بالمصادفة ودون تخطيط مسبق التقيت هذا الأسبوع ثلاثة وزراء في الحكومة الحالية التي يترأسها المهندس محمد شياع السوداني. إثنان منهم تربطني بهم علاقة ربما ترقى الى مرتبة الصداقة وهما وزير العدل الدكتور خالد شواني ووزير الإعمار والإسكان بنكين ريكاني, بينما الوزير الثالث وهو الفريق أول ركن عبد الأمير الشمري وزير الداخلية فإنني التقيه أول مرة بل أراه أول مرة. لقائي مع شواني وريكاني كان منفردا بينما لقائي مع الفريق الشمري فقد كان مع الزميل هادي جلو مرعي حيث “تشاوفنا” صدفة في مدخل الوزارة ودخلنا معا على الوزير مع صديقنا اللواء سعد معن وبحضور مدير عام الدفاع المدني السابق اللواء كاظم بوهان. القهوة الجكليتية كانت حاضرة في اللقاءات الثلاثة وحضر معها الحديث عن مسؤولية كل وزير. شخصيا أتواصل مع ريكاني وشواني بين آونة وأخرى مشيدا بعملهما كوزيرين أثبتا نجاحا واضحا في هذه الحكومة التي تضم وزراء آخرين أعرف بعضهم بدرجات متفاوتة بمن فيهم من غير رقم هاتفه. أما الوزير الشمري فليس لدي أي تواصل معه قبل اللقاء به في مبنى الوزارة. أطلعني والزميل مرعي على سياق عمل وزارته بعد أن كان قرأ في بعض كروبات النخبة التي يتواجد فيها معنا مثل سواه من كبار المسؤولين ماكان يصدر عنا من ملاحظات هنا وهناك فضلا عن الإشادات بعمله الميداني وهو أمر مطلوب بالنسبة لوزير يقود وزارة لها مساس مباشر بحياة الناس.
ليس هذا فقط فإن الشمري يقود وزارة عدد منتسبيها يفوق سكان بعض الدول في المنطقة من تلك التي لها “ طنة ورنة”. الشمري وهو أكثر الوزراء تماسا مع الناس بحكم طبيعة وزارته فإنه ومثلما قال لنا لايلتفت الى مايكتب لأغراض الابتزاز لا لغرض تأشير ماهو سلبي بهدف إصلاحه وإتخاذ إجراءات فورية لكي لا تتراكم الأخطاء ولكي ينصف من هو مظلوم وينتصف من الظالم أو المعتدي. وفي مقابل ما يقوم وزير الداخلية بمتابعته ميدانيا ليلا ونهارا فإن هناك وزراء آخرين ليسوا بالمستوى المهام التي أوكلت اليهم. ويبدو أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي كان قال إنه سيعيد النظر في فريقه الوزاري في غضون ستة أشهر واجه صعوبة إقناع القوى السياسية ممن ينتمي اليها أو الى بعضها بعض الوزراء الذين لم يكونوا بمستوى طموح البرنامج الحكومي وسياقات تطبيقه.
فالعراق في النهاية نظام برلماني ومن يسحب الثقة من الوزير هو البرلمان لا رئيس الوزراء الذي يكتفي بمخاطبة البرلمان. لكن هذه النقطة في الواقع تحتاج وقفة. فالقوى السياسية التي ترشح وزراء لا ينبغي لها أن تفرضهم على رئيس الوزراء الذي هو بحكم العمل اليومي أقرب اليهم, فضلا عن أن بعضهم حتى لو كانوا “خوش ولد” قبل الإستيزار وبعضهم يستوزر للمرة الأولى لم يكونوا بمستوى الثقة التي اولتها لهم كتلهم حين رشحتهم الإ إذا كان الهدف من الترشيح هو أن يكونوا وزراء بوصفهم غاية لا وسيلة لتحقيق غاية وهي العمل والإنتاج والتنفيذ السريع للبرنامج الحكومي. الوزير الناجح “مبين” وهو الذي أحدث نقلة في سياق عمل وزارته على كل المستويات وفي مقدمة هؤلاء من وجهة نظري وزير الداخلية عبد الأمير الشمري. الوزير المجرب الآخر هو بنكين ريكاني وزير الإعمار والإسكان الذي حدثني بفرح غامر وهو يروي متاعبه الليلية والنهارية مع مشروع فك الإختناقات الذي واجه فيه مع رئيسه السوداني المزيد من الإختناقات التي جرى تجاوزها بهمة ونشاط. أما خالد شواني وزير العدل ومع حساسية وزارته فقد تمكن من تخطي الروتين في الية التعامل مع المحكومين والنزلاء بصرف النظر عن نوع التهم وطبيعة الجرائم. النزيل عند شواني إنسان. مجرم قد يستحق الإعدام هذا أمر لاعلاقة له بآدميته التي حفظتها الشرائع السماوية والقوانين الأرضية. هذه بحد ذاتها تحتاج شجاعة وإنصاف معا.