ضيف الزوراء اليوم كاتب واعلامي ومحاور من الطراز الاول، ولنجاحه في الحوارات واسلوبه المتميز في الحصول على المعلومة اطلقت عليه قناة الشرقية كبير المعدين والمقدمين .
الدكتور مجيد السامرائي صاحب سفر طويل في الاعلام، أعد وقدّم العديد من البرامج التلفزيونية، منها حوار بلا أسوار، حوار في الشريعة، شيء ما، كيف يبدعون، وبرامج اخرى، وكان من الراصدين للبرامج والمسلسلات في زاوية نقدية في جريدة الجمهورية 1983، وله في اطراف الحديث حوارات مع ابرز الشخصيات الفنية والثقافية والعلمية فاقت الـ 500 حوار ...
الدكتور مجيد السامرائي تعودناه محاورا لكنه اليوم مجيبا على اسئلتنا فاهلا وسهلا .
-اهلا ومرحبا بكم وبالزوراء .
-من هو مجيد السامرائي لطفا ؟
- مجيد عبد الله محسن عبد الله السامرائي , دكتوراه , اعلامي ومعد ومقدم برامج , بدأت حياتي رسامًا أرسم بالفحم والنفط الاسود المنجمد على جدار مستودعٍ كبيرٍ للمنتجات النفطية، , كان القطار يمر من وراء بيتنا ولنا مع فرگينه ذكريات و كانت المحطة يقف عندها قطار طوروس الذي يعج بالراكبين من الوان وسحنات شتى ؛ مجموعة انطباعات حاصلها يؤهلني أن اكون ذا محاولات في كتابة قصة.
في الابتدائية كانت لي محاولات ومشاركات ثقافية عندما كنت رئيس تحرير مجلة اسمها ( الزهراء ) كنت ارسم غلافها وتخطيطاتها ومعي مجموعة ومن زملاء المدرسة . واليوم انا معد ومقدم للبرامج في قناة الشرقية , اعددت وقدمت الكثير من الحلقات والبرامج ويطلق علي في قناة الشرقية ( كبيرُ المعدّين والمقدمين في قناة الشرقية )
-وهل كان للعائلة التي عشت فيها علاقة بالاعلام او الثقافة ؟
-ربما فأمي رغم انها كانت أميةٌ لكنها كانت لوحدها صرحا من الفولكلور تمتلك الكثير من القصص والحكايات والامثال ولها القدرة على تقليد أصوات المحيطين بها ، ربما أخذتُ حبَّ الصحافة عن أخي الاكبر الذي كان يأتي لي بمجلات (ميكي وسمير وبساط الريح) من بغداد أثناء إجازته الأسبوعية، حيث كان منتسبًا الى مدرسة تدريب الرادار في التاجي، ثم تعرفت على مجلتي صباح الخير ورز اليوسف في مرحلة شهدتْ فيه مجلة صباح الخير اوج ازدهارها في عهد ابو حنان – مفيد فوزي – وأعتقد أنني أخذت عنه وعنها الكثيــر .
الى جانب هذا كنت كنت امارس الرسم فأقمتُ العديد من معارض البوسترات على جدارِ الملوية الحديدي بسامراء، وكنت اقرأ نشرات الاخبار في اذاعة صوت الشباب التابع لاتحاد الشباب يومها كنت عضوا في اللجنة المحلية ومسؤولا عن الثقافة، وحين قُبلت في فرع الرسم في اكاديمية الفنون الجميلة شعرت انَّ هناك مَن هو افضل مني لا سيما في الالوان الزيتية ؛ فكنت ميالا الى فرع السيراميك اكثر، واقضي الوقت حتى الليل مع الطلبة فقد كانت الكلية تفتح ابوابها ليلا، ولي صداقاتٌ مع حراسها واساتذتها . بما يشكل ثقافة في التخصصات، وفي الاقسام الداخلية كنت اقيم مع طلبة المسرح ونشارك في الدروس التطبيقية معهم وكان من زملائي في الغرفة محمود ابو العباس وشفيق المهدي وهناك تعرفت بريكاردوس يوسف وعددا كبيرا من طلبة الموصل من بينهم الحارس محمد , كنت ملما بما يشرح امامي من تخصصات الرياضة ؛ تعلمت كل لهجات العراق ومن ثم كنت العراقي الوحيد الساكن في غرفة يشغل اسرتها طلبة عرب من مصر وسوريا والاردن والمغرب فكانت لهجتي الى الان خليطا عفويا ما يزال يسري على لساني .
