لا مهرب من بداية خبرية , توفي عدي حاتم , هذا هو الخبر , ثلاث كلمات تنطوي على بحر زاخر من المعاني في عالم الإنسانية والصداقة , وفي عالم المهنة والابداع , ولكي نخوض بحر المعاني هذا على النفس أولا ان تهدأ وان تصدق الخبر , فالموت حق لا مراء فيه وانما تضطرب النفوس من التوقيت الذي تقع فيه النازلة , وعلى الرغم من الايمان المطلق بأن ليس لوقعتها دافعة , إلا ان النفس تبقى مضطربة حتى حين وهي تستعيد الصور وتسترجع الحوارات الأخيرة بل الكلمات الأخيرة بل الهمسات الأخيرة بل لحظات الصمت الأخيرة في الجلسة الأخيرة , كل هذه الدقائق ..الثواني .. اللحظات تصبح ذات قيمة لا تقدر بأي ثمن مما اتفق البشر على التعامل به والمقايضة به , انها اللحظات التي ستقفل عليها الذاكرة في ملف علاقتك وعلاقتي بالمبدع الودود عدي حاتم .
قبل ثلاثة أيام , في صبيحة الاحد الماضي رأيته , جلسنا في غرفة ضيوف الرياضية العراقية، إذ كان قد أعد تقريرا عن المتحف الأولمبي الذي افتتحته الاكاديمية الأولمبية في الثاني عشر من أيلول الجاري , حضر وقام بواجبه المهني كما هو شأنه دائما على ارقى ما يكون , إلا انه لم يقتنع بتقرير عابر بل طلب ان أحضر الى القناة بصفتي مدير الاكاديمية الأولمبية والمشرف على المتحف كي أقول ما لا يتسع له زمن التقرير ..
وذهبت ولم يدر في خلدي ان هذا الزمن لم يتسع لأنفاس عدي حاتم بالاستمرار فما هي إلا ثلاثة أيام وربما يومين بحساب الساعات وتداخلها حتى ودعنا عدي قبل ان يرسل لي الروابط التي تحمل تقاريره عن المتحف ..
وعدني وهو الذي لم يخلف وعدا في يوم ما , ولكن للموت احكامه , فلا نعرف لحظة طرقه أبواب حياتنا بل اقتلاعها , ليمضي عدي حاتم وقد أمهلته يوما آخر قبل ان اتصل مستفسرا عن الروابط واشياء مهنية أخرى , ولكن الموت لم يمهله , خطفه خطفا سريعا من بين أضلع محبتنا له انسانا رائعا هادئا , إعلاميا مبدعا ذا بصمة في الاعلام المرئي أهلته ان يكون اول الفائزين بجائزة الابداع التي اطلقها قبل أعوام الشخصية الرياضية الكبيرة الدكتور باسل عبد المهدي وكنت من أعضاء مجلس ادارتها , يومها لم نجد منافسا تلفزيونيا لهذا الفارس في ميدان الكلمة الرياضية المصورة , ففاز بها عن جدارة كما سبق له ان دخل القلوب بجدارة ..
اللهم ارحم عدي حاتم واكتب له الجنة مأوى ودار قرار .. وانت أرحم الراحمين .