رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
الموازنة والـ «يك حساب»


المشاهدات 1187
تاريخ الإضافة 2023/05/30 - 9:12 PM
آخر تحديث 2024/04/20 - 7:38 AM

في النصف الأول من كل عام ننشغل بسؤال يومي يتكرر على مدى ستة شهور على الأقل هو.. متى تقر الموازنة؟. كل شيء يتوقف على الموازنة من المشاريع الكبرى «الطرق، الجسور، الموانئ» الى المشاريع الصغرى «اللي يريد يتزوج يقول بعد الموازنة، اللي يريد يشتري ديشيرت يؤجله الى مابعد اقرار الموزانة، اللي يريد يروح للحلاق يفضل بعد الموازنة» وهكذا. قد تبدو المقاربة كاريكاتيرية لكنها الأقرب للواقع في كثير من الحالات والجوانب. فمشاريع الدولة الكبيرة ومن بينها المشاريع المتلكئة منذ زمن علي جودت الأيوبي وعبد الوهاب مرجان (ملينة من الحديث عن نوري السعيد وصالح جبر عند المقارنة قلنا نغير شوي) تحتاج بالفعل الى أموال لكي يتم البدء بماهو جديد منها.. شبه الكاملة والناقصة أو المنقوصة. أما المشاريع الصغيرة بمن فيها هموم المواطن اليومية فإن مقاربة الزواج والتيشيرت والحلاق فهي ليست بعيدة عن أسئلة المواطنين اليومية ومنها مانواجهه نحن الكتاب أو المحليين او النخب مثلما يطلق علينا أحيانا من قبل المواطن الكريم.
ففي الدواوين التي نحضرها أو في الشارع أحيانا أو في محلات أو مولات التسوق وما اكثرها في مدننا وأحيائنا الشعبية كثيرا ما نواجه هذا السؤال .. متى تقر الموازنة؟ أحيانا يجيب المواطن قبل أن نجيب. وبعضهم يتحدث بالإقتصاد أفضل من كثير من محللينا، وبعضهم يتحدث في السياسة أفضل من غالبية محللينا وفي مقدمتهم كاتب هذه السطور. على صعيد الموازنة نحن إستثناء. ففي كل دول العالم بمن في ذلك الديمقراطية منها لا أحد ينشغل بالموازنة مثلما ننشغل نحن. لافرق في ذلك بين من هو منهمك بالشأن السياسي العام أو الشأن التجاري العام أو من ربة المنزل التي تنشغل من «طلعتها لغيبتها» بهموم البيت ومشاكله. لا أعتقد أن مشاريع إيلون ماسك أو مارك زوكربيرغ وقبلهم كبيرهم الذي علمهم الثراء بيل غيتس ينتظرون متى يقر الكونغرس الأميركي الموازنة حتى ينفذوا مشاريعهم. الأمر نفسه ينطبق على كبار رجال الأعمال والمال في العالم فضلا عن المواطنين العاديين. 
الموازنة في العالم لاتتصل بحياة الناس اليومية. الوظائف وفرص العمل والمشاريع وتسليم أموال الحنطة والشعير ومشاريع تنمية الأقاليم والبترودولار وتثبيت أصحاب العقود بمن في ذلك المفسوخة عقودهم الذين لا نعرف من فسخ عقودهم. ولماذا فسخت عقودهم وماهو القرار 315. في العالم المتقدم والمتأخر لاتوجد مثل هذه «السوالف» بشأن الموازنة. الموازنة عندهم هي شغل الدولة وأجهزتها الإدارية والمالية والرقابية. لماذا؟ لأن في معظم تلك الدول لايرتبط زواج المواطن او شرائه سيارة سايبا حتى لو «نص ردن» بالموازنة. في دول العالم لا علاقة للمشاريع الكبرى والصغرى بإقرار موازنة الدولة من عدمها لأن الإنفاق ليس من الدولة أو الحكومة بل هي مشاريع إستثمارية أو قطاع خاص يمول نفسه بنفسه. الدولة تأخذ حصتها عبر الضرائب والرسوم والتسهيلات وهو ما يجعل وارادتها تتضاعف وتتحول الى إستثمارات وصناديق سيادية أو صناديق أجيال. الأمر كذلك على صعيد حاجيات المواطن اليومية بمن في ذلك شراء سيارة. لا يهم إن كانت ليكزس أو سايبا. فالمواطن في تلك الدول يشتري السيارة أو عقار إما بسلفة أو ضمانة مصرفية. عندنا لايستطيع المصرف تسليفك دينارا واحدا ما لم تقر الموازنة. بل أحيانا حتى عندما تقر الموازنة تحتاج لشهر أو شهرين لمراجعة حتى تنشر تعليمات صرف الموازنة. ولما كانت الموازنة لا تقر إلا بعد إنقضاء ستة شهور من السنة (حصلت سنوات لم تقر فيها الموازنة ولم نقل للحكومات على عينك حاجب) ولم تظهر تعليماتها إلا بعد شهر او شهرين فإن ما يتبقى من السنة لم يعد أمرا ضروريا بين أن تقر أو لا تقر.. بل يصبح إقرارها من عدمه .. يك حساب.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير