رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
من ذاكرة الإذاعة والتلفزيون.....أدباء وإعلاميون معاصرون تحدثوا عن مسيرته .....الزوراء تستذكر كبير المذيعين والصحفي الراحل حافظ القباني


المشاهدات 1430
تاريخ الإضافة 2023/05/02 - 8:54 PM
آخر تحديث 2024/04/15 - 6:53 PM

عندما نستذكر المذيع الراحل حافظ القباني فإننا لا نستذكر مذيعا فقط وإنما نستذكر استاذا للمذيعين واستاذا للعاملين أيضا .
القباني رغم انه من مجموعة المذيعين القدماء جدا وسبق الكثيرين لكنه حمل الكثير من المواصفات والامكانيات، فهو استاذ محاضر وهو مؤلف للكثير من الدراسات وهو صحفي متمكن، بل وكان مذيع المناسبات الرسمية الكبرى في البلاد.. اقام الكثير من المحاضرات في علم الاذاعة والتلفزيون وكنت واحدا ممن تلقوا الكثير من الدروس على يده في معهد التدريب الاذاعي والتلفزيون في حياته ...
 

 

حافظ القباني كبير المذيعين
منذ ان كنا منتسبين للاذاعة والتلفزيون ولحد الآن نقرأ ونسمع الكثير من التسميات تم اطلاقها على بعض المذيعين فلقد لقب الراحل غازي فيصل بشيخ المذيعين ولقب نهاد نجيب رحمة الله على روحه بشيخ المذيعين ولقب راحلنا حافظ القباني ومحمد علي كريم بكبير المذيعين ولقب اخرين بتسميات وصفات كثيرة منها لقب ايقونة الاذاعة وهذا ما سميت به المذيعة القديرة امل المدرس، فمن اين جاءت تلك التسميات ولماذا اطلقت على بعضهم ؟
هو ما تؤكده مسيرتهم الطويلة ومستوى ابداعاتهم في الصوت واللغة والثقافة والمواقف وحرصهم الشديد على تقديم ما يعجب المشاهد والسامع اضافة الى توليهم المناصب وكل هذا وغيره من القناعات جعلت المنتسبين وربما يشاركهم المشاهد والسامع والقاريء وكان من بينهم ومن ابرزهم الاستاذ الراحل القباني كبير المذيعين .
السيرة والبدايات 
حافظ أحمد القباني، مذيع وصحفي واعلامي عراقي، اشتهر بعنوان كبير المذيعين، ولد في بغداد عام 1926م، من عائلة بغدادية كانت تسكن منطقة المربعة في شارع الرشيد وتمتهن مهنة القبانة ومنها اكتسب اللقب، وأكمل دراسته الابتدائية والثانوية في مدارس بغداد، وسافر إلى الإتحاد السوفيتي وحصل على شهادة ماجستير في القانون في أوائل عقد الستينات من القرن العشرين.0 مارس مهنة الصحافة مبكراً فعمل كرئيس تحرير لعدد من الصحف العراقية ومنها صحيفة الشعب، وصحيفة النديم، وصحيفة البلاد، وصحيفة الشرق.. وكان رياضياً مشهوراً وحصل على الجائزة الأولى في الفروسية. ولقد اقترن اسمه بالإعلامية العراقية أمل القباني التي رافقته وساندته ووقفت معهُ في سنواتهِ الأخيرة بعد أن فقد بصره، وساعدته على تأليف كتاب عن تجربتهِ في العمل بالتلفزيون بعنوان (التجربة العائمة، تحليل وذكريات)، توفى حافظ القباني في بغداد عام 2004م.
كثيرا ما اكدنا في العديد من المقابلات والمحاضرات ان المذيع سيبقى مذيعا قارئا لنشرة الاخبار فقط إذا ما بقي على حاله دون تطوير لنفسه من حيث الثقافة العامة والقدرة على الحوار الاعلامي الناحج والاعتماد على نفسه في اقامة الحوارات التلقائية واعداد البرامج المختلفة وتقديم المحاضرات المختلفة في مجال اللغة والصوت والاداء والثقافة العامة. 
أما المذيع الذي امتلك المواصفات المذكرة فقد وصل الى مراحل الشهرة وتبوء المسؤوليات الكبيرة ولنا شواهد كثيرة في هذا المجال فمنهم من صار مديرا عاما ومديرا لمؤسسة وكاتبا وصحفيا واديبا ومقدما جيدا للبرامج وهذا ما وجدناها في راحلنا القباني الذي طور نفسه فكان مذيعا متمكنا وصحفيا واديبا تشهد له الصحافة والاعلام بالكثير من المحاضرات وتأليف الدراسات الاعلامية  فالقباني مثلا عمل  مبكرا في مجال الصحافة وترأس تحرير بعض من الصحف العراقية كصحيفة الشعب، وصحيفة الشرق، وصحيفة النديم، وصحيفة البلاد. وكان متزوجا من مذيعة قديرة وإعلامية كفاءة هي الدكتورة الراحلة امل القباني  التي كانت رفيقة له في حياته وخاصة عندما فقد بصره بل وساعدته في اتمام وانجاز مؤلفاته وكتاباته الصحفية والادبية فكانت خير معين له رحمة الله على روحها الطيبة .
القباني كاتبا وصحفيا وإعلاميا
شهدت له صحف العراق انذاك نشر العديد من المقالات والحوارات الصحفية وكان من أوائل مقالاته المنشورة في مجلة رسائل اخوان الصفا التي كان يصدرها ويشرف عليها الراحل الخطاط العراقي الكبير قاسم الخطاط في الأربعينيات، كما شهدت له الصحف المصرية مقالات اخرى عن فيلم القاهرة بغداد.
أما عن عمله معنا في دائرة الاذاعة والتلفزيون فقد انتسب الى الدائرة سنة 46 وقيل انه انتسب الى الاذاعة والتلفزيون اولا كممثل في فرقة القباني ثم عمل مع الممثل الكبير الراحل خليل شوقي . 
وفي سنة 48 عمل في الإذاعة مذيعاً ولم يبق على عمله كمذيع لنشرات الاخبار بل قدم العديد من البرامج كما اخرجها ولما استمر لفترات طويلة وتمكن من ادواته جيدا اتصل ببعض الاذاعات العربية كإذاعة القدس وصوت العرب والشرق الادنى وعمل على استخدام الهاتف الارضي في اجراء حواراته مع المثقفين والمتميزين وعلى الهواء وبدون تسجيل مسبق .
القباني معدا ومقدما للبرامج
لم اكن منتسبا لدائرة الاذاعة والتلفزيون عام 48 لأشهد ما كان القباني يقدمه ويعده من برامج لكنني كواحد من المنسبين الذين خضوعوا الى دورات اذاعية والى محاضرات لراحلنا الذي كان يحدثنا عن عمله في ستينيات القرن الماضي فيقول انه عمل في تلفزيون العراق واعد وقدم بعض البرامج منها برنامج سؤال وأغنية، وبرنامج صح المثل، وبرنامج 10 دقائق وبرنامج القصخون.. ولانه كان متميزا في قدراته الاذاعية والتلفزيونية والثقافية لذا جلب انتباه المسؤولين انذاك ليكلف بمنصب مهم وهو مهمة تأسيس معهد التدريب الإذاعي في بغداد انذاك ، واشرف في حينها  على المناهج الدراسية والدورات الاذاعية في المعهد.. ولكونه يحمل شهادة الماجستير فقد تولى تقديم محاضرات عن العمل الإذاعي في كلية الآداب ،  وفي كلية الفنون الجميلة كما عمل في اذاعات خارجية ومنها اذاعة باكو في اذربيجان والّف العديد من الكتب الخاصة بالاعلام ومنها كتاب الريبورتاج الاذاعي والتجربة العائمة ثم توفي رحمة الله على روحه عام 2004 ليخلف من بعده ارثا ثقافيا وسيرة رائعة في الاعلام الملتزم.. بما ان مستهدفنا في ذاكرة هذا الاسبوع هو من الراحيلن، لذا يجب علينا ان نستقرئ اراء بعض من عاصروا راحلنا من ادباء وكتاب واعلاميين كان منهم :
الكاتب والصحفي زيد الحلي
ابا ايناس ، حافظ القباني ، ظاهرة  اعلامية  شاسعة المدى ، صاحب  فكر مختمر بالتجارب ، فكر ناضج ، فكر حيوي، يستشرق آفاق الاعلام المستقبلية ، وله قدرة  عجيبة على اكتشاف  المجاهيل التي  تعترض مسارات المجتمع  والحياة،  وحين استحضر اسم المبدع الكبير حافظ القباني  فإنني استحضر اصالة  متجددة ً وحيوية عالية المستوى ، قلّ مثيلها .. ففي الصحافة كان دوره بارزا من خلال عموده الاشهر في صحيفة « الشعب» قبل ثورة 14 تموز  والذي كان يوقعه بـ ( العم حق ) الى جانب منجزاته الثقافية والاذاعية الممتدة منذ العام 1948 وحتى وفاته في العام 2004 .
وهنا ، اشير الى خصلة الوفاء التي ميزته من خلال واقعة كنتُ (بطلها) ففي احد صباحات  سنة  1971 ، جمعتنا جلسة افطار في « حانوت ابو شوقي « رحمه الله ، داخل مبنى الاذاعة والتلفزيون ، بعد ان انتهى والسيدة الفاضلة زوجته  المذيعة امل قباني من قراءة برنامجي الصباحي « شريط الصحافة»  الذي كنتُ اعده  لإذاعة « صوت الجماهير» .. كان الحديث يدور حول الصحافة ، والاذاعة وما حولهما ، ثم قال ( اريد ان اعد برنامجا للإذاعة ، وحائر بإيجاد فكرة غير مطروقة ، واسم غير مطروق ) .. وبعد نقاشات بيننا ، اقترحتُ شخصيا ان يسمي برنامجه المعهود باسم ( صفحات ) ويكون مفتوحا ومستوعبا كل الافكار ، ووجدتُ عنده استحسانا للفكرة ، بل لمستُ اندفاعا  منه لتنفيذها .. فالاسم غير مطروق والفكرة غير مطروقة.. وعند هذا الحد ، افترقنا على امل اللقاء في فجر اليوم التالي مع « شريط الصحافة «..
مضى نحو شهر على ذلك اللقاء .. وفي مساء يوم سبت ، بدأت اذاعة « صوت الجماهير»  بث برنامج بعنوان ( 3 صفحات ) من اعداد وتقديم : حافظ القباني وامل القباني .. وإذا بيّ استمع في مفتتح الصفحة الاولى من البرنامج ، بعد الترحيب بالمستمعين ، الى ذكر اسمي ، باعتباري صاحب فكرة البرنامج ، ويقدم اعتذارا غير مسبوق لي بالقول انه اختار عنوان (3 صفحات) للبرنامج بدل عنوان ( صفحات ) كي يتناول في كل حلقة ثلاث موضوعات فقط ، بشكل مركز الخ.. كانت التفاتة مهمة من الكبير حافظ القباني ، وعنوانا بارزا لمعنى كلمة ( الوفاء) ... رحمه الله .
الكاتب والصحفي عبد الجبار العتابي 
  حافظ القباني .. اذاعي قدير ، تاريخ حافل بالكثير من الاحداث والاسماء، وهو ذاكرة الاذاعة والتلفزيون الذي له كتاب في ذلك طبع بعد وفاته ، لكنه لم ينل حظا من الشهرة ولا القراءة لكنه محفوظ للتاريخ في ثنايا المكتبة الوطنية .
  زرته في العام 2002 في بيته في حي الخضراء ببغداد ، كان متوجسا لولا ابنته ايناس الاعلامية المعروفة ، حينها قال لي : في قلبي هموم واسرار اخشى ان اظهرها للعلن، لا استطيع ان اكتبها خوفا على إبنتيّ وكنت قد خبأتها في صدور بعض اصدقائي لكنهم رحلوا عن الدنيا ورحلت معهم.
حاولت معه كثيرا لكنه كان يتأفف ويتوجع ، واستطعت ان انتزع منه اجابات مفيدة في حوار موسع عن حياته نشرته في جريدة الجمهورية في شهر شباط من العام 2002 .
