ الدفع باتجاه التهجير القسري للفلسطينيين تمهيدا لوطن بديل لهم يكون في أيّ موقع جغرافي بعيدا عن الضفة والقطاع ، وإذا كان لابدّ من بقائهم ، فلتكن دولة فلسطينية منزوعة السلاح ولا مكان ، ولا دور فيها للمقاومة وغير قابلة للحياة أصلا .
 ومن نافلة القول بأنّ هذا الموقف الإسرائيلي ينسف بالكامل كلّ قرارات الشرعية الدولية ويعصف بحقّ الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
   ولكلّ ما تقدّم فإنّ حكومة ناتنياهو تسابق الزمن من أجل تحقيق أهدافها على الأرض، بدءا بتدمير كلّ مقوّمات الحياة في الضفة الغربية وقطاع غزة ودفع الفلسطينيين إلى ترك الأرض الفلسطينية بشكل نهائي، وصولا إلى السيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر، لخنق أيّ وجود للفلسطينيين رغم تلويحها بتعليق معاهدة السلام إذا تجاوزت دولة الاحتلال بعض الخطوط الحمراء . 
 ورغم أنّ الداخل الإسرائيلي لا يعير في ظاهر الأشياء أدنى  إهتمام للتهديد المصري ، إلّا أنّ الدول الغربية الحليفة لدولة الاحتلال وخصوصا بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية تعتبر ذلك مقدّمة خطيرة وغير مقبولة لتوسيع نطاق النزاع لأنّه يهدّد الأمن والسلم في المنطقة والعالم.
  من الثابت إذا أنّ أمن دولة الاحتلال في تقدير القائمين عليها ، هي مسألة مُقَدَّمة على السلام مع الجيران فضلا عن تطبيع العلاقات مع بعضها وهي لا تنظر إلى هذه المسارات كجزء أساسي من أمنها ووجودها ، وكثيرا ما تكرّر هذا الكلام على لسان بعض المسؤولين في الدولة العبرية .
 من الثابت كذلك أنّ ناتنياهو إستغلّ كلّ “الهدايا” التي قدّمتها له أطرافٌ فلسطينية بحسن نية أو بسوئها ، وهو أتقن أيضا إبتزاز الوضع الدقيق السياسي والانتخابي الذي يمرّ به الرئيس الأمريكي جو بايدن وهو عموما على وعي تامّ بأنّ المتغيرات الجيوسياسية تتسارع وأنّ الوقت يحاصره ويلاحقه ويدفعه بإتّجاه تحقيق الأقصى من المكاسب على الميدان قبل فوات الأوان.
 ناتنياهو فاهِمٌ وواعٍ ، والغرب كذلك ، وفي المقابل لا يبدو أنّ بعض الأطراف الفلسطينية مدركين لخطورة الظرف الاقليمي والدولي ولتناقض الأجندة الوطنية الفلسطينية مع أجندات إقليمية ودولية أخرى واعية هي الأخرى بكيفية توظيف القضية الفلسطينية من أجل تحقيق أهدافها الخاصّة ، الكلّ واع وفاهم باستثناء من بهمّهم الأمر ، فقد قطعوا نصف الطريق الذي يوصلهم إلى الهاوية .
 


تابعنا على
تصميم وتطوير