رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
«يا دجلة الخير يا نبعاً أفارقه»


المشاهدات 1229
تاريخ الإضافة 2023/06/05 - 8:23 PM
آخر تحديث 2025/04/19 - 6:43 PM

شدني الاحساس بالأسى والاحباط وأنا اشاهد نهر دجلة وقد جفت عروقه واصبح لايشبه ذلك النهر الخالد، وانتابني شعور بالقلق والغصة والالم والحزن الشديد وأنا اشاهد دجلة الخير من فوق احد جسور بغداد وقد جفت مياهه وجفت عروقه كما يجف الدم في عروق البشر ايذاناً بالموت الابدي.. كم اشعر بالحزن وانا استرق النظر الى دجلة الخالد الذي طالما تغنى به الشعراء فقد تغنى به الشاعر محمد مهدي الجواهري عندما قال «يا دجلة الخير يا ام البساتين .. حييت سفحك ظمآناً الوذ به لوذ الحمائم بين الماء والطين .. يا دجلة الخير يا نبع افارقه .. على الكراهة بين الفين والفين .. اني وردت عيون الماء صافية .. نبعا ونبعا فما كانت لترويني». 
ونهرا دجلة والفرات شقيقان توأمان يسيران مع بعضهما البعض آلاف الكيلومترات يؤنس احدهما الاخر  ولم يحدث بينهما خلاف او جفاء كل يحب الاخر حيث يتعانقان في جنوب العراق ويحدث الزواج الشرعي بينهما ويثمر عن ولادة ابنهما البكر شط العرب.
وينبع  هذان النهران الخالدان من جبال طرطوس في الجنوب الشرقي من تركيا  البلد الاسلامي الذي قام ببناء مجموعة من السدود الكبيرة لحجب مياه هذين النهرين « دجلة والفرات»  على مرأى من دول العالم  لأسباب غامضة اغضبت الشعب العراقي، ويعتزم الجانب التركي فرض الطلاق بينهما في طلاق تعسفي وزاد من حقد واسف الشعب العراقي على الدولة الجارة المسلمة وبات شح مياه هذين النهرين الخالدين يشكل خطرا كبيرا على مستقبل العراق الاقتصادي ويهدد بالجفاف الكامل.. ورغم الدعوات الشعبية والحكومية لفتح السدود لإرواء ظمأ الارض اليابسة مازالت الحكومة التركية التي تربطها بالعراق مصالح مشتركة مازالت تلتزم الصمت جراء اضرار شح المياه  التي لم يقتصر على المواطن بل شمل كل مناحي الحياة ومن بينها الزراعة خاصة ان العراق دخل في فصل الصيف.
والعتب ليس مقرونا بالحكومة التركية  التي تصر على الطلاق غير الشرعي بل بالحكومة العراقية التي مازالت تلتزم الصمت ازاء هذا الطلاق واللا مبالاة تجاه هذه الحالة الخطيرة والمزرية، في حين ان كل المعطيات تؤكد ان الحكومة العراقية بيدها مفاتيح الحل لكنها بقيت جامدة هامدة وغير مبالية بعملية الضغط على الحكومة التركية لفتح السدود.. إذن ما الحل؟.. الحل موجود لكن يبدو ان هناك نوعا من الخوف وعدم وجود ارادة سياسية لغلق هذا الملف ومن ضمنها الضغط على تركيا اقتصاديا خاصة ان حجم الاستيراد من هذه الدولة الجارة بلغ اكثر من ١٧ مليار دولار وهو مبلغ كبير حتما يسهم في انعاش الاقتصاد التركي، وفي حال الضغط على الحكومة التركية لوقف عمليات الاستيراد وايجاد منفذ جديد مع الدول الصديقة للعراق اضافة الى الضغط على تركيا من خلال استخدام النفط العراقي وسيلة للضغط بالتهديد بقطع امدادات النفط وهي حتما خطوة ستسهم في هز الكيان التركي خاصة ان كل الدلائل تؤكد ان تركيا تعتمد النفط العراقي المصدر عبر ميناء جيهان باعتباره المصدر الرئيس لتمويل احتياجاتها من الطاقة.
ولا نريد ان ندخل في تفاصيل اخرى تتعلق بالامن القومي التركي ووجود حزب العمال التركي المعارض في شمال العراق واتهام العراق بأن انطلاقة هذا الحزب المعارض يشكل حرجا لهم، وان أي خلخلة في التوازن مع هذا الحزب هو بمثابة اطلاق رصاصة الرحمة على تركيا.. هذا من ناحية اصرار تركيا على رفض القوانين الدولية في توزيع المياه بين الدول المتشاطئة  بالرضا والتفاهم، وفي حال وجود منفذ للتفاهم فلا بأس ان تقوم الحكومة العراقية بإعطاء الجانب التركي تخفيضا في اسعار النفط المباع لها اسوة بالشقيقة الاردن وزيادة حجم الصادرات التركية ومضايقة حزب العمال للحد من أي نشاط له في المنطقة، وهي اجراءات حتما ستكون اكثر ضمانا لتبادل المصالح المشتركة والعيش ضمن هذه البقعة من العالم بأمن وسلام ووئام، خاصة ان العراق تربطه بتركيا علاقات تاريخية تمتد الى آلاف السنين وهي المتنفس للعراقين بالسياحة التي ربما تصبح (دياحة).
 


تابعنا على
تصميم وتطوير