قبل 51 عاماً، وفي مثل هذا اليوم الأول من شهر حزيران/ 1972، أعلن العراقُ تأميم نفطه، وكانت هذه الخطوة بدايةَ نهاية السيطرة والاحتكارات الأجنبية على نفطية البلاد.
وقد بدأت الدولةُ العراقيّة في حينها بمحاولاتِ تأميم نفطها منذ بداية الستينيات من القرن العشرين، حتى عام 1972، بعد أن رفضت الشركاتُ الأجنبيّة طلبَ العراق المساهمة بنسبةٍ محددةٍ، والمشاركة في تطوير الإنتاج.
استطاع العراقُ السيطرةَ على صناعةِ النفط تدريجياً من شركاتِ النفط الدوليّة من خلال عملية بدأت في عام ١٩٦١ وانتهت في عام ١٩٧٥ مع تأميمٍ كاملٍ لجميع الأصول والإنتاج في البلاد.
وأيدت أوبك (OPEC) تأييداً كاملاً لاستيلاءِ العراق على شركة نفط العراق (IPC) (اتحاد الشركات الأجنبية)، فيما عرضت تقديمَ القروض للمساعدةِ في تلبية النقص في العملات الأجنبيّة والناجم عن خسارةِ العائدات من شركة نفط العراق.
وفي عام ١٩٧٣ تمت تسويةُ النزاع بين العراق وشركة نفط العراق (اتحاد الشركات الأجنبية)، حيث وافقت الشركةُ على دفع نحو ٣٥٠ مليون دولار كتعويضٍ عن العائدات المفقودة للعراق على مدى السنوات، عندما كانت شركة نفط العراق تقومُ ببيع النفط العراقيّ.
وفي المقابل وافقت الحكومةُ العراقيّة على تزويد الشركة بـ١٥ مليون طن من نفط كركوك الخام مجاناً، والتي تقدر قيمتها في حينها بأكثر من ٣٠٠ مليون دولار، وذلك ضمن التسويةِ النهائيّة بين الطرفين.
قانونُ تأميم النفط جاءَ نتيجةِ ردة فعل لتعنُّتِ الشركات العالميّة التي رفضت تغييرَ عقود بنود الامتياز، وزيادة نسبة العراق في الإنتاج، والتدخل أكثر للسيطرةِ على صناعة البلد النفطيّة، الأمرُ الذي دفع الرئيسَ العراقيّ آنذاك (أحمد حسن البكر) لإصدار قانون التأميم الذي كان بمثابة مجازفةٍ اقتصاديةٍ وسياسية.
ويرى خبراءُ نفط أن التأميم قد أسهم في إنعاشِ الحياة الاقتصاديّة للبلاد، لاسيما خلال فترة السبعينيات، واستمر هذا الإنعاشُ حتى حصار التسعينيات، وبعد الاحتلال الأمريكيّ للعراق في 2003 تغيرت الأوضاعُ وعادت المعاناةُ في البلد من جديد.
أقول .. بعد أكثر من نصف قرن على تأميم النفط العراقيّ، والعراق حالياً ثاني أكبر دولة منتجة للنفط الخام بين دول منظمة «أوبك»، بعد السعوديّة، وفي ظل الظروف التي يعشها العراق حاليا، أعتقدُ أنه بالإمكان دراسة وضع المواطن الاقتصادي من قبل الدولة وأصحاب الشأن فيها، والتفكير بجديةٍ لإعطاءِ حصةٍ من النفط لكل مواطن عراقي، وبالإمكان تحديد الفئات المشمولة.
بمعنى، إنه بتحديد الفئات المشمولة نستطيع أن نحولَ طموحَ المواطن الى واقعٍ ملموسٍ، وإن بتحديد هذه الفئات ستكون الحصةُ التي ستوزع محدودةً، قياساً إلى إعطاء حصةٍ لكل المواطنين في البلد.
وإن من بين هذه الفئات المشمولة «كبار السن، والمواطنون ممن يعيشون تحت خط الفقر، والأيتام، والأرامل والمطلقات، والمتعففون، والمرضى بالأمراض المزمنة والخطيرة، وطلبة الإعداديّة والجامعات، والعاطلين عن العمل «.
وقد يعمم المشروعُ لجميع المواطنين في المستقبل، إذا ما كانت هناك رغبةٌ حقيقية للسير في هذا المشروع.
نعم.. عرف العراقيون النفطَ منذ مئات السنين، وفي العصر الحديث كان العراقُ من أوائل الدول التي اكتشفت فيها آبار نفطية، ومع ذلك تفتقر البلادُ اليوم الى مؤشراتِ الرخاء المعيشيّ والنمو الاقتصاديّ والتطور العمراني.
وفي الختام.. النفط هو المصدر الرئيس الوحيد لتمويل خزينةِ الدولة العراقيّة، ويبلغ احتياطي العراق من النفط وفق المنصات العالميّة المتخصصة أكثر من 140 مليار برميل، وبينما ينتج العراق حاليًا أكثر من 4 ملايين برميل يوميًا، بإمكان الدولة العراقيّة تطوير الصناعة والزراعة والتجارة، وإنشاء المشاريع العملاقة في البلد من خلال الاستثمار الناجح، لتقليلها الاعتماد على النفط كمصدرٍ رئيسي لتمويل خزينتها.