-اذا حدثنا عن مسيرتك في الكلية ؟
-في الاكاديمية تعرفت على رياض السالم – ابوميس – وكنا طلبة هو يدرس المسرح وانا ادرس الرسم وكان يصحبني الى (مجلتي والمزمار) التي كان هو مدير تحرير المطبوعين، وحين كان يسخر من بعض النصوص كنت اقول له : جربني ..فكان يضحك ضحكة مسرحية حتى وجد على مكتبه نصا من غير اسم فقرأه فصفَّق له اسمه (حقيبتان ) ثم لم يصدق حين قلت له : انا من كتبه؛ وعندما أيقن من ذلك قبض على يدي واخذني الى فاروق سلوم وقال له : هذا الولد (خوش كاتوب ) ضحك ابو اوراس فاصدر امرا بتعييني براتب قدره 45 دينارا لا غير كان هذا عام 1977 ثم لأمر ما تركت مجلتي والمزمار وعملت في ملحق تموزللاطفال الصادر عن جريدة الجمهورية نائبا للشاعر الراحل منذر الجبوري ومنها الى قسم التحقيقات ومنها قفزا الى الصفحة الاخيرة وكتبت حينها مقعد امام الشاشة الصغيرة منذ عام 1983 حتى عام 2003.
-حدثنا عن دراستك ما بعد الكلية ونيلك الماجستير ؟
-كان عنوانها ( صور المستشرقين في مصر والعراق في القرن التاسع عشر ) نلتها عام 1993 وكان مشرفي الفنان الرائد الاستاذ سعد الطائي اما دراستي على الدكتوراه فقد قبلت عام 2002 لدراسة الدكتوراه فنلتها رغم صعوبات ما بعد عام 2003 عن رسالتي الموسومة ( المدلول الرمزي لتصوير الحيوان في الفن الإسلامي من القرن العاشر حتى القرن الثالث عشر .. وكان مشرفاي عليها، الدكتور عبد العزيز حميد وزميلي د. اياد حسين عبد الله الحسيني .
-واول عمل اعلامي ؟
-كتبت لعدة سنوات نصوص برنامج ( العائلة السعيدة ) يمثله الراحلان طعمة التميمي ومنى البصري ومن ثم حسن هادي وابنة شقيق عبد علي اللامي – نسيت اسمها . وكانت تخرجه خيرية عبود – ام همام ثم قدمت في الاذاعة استوديو المساء مباشرة – كل ثلاثاء , ومن ثم حوار بلا اسوار، وكانت تخرجه ناهدة محمد هوبي .
-حدثنا عن عملك في الفضائية العراقية؟
- عملت رئيسا للقسم الثقافي لأربع سنوات حتى الاحتلال .قدمت فيها لثلاث سنوات على الهواء مباشرة برنامج (حوار بلا اسوار ) ثم حوار في الشريعة – مباشرة مع الراحل د. عبد الحميد حمد شهاب العبيدي وانتجنا مع المخرج حسن قاسم وثائقيات (زمرد خاتون – الصعود الى الملوية )واشرفت على جميع البرامج المقدمة من القسم الذي كنت اشغل موقع الادارة فيها من ابرزها برنامج (أثر )... عملت هنا بصيغة العقد وقد كرمنا للعديد من المرات .
-وهل عملت في قناة التلفزيون العامة؟
-نعم كان هذا قبل عملي في القناة الفضائية العراقية وفيها قدمت لسنة واحدة برنامج السيرة (قطار العمر ) لسنة واحدة ومن ثم ( شيء ما ) لثلاث سنوات ومن ثم (كيف يبدعون ) لسنة واحدة .
-يبدو ان اكثر برامج تتناول فيها السيرة ؟
-ربما فالسيرة تكشف عن السريرة واكاد ازعم ان الجميع قد افضى لي بشيء جديد لخبايا لم يفض بها لأقرب المقربين حتى ان بعضهم رد علي وهو لا يتمالكُ نفسه فأجهش بالبكاء وحقق هذا المشهد نسبا عالية وفق ما يسمى الان (ترند ) .
-عملك في جريدة الجمهورية مثل فترة معينة ؟
-بالضبط كنت محررا (نلت شرف تسميتي كناقد تلفزيوني )وصار الاحد منتظرا بين الناس كل اسبوع بفضل زاويتي (مقعد امام الشاشة الصغيرة ) لثلاثين عاما , كنت مولعا بالاستطلاعات المعززة بالوثائق والارقام والشهادات بما يؤسس لنمط خاص من الربيورتاج الامثل ومن برامجي التي تتناول السيرة هي قطار العمر ؛ حوار بلا اسوار ؛ حوار في الشريعة ؛ شيء ما ؛ كيف يبدعون ؛ أطراف الحديث وكان الجامع المانع لجميع هذه البرامج هو الحوار ؛ وهو الذي يخرج من الاعماق الصدأ والصدى والاصداف والمحار ... سيرة حياة صافية منخلة ومغربلة ومقدمة في غربال اسلاكه من فضة ( رأيت الناس منفضة الى من عنده فضة).
-وكيف تقيم صدى اطراف الحديث لدى مشاهديك ؟
-كان يوم الاحد منتظرا لدى الناس، اهل التلفزيون مديرا ومنتسبين و اهل الدراما كتاب سناريو – الممثلين – ثم المخرجين . كنت غير مشفق على أحد حتى دخلت المعصرة فصرت اترفق بمن سبقني لان الكلمة لها فعل مدو (فعذلت اهل العشق حتى ذقته ) ..وكنت حريصا على الاطلاع على كل شيء فما من مسلسل او سهرة الا وكنت احصل على السيناريو الخاص بها واحضر كما الممثلين وقائع التصوير في الاستوديو ومواقع التصوير وتعلمت من الكتاب والمخرجين والممثلين ايضا خبايا هذا الفن الاسر الغريب .ومازلت احتفظ بصداقات متينة مع اهل الفن.
- تخصصك الدقيق فنون اسلامية واستشراق هل وضفته اعلاميا؟
- نيل الشهادة في تخصص دقيق يعني انك حين تنالها قد اجتزت اختبارات قاسية في علم الاجناس والكائنات والمتحجرات والاحياء والاجيال السحيقة والاثار والانهار والعقائد والاديان والامم البائدة البدائية والبائدة وفنون الحداثة وما بعدها ومن ثم المصطلحات والاعلام تؤهلك لان تجتاز الامتحان الشامل لنيل الدكتوراه بجدارة. كان منهج كلية الفنون الجميلة واظنهم ما يزالون يحرصون عليه حتى الان .
-اطراف الحديث كيف بدأ وكيف حافظت عليه ؟
- كان الحوار الاول مع كاظم الساهر – هو من طلب محاورته (قدمته لأول مرة في برنامج شيء ما )مع تسعة من اشباهه ثم بعد النجاح الكاسح بسبب نجومية القيصر . دعاني الاستاذ سعد البزاز ان اواصل تقديم البرنامج ولم يبق غير الاسم فكان من سماه هو الاستاذ سعد البزاز ... اطراف الحديث ..
راق الاسم لجميع الناس حتى احصينا قبل ايام المخرج حيدر الانصاري وانا ما قدمناه من حلقات على مدى 17 عاما فاذا هو قد ناهز 500 حلقة من الراحلين ومن ينتظرون ادوارهم في الحلقات اللاحقة.
احرص في البرنامج على ان اكون موسوعيا في كل تخصص . قليلون من الناس يعرفون تخصصي الدقيق : الفنون الاسلامية .
