رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
سادة الأبراج العاجية...


المشاهدات 1179
تاريخ الإضافة 2023/05/28 - 7:35 PM
آخر تحديث 2024/04/18 - 8:39 PM

تصدرت مصطلحات ومفاهيم معينة وسائل التواصل الاجتماعي في هذه الفترة التي ينشغل فيها العالم كله وليس العراق فحسب، بهذه الوسائل الجاذبة لكثير من الأشياء والقيم والطاردة لمثلها في تناغم غريب يكاد يجمع بين الحقيقة والواقع.. فما تردد وما تصدر مما يلفت الأنظار مصطلح عصر التفاهة وبعضهم أطلق عليها نظرية التفاهة، وهناك مصطلح آخر هو عصر الجهل أو تعمد التجهيل، أي نشر (ثقافة) الجهل والعلم السطحي بين فئات الناس عامة و(المتعلمين) خاصة... 
ومن محاسن الأقدار أو ربما من مساوئها أن يتفق الإثنان معاً: التفاهة والتجهيل على وجود من يعمل في الخفاء ليلاً ونهاراً على إشاعة هذين المفهومين بين الشعوب، لغرض السيطرة على عقولهم وتوجيه إراداتهم وفق ما يريده هؤلاء، حتى تأتي اللحظة المناسبة التي يصبح فيها عامة الناس راكضون وراء تفاهات وجهالات لا خلاص منها أبداً، فالتفاهة أن يبحث الناس عن ما يشغلهم ويضيع وقتهم في أمور بعيدة عن تحسين حياتهم التي هي أصلا متعبة وبحاجة الى جدية وثبات واصرار على النجاح... من التفاهة ان لا يرى الإنسان مشاكله الحقيقية أو ما يعيق تفكيره ومستقبله لصالح هوايات واهتمامات لا فائدة منها بل ضياع للعمر والوقت والمال، من التفاهة أن يحقق (الآخرون) الذين يرون أنفسهم سادة العالم ونحن عبيدهم النجاح والرفاه والسعادة وغير ذلك من أمور ، بينما يغرق البقية في متاهات من الضياع والثمالة والخرف الى درجة لا تصدق... 
وأما تجهيل المجتمعات فمنهج معمول به منذ فرعون الذي طغا في البلاد فأكثر فيها الفساد، والذي ( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ ) فنشر بينهم الجهالة وعاملهم بذلك، وما زال هذا النهج الفرعوني مستمراَ، حتى ( إنهم) بهدف تجهيل الشعوب ينشرون بينهم هوايات تافهة، وعلوم ليست مما يحتاجه الناس ومعارف هي في ظاهرها كذلك الا إنها في الحقيقة مجرد جهل متراكم لا يحصد منه الإنسان أو ( المتعلم) شيئا!!! ودليلنا في ذلك مئات آلاف الخريجين في مختلف بلداننا التي أبتليت بفراعنة العصر، ممن يحمل شهادة في الهندسة إلّا إنه ليس مهندساً!!! وممن تخرج في كليات الطب، إلّا إنه لا يفرق بين المرض والشفاء، وممن قضى شطراَ من شبابه في دراسة القانون، فلما نزل الى أرض الواقع اكتشف إن كل ما درسه رموزا غامضة لم يعد يفهمها!!! 
هؤلاء من السادة ذوي الأبراج العاجية التي تصلنا شرورهم ولا نراهم، يفتعلون الأزمات في حياتنا حتى إذا انشغلنا بها وأكلنا الهم والقلق من جرائها، انفرجت فجأة على أيديهم، فتصورنا إنهم أبطال الأزمة، أو إنهم (سوبرمانات) العصور!!! بينما الحقيقة إنها افتعال لمواقف وأزمات ليس لها صلة بواقع الأمر: فنقص في الغاز، او شحة في الكهرباء، أو لا توجد أوليات لوثائق ما، أو عدم إقرار قانون ما او انتظار بناء جسر مشاة يحل معضلة!!! ومثل هذه الجهالات والتفاهات التي هي حاجات من بديهيات حقوق الإنسان من جهة، ومن أولى واجبات ومسؤوليات الحكومات من جهة أخرى... فما أوضح التفاهة ولكن ليس هناك من ينبهنا إليها، وما أبين الجهالة ولكن لا حياة لمن ينادي أو ينادى!!!!   
 


تابعنا على
تصميم وتطوير