هذا الرجل يمتلك مواهب عديدة مثلما يمتلك اسفارا وقدرات مكنته ان يكون من المشاهير الذين ذاع صيتهم واحتفى الناس بما قدموه، فهو كاتب وشاعر وهو من اطلق اغنية (هله يا ام عبد) من الاذاعة ومن ثم اقترح ان تغنيها فرقة الانشاد فغنتها بالفعل وطارت شهرتها.. يمكنني ان اقول إن اسمه الكامل هو : عبد الحافظ  احمد حافظ الربيعي القباني من مواليد 1927 ببغداد في منطقة المربعة، جاءه لقب القباني من مهنة جده الكبير الحاج جاسم الذي عاش في القرن التاسع عشر وكان يعمل (قبانجي) للمحاصيل الزراعية ومن ثم الحديد والخشب، وإنه اختار ان تكون مذيعا لانه سمع.. فأعجبه ما سمعت منذ ان افتتحت الاذاعة  وقد جلب لهم والده مذياعا (عام 1936) فكان يسمع الغناء ويسمع ما يقوله المذيع، وكان فيها اثنان هما: حسين الكيلاني ويونس بحري، فانفتحت اذنه و(عينه) على الاذاعة وصارت تراوده مشاعر ان الناس عندما سيكون مذيعا سيعجبون به ، وهذا ما عمل عليه على الرغم من انه لم يدخل المدرسة بعد ، لكنه اصطدم بحقيقة هي ان لديه عقدة في لسانه، فحيث كان يقلب حرف الكاف الى تاء، كركوك تكون (ترتوت) وظل هذا معه طويلا، وفي المدرسة كان الطلاب يضحكون كلما قلب الكاف تاء ويتحول الصف الى مسرح ضاحك، حتى تعقد نفسيا وصار لا يتكلم في الصف حتى اذا سأله المعلم، لكنه قررت مع نفسه ان يقوم بتحد عنيف، وبعد سنوات تخلص من هذه العقدة، لكنه يضحك ويقول لي (ومن الطريف انني وفي هذا العمر عندما اتحدث بالعامية تظهر العقدة عندي، تلك العقدة ويصبح الكاف تاء)!.
لكنه دخل الاذاعة اول مرة ممثلا !!، كان ذلك في العام 1947 ، وقد كانت لديه فرقة تمثيلية اسمها (فرقة القباني) تقدم تمثيلياتها في الاذاعة، قبل ان يتحول الى مذيع لانه وجده اكثر اهمية من حيث نظرة الناس واحترامهم له، رأى موقعه كمذيع افضل، وانه سيفتح امامي آفاقا واسعة ويعرفه كاذاعي .
القباني حدثني ايضا عن يوم مميز من عمره ، كان ذلك حين ورطته اذاعة (صوت العرب) بمهاجمة عبد الكريم قاسم !! عبر مقال قرأه رغما عنه ، ومنه عاد الى بغداد وتفهم قاسم ما كان واكرمه بمنصب رئيس المذيعين .
الإعلامية أمل المدرس 
يعد الاعلامي القدير حافظ القباني من المذيعين الكبار الاوائل فقد سبقنا في العمل لسنوات عديدة ويعتبر اعلاميا ناحجا لانه كان ملما بمختلف الفنون الاذاعية والتليفزيونية في الاعداد والتقديم للبرامج وكذلك لنشرات الاخبار وكذلك في الامور الاداري.
عمل المذيع القباني في سنوات سابقة، ولهذا يعتبر من المذيعين القدامى الذين عملوا في الاذاعة، واستمر بالعمل في الاذاعه الى عام 1963 بعدها غادر الى الاتحاد السوفيتي وعاد الى الاذاع في اواخر الثمانينات الى العراق وعاد الى العمل الاذاعي معدا ومذيعا وقارئا لنشرات الاخبار وكان معدا ومقدما للبرامج، وكذلك كان اداريا ناجحا، يعتبر من الاصوات الراقية والأصوات المهمة في الفن الاذاعي من ناحية الصوت والالقاء واللغة كان جيدا جدا بحيث يشار له بالبنان رحمه الله على روحه، المذيع المعروف حافظ القباني هو وزوجته امل القباني صاحب الامكانية الجيدة والمتعدد المواهب .

 


تابعنا على
تصميم وتطوير