- ما هو اسلوبك العام في اطراف الحديث ؛ هل بحث في السيرة – ام بحث في سايكولوجية الضيف حدثنا بشكل عام ؟
- اغلب الضيوف يأتون - راغبين وقادرين – من شتى ارجاء العالم وهم لا يتورعون على تقديم اعترافات عن خبايا حياتهم ؛ والدوافع التي شكلتهم على هذه الهيئة . انني اجري معهم عصفا ذهنيا وكشفا اركولوجيا بعد تواصل عن بعد وعن قرب – حد الالتصاق – والتوحد معه , بحيث يكون الحوار نقيا كالماء الزلال يصلح للتفريغ والتدوين في كتب على اجزاء متتالية . يعين الدارسين الذي نال واحد منهم الماجستير في اساليب الحوار ومن بينهم، سيف حسون سهيل والذي ينوي ان يتم مشواره حتى الدكتوراه ومن بينهم حيدر رسول عرب الذي يسعى لنيل الدكتوراه في دراسة الشخصيات المميزة في الفنون التشكيلية.
- العمل الاعلامي – خارج الوطن - خاصة في البرامج الحوارية ربما يتطلب عناءً وبحثا كيف يسعى د. مجيد للحصول على شخصياته ومن هم ابرز الشخصيات الذين استضفتهم ؟
- انا ارى انه كلما بعد المستضاف عن الوطن كلما صار اكثر تأكيدا على عراقيته ؛ بالتميز في تخصصه الدقيق .غالبهم يسعون الي، وهناك من يكون سعينا مشتركا . العراق كان بلدا طاردا ثم صرنا نتقارب اكثر – هناك من يُقدِم من بلدان لا اعرف عنها شيئا الا بعد الرجوع الى مؤشرات البحث ؛ فالعالم بتفاصيله الدقيقة – ما يزال مجهولا على نحو الدقة في التعريف . العراق مصدر لجميع التخصصات وانا استقبل كل من تصدر القائمة الاولى بين المميزين منهم , يافطة اطراف الحديث في استوديو عمان مثيرة لجميع الضيوف وهم يبرقون من امامها صورة توثق لوصولهم بسلام وانهم يشعرون ذويهم بترصد الحلقة.
اذا فالعمل خارج العراق فيه تأكيد اكثر للمواطنة خصوصا للشعراء الذين كشفت الغربة عن كيمياء الحنين الاصيل لديهم .
- هل لديك تجربة في مجال مشاركة الباحثين في حلقات اطراف الحديث ؟ كم شخصية استفادت من اطراف الحديث في بحوثها ودراساتها ؟
-حيدر رسول عرب ينوي ان يقدم الى جامعة لبنانية جردا بخمسين شخصية تشكيلية لنيل الدكتوراه . اسلفت ان سيف حسون سهيل نال الشهادة اولى من جامعة تكريت / كلية الآداب/ قسم الإعلام في دراسة اساليب الحوار حتى دقائق لغة الجسد والاشارة واخبرني انه عازم على اتمام مشوار بحثه في أطروحة الدكتوراه في مباحثَ اخرى لم يتناولها في دراسته الاولى .
-هل يقتصر عملك الان على الشرقية ام لديك تعاون حاليا مع قنوات – صحافة – حدثنا عنها ؟
-حينما كنت في العراق حاورتني قنوات عديدة ؛ وانا موقن ان البطولة في السؤال – وهذا ميداني – حين اكون مسؤولا ارى ان كفاءتي اقل في الاعراب عن جميع مدخراتي .
-آخر ما لديك وما انت فيه الان ؟
-وقعت بعمان كتابي السادس والموسوم (ليتَ لكنَّ لعلَّ ) وفيه يومياتي المنشورة في صحيفة الزمان الدولية ؛ وحاصل ما تجمَّع لدي نثرته كما يفعل الساحر حينما يرمي خرزاته على الناس ليدهشهم . وفي الطريق انتظر قدوم الناشر الى عمان لإصدار الجزء الثالث من كتابي اطراف الحديث، ممهورا بالبيت التالي :
ويح قلبي كيف يحتمل جل من حاورتهم رحلوا .
فغالب الحوارات المنشورة والمعروضة جمعتها من بين صحف قديمة تؤرخ لأيامٍ، محاورا على الورق .
-لك الشكر والاماني بعطاء مستمر وصحة دائمة .
-الشكر لكم وللزوراء الجميلة .