رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
صحافة الذكاء الاصطناعي


المشاهدات 1203
تاريخ الإضافة 2023/06/03 - 6:47 PM
آخر تحديث 2024/04/09 - 10:01 AM

تستعد الصحف العالمية وبعض العربية للصعود إلى الزمن الذكي، بضخ استثمارات كبيرة، لتطوير صُحفها مواكبة للتطورات العصرية.. وقد أثار هذا الإعلان، فضول الكثيرين لمعرفة الجديد المبهر الذي سيحمله الغد المُبشر بإبداع العقول البشرية وهي تتفوق في مجال الصحافة بتسخير العقول الآلية، لخلق عالم صحفي جديد يعيد للصحافة مكانتها التي تَوجَت بها السنوات الأولى للقرن الماضي؛ وذلك قبل زمن المذياع والتلفزيون، ليخبو مجد الكلمة المطبوعة أمام الصوت والصورة..
الغد الواعد للصحافة يُبشر بأنها ستكون المنبر الأهم في ساحة إعلام الذكاء الاصطناعي.
عربياً كانت صحيفة «إيلاف» الإلكترونية، قد أعلنت دخولها في استثمارات كبيرة في هذا المجال. وعالمياً كانت (بلومبيرغ) تسبق لتقدم تجربتها في الاستثمار في صحافة الذكاء الاصطناعي داخل غرف الأخبار وفي البيانات. من هنا نجد أن التكنولوجيا تخدم العديد من المؤسسات الصحفية والإعلامية في المنطقة والعالم، ونجد أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تسهم بشكل متقن في تطوير منظومة العمل الإخباري؛ حيث الهدف من دخول التقنيات لغرف الأخبار، هو القيام بالمهام اليومية الروتينية من خلال الخوارزميات، ليتفرغ الصحفي لأداء دوره الحقيقي في التحليل والتعمق والاستسقاء بشكل أكثر في الأحداث والأخبار العاجلة.
الواقع هنا يشير إلى أن الاستثمار في صحافة الذكاء الاصطناعي، يجب أن يبدأ بالاستثمار في (الصحفي) نفسه، لأنه من دون تدخل الصحفي لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يوصل الأخبار التي تأتي كسرد آلي دون حياة أو روح إنسانية تجيد تحليل الخبر. إذن الذكاء الاصطناعي في الصحافة الحديثة يأتي لتسهيل العمل الصحفي، وليس لإلغاء دور الصحفيين.
إن صحافة الذكاء الاصطناعي لا شك ستخلق ثورة في صناعة الإعلام، لن تكون هناك أية حدود جغرافية ولا قانونية ولا أية قيود، والأهم متعة الوصول إليها ستتخذ شكلاً جذاباً تجعل المُتلقي يهجر كل وسائل الإعلام الأخرى مكتفياً بالصحيفة التي تأتي إليه بثوبها الجديد مُشكلة نقلة نوعية ذكية وقادرة على جعل الصحيفة متعة حقيقية، وعلى سبيل المثال: التفاعل المباشر؛ حيث سيكون المتلقي هو الحكم، وهو من يقرر صلاحية هذه المادة أو عدمها، بعد أن تتراكم لديه الخبرة الكافية؛ وذلك بعد فترة لن تطول يستطيع عبرها الفصل، واتخاذ القرار.
من المتوقع أن هذا الأمر سيخلق منافسة بين المؤسسات الصحفية والإعلامية المختلفة.. وسيكون الرابح فيها من يمكن أن نسميه (قناص الفرص) السبّاق إلى تبني التقنيات الحديثة، وطبعاً تفوز بها المؤسسات المُمولة حكومياً أو من قبل جهات خاصة ترى مستقبلها واضحاً وضوح الشمس، فتعمل في حاضرها لغدها القريب بطموح الواثق من بلوغ الصدارة.
إن الاستثمار في الصحافة الذكية يمكّن من تعزيز جودة الخدمات التي تقدمها للجمهور، ويجعل الأخبار أكثر اتساقاً ودقة، كما يسهم في خلق منتجات إعلامية جديدة ومتطورة كالنشرات الإخبارية التلقائية والقصص الصحفية الأتوماتيكية، وأضف إلى ذلك تقنيات استخدام الصوت والفيديو، خاصة إذا ما تم دعمها بتقنية (الميتافيرس) التي تسمح للمتلقي بمعايشة الحدث وكأنه داخله، ما يعزز تفاعله وإحساسه به. هذا إضافة إلى إتاحة الفرصة للمتلقي بأن يشارك في حضور المباريات الرياضية والمؤتمرات والندوات من داخل القاعات نفسها. وهكذا يعدنا الغد بتقديم الأخبار الصحفية بطريقة ثلاثية الأبعاد، يتيح فيها الصحفي إمكانية التفاعل من خلال إنشاء عالم افترضي ملموس.. كل تلك الوعود هي مجال استثماري مهم في جذب الجمهور الى الصحافة في زمنها الجديد.
ولا ننسى سحر الروبوت (المذيعة) التي ستطل على القرّاء لتقدم لهم موجز الأخبار والمقالات وتخيرهم بين الاستماع إليها أو قراءتها.. وتقوم بالرد المباشر على أسئلتهم وتحاورهم ما يخلق عالماً جديداً من التفاعل الذكي.. كان الكاتب جوزيف كاثادال في كتابه «صعود الذكاء الاصطناعي في الصحافة» يرى أن هذه التقنيات الحديثة حولّت جمع وإيصال الأخبار إلى شيء أكثر كفاءة ودقة، لكنه لا يغفل النواحي السلبية وأهمها خطر الاعتماد على الذكاء الاصطناعي وخطر الخوارزميات المتحيزة، (بسبب البيانات التي تعبّر عن توجه مطورها) والسبب الآخر فقدان بعض الوظائف الصحفية. لكننا نجد هنا دوراً مهماً للصحفي في التدقيق وتصحيح البيانات الآلية لتُعبر عن توجه صحفها وليس مطورها. إن كتاب «صعود الذكاء الاصطناعي في الصحافة» يقدم لمحة شاملة عن التأثير الثوري لهذه التقنية والتحديات والفرص الكبيرة الواعدة.
صحافة الذكاء الاصطناعي دعوة للاستثمار في التقنية والإنسان معاً، لتتفوق في تميزها كصوت للخبر الإنساني.. وإن بتقنية ذكاء آلي.


تابعنا على
تصميم وتطوير